عندما أخذ قراره بترك المحاماه والتوجه للعمل الصحفي والثقافي ربما لم يكن يدرك أنه سيكون واحدا من أعلام الثقافة المصرية والعربية، حيث انساق إلي الكتابه بفطرته ورغبته في أن يكتب فقط، فخرج علينا بإبداع متنوع بين " الشعر، المسرح، الرواية"، إنه عبدالرحمن الشرقاوي، الذي بدأت حياته وانتهت في العاشر من نوفمبر مابين عامي 1920، 1989، قدم خلال رحلة حياته مشروعا فكريا مرتكزا علي فكرة العدالة الاجتماعية ومقاومة الظلم والقوي الغاشمة المتغطرسة والإعلاء من شأن القيم الإنسانية في ذكري ميلاده ورحيله قال الكاتب وحيد حامد: إن عبدالرحمن الشرقاوي كان صاحب مشروع فكري من أهم مميزاته الثورة والتمرد علي الواقع والرغبة في تغيير الأنظمة الفاسدة من خلال ما قدمه من أعمال روائية ومسرحيات شعرية مثل روايته " الأرض "، ومسرحياته " الحسين ثائرا والحسين شهيدا "، كما أن " الشرقاوي كان صاحب رؤية سياسية اجتماعية ظهرت في أعماله، التي قدمها عن القرية المصرية، حيث كان يرى القرية من خلال كفاح أهلها في سبيل العيش مع ربط هذا الواقع المعيشي القاسي بالفساد السياسي . ومن جانبه قال الشاعر والمترجم رفعت سلام : إن الشرقاوي كان أحد رواد الشعر الجديد في الخمسينيات مع صلاح عبدالصبور من خلال عمله الشهير " رساله من أب مصري للرئيس ترومان والتي كانت من أولي القصائد التي لفتت الانتباه الي خطر الأطماع الأمريكية في عالمنا العربي. بالاضافة إلي أن الشرقاوي كان يسعي دائما في أعماله الإبداعية أن يقدم المأساة من خلال الصراع بين الفرد والقوي الغاشمة والمتغطرسة التي تريد السيطرة علية وقهره. ذكر الناقد الدكتور محمد عبدالمطلب:إن المسرحيات الشعرية للشرقاوي نجحت في تجاوز المسرح الشعري لأحمد شوقي من خلال محاولته الدائمة للتجديد الذي ظهر في مسرحيته " مأساة جميلة "، حيث رصد الواقع الجزائري في مفارقة بين الوطنيين والمستعمرين، والأماكن المفتوحه والمغلقة والمفارقة أيضا بين أماكن المدينة والجبال التي تحيط بها، وقدم لوحة في المحكمة من أروع اللوحات التي تصور مأساة هذه الفتاة، وهذه المسرحية كانت تمثل الرباط القومي العربي وأثره الواضح في الإبداع الشعري عموما والمسرحي علي وجه الخصوص . كما أشار عبدالمطلب إلى التحول الفكري الذي أصاب الشرقاوي، وهو تحوله من اليسار الي اليمين الديني موضحا " لم ألحظ تغييرا كبيرا في إبداع عبدالرحمن الشرقاوي بعد تحوله من اليسار الي اليمين لأنه حاول أن يجنب أيدولوجيته عن منتجه الإبداعي، وربما أثر هذا التحول الي حد ما علي تناوله لبعض الشخصيات الدينية مثل مسرحياته " الحسين شهيدا والحسين ثائرا " ومن جهة أخري قال الكاتب والروائي يوسف القعيد:إن الشرقاوي من أهم كتاب الواقعية، وكان الفلاح المصري والقرية قضية محورية في أغلب أعماله رصد الشرقاوي في روايته الأرض أدق التفاصيل في حياة الفلاح المصري ومأساته الأزلية للحصول علي قوت يومه مع ربط هذا الواقع المؤلم بالظروف السياسية، التي كان يعتبرها أحد أسباب قهر المواطن المصري، وعندما كتب الشرقاوي عن المدينة كان يكتب عن الشخصيات الوافدة من الريف المصري أيضا ويرسم معاناتهم في حياة المدينة الصاخبة . ولم يتفق القعيد مع الرأي، الذي يقول إن عبدالرحمن الشرقاوي تحول من اليسار إلي اليمين، حيث أكد أن الشرقاوي بدأ يساريا وانتهي يساريا أيضا، ولكن ما حدث أنه أعاد النظر في بعض المواقف. Comment *