ذكرت صحيفة واشنطن بوست انه بعد وصول مرشح جماعة الاخوان المسلمين الى السلطة , فان قادة البلاد الجدد يواجهون الآن أولوية صعبة وهى أن : مصر تحتاج الى فرص عمل . وفى تقرير بعنوان " بالنسبة للحكومة المصرية الجديدة , خلق فرص عمل هى أولوية اولى " قالت الصحيفة الامريكية أن الربيع العربي قد ترك الاقتصاد المصري ممزقا بشكل كبير . فمع ملء الحشود ميدان التحرير ، فر المستثمرون الأجانب وتوقف تدفق السياح وأغلقت الشركات والأعمال التجارية . كما ارتفعت نسبة البطالة ، خصوصا بين الشباب . وتراجعت معدلات النمو وببعض التقديرات أكثر من نصف المصريين أصبحوا تحت خط الفقر . لذلك فبالنسبة للرئيس محمد مرسي ، اول رئيس منتخب بحرية في تاريخ مصر الممتد منذ الفراعنة ، يلقى عليه المصريين امال وتوقعات مرتفعة جدا فى الوقت الذى تكافح فيه مصر , التى هى أكبر بلد في العالم العربي من حيث عدد السكان , من أجل دفع فواتيرها الدولية ، كما تحركات مرسي سيتم مراقبتها عن كثب لمعرفة عما إذا كان صعود الاسلاميين سيكون أكثر حول الايديولوجية أم حول الكفاءة والتخصص . وأشارت الصحيفة أن مرسي ومستشاريه يعرفون أن المصريين يتوقعون منهم الكثير لاسيما حل مشكلة البطالة . ونقلت الصحيفة عن جهاد الحداد ، عضو في لجنة التخطيط الاقتصادي لحزب الحرية والعدالة ، قوله أن " الأزمة الاقتصادية هي على قمة أولوياتنا " ، وأضاف " تقريبا احتياطيات العملات الأجنبية للبلاد بدأت فى النفاذ . والمستثمرين الأجانب ليس لديهم ثقة في مصر . فهذه الازمة الاقتصادية هى امرا عاجلا جدا جدا ". وقالت الواشنطن بوست ان مرسي -- في المدى القصير -- يسعى جاهدا لتجنب أزمة في ميزان المدفوعات التي قد تؤدي إلى انخفاض كبير فى قيمة الجنيه المصري , مشيرة الى أن قرض المليار دولار الذى حصلت عليه مصر من بنك التنمية السعودى قد منح مصر قليلا من الوقت لتجنب وقع مثل هذه الازمة ، كما أن هناك مؤشرات على أن مرسي وصندوق النقد الدولي على وشك الاتفاق على ضخ 3.2 مليار دولار لمصر . واعتبرت الصحيفة أنه من شأن هذه الصفقة أن تكون مصدر ارتياح كبير لأولئك الذين يشعرون بالقلق من ان الجماعة الاسلامية لن تقبل الشروط الصارمة لصندوق النقد الدولي . ولكن التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولى سيساعد على جذب مزيد من التمويل الدولي الاضافي , بل , وأكثر من ذلك ، سيكون مؤشرا على رغبة وأستعداد الحكومة الجديدة أن تفعل ما يجب عليها فعله لدعم الموارد المالية . وأشارت الصحيفة الى أنه على المدى الطويل الكثير من الامور لا تزال مجهولة . فمرسي ينبغى عليه الآن أختيار حكومته ، التي من خلال أسماء اعضائها سوف يعرف المصريون عما اذا كان يستطيع الوفاء بتعهداته فى اختيار حكومة تكنوقراط بدلا من حكومة اسلامية التى يخشى الكثير من العلمانيين المصريين منها . كما أنه لا يزال غير واضحا مدى السلطة الاقتصادية التى سيكون مرسى قادرا على انتزاعها من المجلس العسكري الحاكم ، الذي الشهر الماضي حل البرلمان وانتزع مساحة ضخمة من السلطات الرئاسية ، بما في ذلك السيطرة على الميزانية . وتعليقا على ذلك قال أحمد جلال ، وهو اقتصادي سابق في البنك الدولي والمدير التنفيذي لمنتدى البحوث الاقتصادية في القاهرة , " انهم ليس لديهم مطلق الحرية " ، وأضاف " هم لديهم الجيش من جهة ، كما انهم فازوا