الكتابة ماهى إلا حالة مزاجية عند الكاتب وشعور ملح ورغبة فى الكتابة ، وليست كما يستهزء البعض ويصفها بأنها وحى ، وهى ناتج عصارة الكاتب من معرفة وثقافة وخبرات مر بها على مدار حياته ، وليست كما يظن بعض الكتاب ، أنها فن إيراد الغريب من اللغة والألفاظ وملء الأسطر بالزخارف اللفظية ،حتى يجعل القارىء يشعر بأنه يقرأ لكاتب كبير .. فالقرأن الكريم الذى يعتبر القمة فى البلاغه والألفاظ والأسلوب يقدم أياته الكريمة فى وضوح تام وشفافية ، فيصل إلى قلوب الناس وعقولهم بسهولة ويسر . وكذلك معظم الكتب الناجحه لكبار الكتاب ، كانت تمتاز أيضاً بسهولة الألفاظ ووضوح المعانى والبعد عن التعقيد ، ولكن هذه البساطة ليس المقصود بها الكتابة باللغة العامية ، التى تفسد متعة القراءة لدى الكثير ، وتفقد اللغة كيانها ، وإنما البساطة التى تنقل المعانى والمفاهيم المعقدة والمستعصية فى كلمات بسيطة وواضحة ، ومن أهم الكتاب من وجهه نظرى ، الذين يمتازون بتلك البساطة ، أساتذتى : الكاتب الكبير " أسامة غريب " والمتألق دائماً " عمر طاهر " . والعنصر الأساسى فى كل أنواع الكتابة هو الفكرة ، ففى بعض الأحيان يجد الكاتب غزارة فى الأفكار " فكرة تلو الأخرى " وفى معظم الأحيان يجد صعوبة فى إيجاد الأفكار حتى لو قام يبذل مجهود فى إيجاد فكرة واحدة ، فالتدوين الوقتى للأفكار والألفاظ والملاحظات خير وسيلة حفظ للكاتب ( كما كان يفعل ابن الجوزي فى تدوين خواطره حتى جمع كتاب كامل وسماه " صيد الخاطر " )، حتى لو لم يكن لها الحاجة فى الوقت الحالى ، فسوف يكون لها قيمة فيما بعد ، فما قيمة الكاتب إلا فى رصيد مايمتلكه من أفكار وألفاظ ؟ . والإسلوب من أهم العوامل التى تميز كاتب عن أخر ، فعلى الكاتب أن يجعل لنفسه اسلوباً يمتاز به عن غيره ، بحيث اذا قرأ أحدا كتابته يعرفه من إسلوبه . والكتابة تنمو بالممارسة فهى أشبه بممارسة الرياضة ، وهى من أرقى أنواع الفنون ولابد أن يعلم الكاتب ذلك ، حتى لايستهين بها ولا يكتب قلمه إلا ما يتمناه أن يذكر له بعد رحيله ، فالكاتب يفنى ويبقى ما كتبه قلمه . فالقراءة المستمرة والإطلاع الدائم للكاتب هما بمثابة الأكسجين للإنسان ، فلا يستطيع العيش دونهما ، فهما غذائه فى الحياه الذى يعينه على الإستمرار فيها . والكاتب الجيد هو الذى يستطيع ان يمتع قارئه ، ويسافر به الى بلاد بعيدة دون أن ينقله من مجلسه . والكاتب الجيد أيضا لابد أن لايخاطب فئة معينة من القراء ، وإنما بإسلوبه ومواضيع كتاباته يصل ويجذب قطاع كبير من القراء إليه ، والتنوع فى المواضيع واجب وضرورى حتى لايشعر القارىء بالملل تجاه الكاتب ، إذا سلك طريق واحد فى الكتابة . وفى النهاية أود أن أقول أن القلم أفصح وأشجع بمراحل من اللسان ، فهو يستطيع أن يقول ما يعجز عنه اللسان . " فيا قارئ خطي لا تبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب ، ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري بالأمس كنت معك وغداً أنت معي أموت ويبقى كل ما نشرته ذكرى فياليت كل من قرأ خطى يدعو لى " Comment *