المعارض الحكومى .. ظاهرة سياسية جديدة عرفتها مصر مع بداية عصر الانفتاح السداح مداح وديمقراطية “الحلة البرستو” وحرية الصراخ والتنفيس .. والمعادلة إياها .. إنتم تقولون ما تريدون .. ونحن نفعل ما نريد . ونجوم المعارضة الحكومية ينتمون إلى مجالات ومهن مختلفة ، وبعضهم مقرب جدا من دوائر الحكم ، بل ومن أهم دعائم النظام .. خذ عندك مثلا ” الدكتور زكريا عزمى ” رئيس ديوان رئيس الجمهورية وأقرب المقربين من الرئيس ، والذى تحول إلى نجم من نجوم معارضة النظام الحكوميين أو معارضة النظام من الداخل ، وجملته الشهيرة فى مجلس الشعب منذ سنوات عن الفساد فى المحليات .. ” الفساد فى المحليات بقى للركب ” أصبحت الآن من الجمل المأثورة التى يستوحيها كثيرون فى كتاباتهم عن الفساد .. وللدكتور زكريا معارك أخرى شهيرة مع الحكومة داخل البرلمان وخارجه ،وخصوصا بعد تصفية الاخوان والمعارضة في الانتخابات التشريعية الأخيرة. والدكتور مصطفى الفقى هو الآخر من المعارضين الحكوميين الذين اقتربوا كثيرا من رأس النظام ، وقضوا سنوات يعملون داخل المطبخ السياسى ، حيث شغل لفترة طويلة منصب سكرتير الرئيس للمعلومات ، قبل أن يترك المنصب فى ظروف مريبة ويتم إبعاده للعمل سفيرا بالنمسا ، ثم يعود مرة أخرى ليجلس على “حجر ” النظام ، ويواصل كتابات التحليل والتنظير والتبرير لكل إجراءاته وسلوكياته وطريقه حكمه ، مغلفا ذلك بغلاف من الكلمات ذات النبرة المعارضة ، ليبدو موضوعيا وهو أيضا عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى تتحدث تقاريره عن بعض الانتهاكات ويصدر توصيات لا يتم أبداً الالتفات إليها أوالعمل بها . ومن الإعلاميين لدينا محمود سعد ، الذى يمسك العصا من المنتصف ، ويعترف بأنه ملتزم بتابوهات وخطوط حمراء لا يمكنه الاقتراب منها ، لكنه يخرج مع ذلك عن الخط فى بعض الأحيان ، ويتعرض بسبب ذلك لهجوم مستمر من بعض رؤساء تحرير الجرائد والمجلات القومية ، ويحاول أن يبدو نصيراً للفقراء و”الغلابة ” ، إلا أنه غالباً ما “يلحس ” كلامه ويبطل مفعول انتقاداته فى التو واللحظة ، وقد بدأ المشاهدون يستشعرون ذلك ، ويفطنون إلى التناقض الكبير بين حواراته مع الراقصات والفنانات فى نفس الوقت الذى يقدم فيه فقرة دينية ثابتة مع الداعية المثير للجدل خالد الجندى . ولا ينافس محمود سعد فى الخداع الإعلامى سوى الطفل المعجزة عمرو الليثى الذى صعد على أكتاف والده ممدوح الليثى ، وأصبح فجأة مقدماً لأكثر من برنامج كبير فى التليفزيون المصرى ، وأكثر من فضائية عربية ، بعد أن بدأ حياته مديرا لمكتب تليفزيون ” الشرق الأوسط ” بالقاهرة ، ولم يكن قد مر على تخرجه من معهد السينما سوى سنوات قليلة عمل خلالها بالقناة الثالثة بالتليفزيون المصرى . وعندنا أيضاً المذيعة لميس الحديدى وهى بالفعل لغز محير ، فهى زوجة زعيم المعارضين التليفزيونيين”المخلوع من الاوربيت” عمرو أديب صاحب الحوارات التى تفضى إلى السجن ، فقد حاور أيمن نور وسجن ، واستدرج طلعت السادات للهجوم على القوات المسلحة واتهامها بالتآمر لقتل الرئيس الراحل السادات وبسبب تصريحاته تلك سُجن هو الآخر .. وشقيقه عماد أديب واحد من أكثر الإعلاميين العرب ثراء ، وعلاقاته بالسعوديين معروفة ، وهو الصحفى العربى الوحيد الذى حاور ” نتنياهو ” على قناة ” أوربيت ” .. واختاره الرئيس مبارك ليجرى معه أهم حواراته خلال حمله الانتخابات الرئاسية 2005. ولميس الحديدى عضو فاعل بالحزب الوطنى ، وأحد أبرز أعضاء فريق الدعاية للرئيس فى الانتخابات السابق الإشارة إليها ، وهى تستضيف المسئوليين الكبار ورجال الأعمال البارزين فى برنامجها ” من قلب مصر ” وتحاصرهم بالاسئلة المحرجة ، وتتحدث بلسان الناس .. وهى الأخرى من نوعية المعارضين الحكوميين الذين يقدمون نموذجا عصرياً شديد الخبث لخدمه النظم السلطوية المتخفين خلف قناع المعارضة .