بفرق أقل من 2 % فقط من الاصوات ". وأوضحت الواشنطن بوست أن المصريون بدأوا فى الاهتمام بالناحية الاقتصادية من خلال تحليل البرنامج الاقتصادى لحزب الحرية والعدالة والتدقيق في لاعبيه الرئيسيين . وما عرفوه هو أن حزب الحرية والعدالة ملتزم بعمق بكل من أقتصاد السوق الحر والرعاية الاجتماعية القائمة على المبادئ الاسلامية . وقال جلال " ايديولوجيا ، هم في الواقع محافظين جدا بشأن الاقتصاد والأسواق " ، واضاف " لكن لديهم شعور قوي جدا بالعدالة الاجتماعية وقلقون بشأن أولئك الناس الذين لم يحصلوا على الكثير في الماضي . لكن السؤال الحقيقي هو كيف سوف يجمعون بين الامرين ". وأشارت الصحيفة الى أن الخطط الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة ، المعروفة بأسم " مشروع النهضة " يهدف الى جذب أكثر من 200 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية ( والذى بعض النقاد يقولون انه غير واقعي ) ، ولا سيما من الاقتصادات المسلمة القوية مثل تركيا ودول الخليج العربى وماليزيا . وتابعت الصحيفة انه بالنسبة للأستثمارات المحلية ، حزب الحرية والعدالة يريد ازالة العقبات لبدء اعمال تجارية واسعة , حيث انه في ظل حكم حسني مبارك ، الذي أطيح به من السلطة في فبراير 2011 ، كان يمكن فقط للمقربين أو الجيش بدء بسهولة الأعمال التجارية . كما أن جماعة الاخوان المسلمين قالت أنها تريد أن تجعل مصر صديقة أكثر لكافة المؤسسات والمشاريع ، التي يمكن أن تعزز العمود الفقري للحركة المالية المصرية . فهناك عدد كبير من المهنيين والتجار الذين تمكنوا من تكوين ثروات على الرغم من الاضطهاد فى ظل عهد مبارك . على سبيل المثال , خيرت الشاطر ، الزعيم السياسى لجماعة الإخوان , بنى إمبراطورية تجارية على الرغم من انه كان في كثير من الأحيان يدير الأمور من زنزانة السجن وقالت ماجدة عوض الله ، نائب مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية , " انهم أظهروا القدرة على بدء وتنمية أعمال تجارية كبيرة , لذلك نحن سوف نرى كيف سيتم ترجمة ذلك فى إدارة الاقتصاد المصرى." وحول قياس مدى الكفاءة الادارية للاخوان المسلمين تشير الواشنطن بوست الى أن المصريين ينظرون الى ما قام الاخوان بأدارته من شبكة موسعة من الجمعيات الخيرية الاسلامية التي أعطتهم دعم شعبى انتخابى كبير بين الفقراء . كما انه على مدى عقود ، أدارت الجماعة عيادات صحية ومدارس وجمعيات غذائية . وأضافت الصحيفة أن شبكات الأعمال الخيرية لجماعة الإخوان المسلمين تقدم لمحات وأشارات حول كيف يمكن لحكومة ذات توجه أقتصاد السوق الحر أن تتناول الإنفاق الاجتماعي . فمرسي ومساعديه قالوا انهم يريدون أن تقوم مجموعات خاصة ودينية ببذل المزيد من الجهد لمساعدة الأكثر فقرا ، مما يترك بعض مناصري الرعاية الاجتماعية الحكومية قلقين بشأن مدى التزام الحكومة بالانفاق على الفقراء. وتختتم الواشنطن بوست تقريرها بالقول انه مهما كانت المعارك السياسة المقبلة في الديمقراطية الوليدة في مصر ، فهناك بارقة أمل وتفاؤل واضحة بشأن أن الرئيس الجديد سوف يكون بمثابة نقطة تحول اقتصادية . كما أن التحركات الاولى لمرسي والاستقرار البسيط من خلال وجود حكومة جديدة سوف يعطى مصر , التى يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة , فرصة للعودة إلى المسار الصحيح . Comment *