كيف لنقيب أن يقوم بعمل " مفرزة " لأعضاء النقابة التي يرأسها فيقول مصنفاً بلا مواربة.. " يساريون " و" فلول الحزب الوطني " وغير ذلك في مشادة على الهواء – فاتتنى للأسف – وتابعت بعض تفاصيلها على الصحافة الإليكترونية بين نقيب الصحفيين الزميل ممدوح الولي والزميل يحي قلاش سكرتير عام النقابة السابق ؟ . أمس شاركت مع زملائي في وقفة ضد ما يسمى ب " معايير " رؤساء الصحف ( القومية فى البداية ثم سنرى ) وهتفنا ضد مجلس الشورى والنقيب . فماذا كان رد فعله ؟ . يضع النقيب من أسماهم " اليساريين " فى عداء مكتوم ( يبدو ) أو استعداء واضح فى وقت يتم فيه قتل المواطنين العاديين دون ذنب أو جريرة كما رأينا فى حادثة شاب السويس على يد من يشار لهم بالسلفيين. يضع اليساريين فى سلة واحدة مع من أسماهم " الفلول ". ونحن نعلم من هم فلول الصحافة القومية ونعانى من ظلمهم من سنوات لذا ضم الفريقين فى نقد مشترك بعد إطلاق الصفتين وتوزيع "الإدانة" تلميحاً يبين عقلية النقيب فى التعامل مع الأمور خاصة حين يقول كما فعل مع قناة " العربية " : " إن المعترضين على المعايير هم رجال صفوت الشريف الذين يريدون استمرار الأوضاع على ما هى عليه " مؤكداً أنهم قلة من وجهة نظره تبدو عالية الصوت فقط بينما الأغلبية المؤدبة الملتزمة تؤيد ما وصفه بأمل كل صحفي فى أن يكون رئيساً للتحرير . ظاهر حجة الولى الأخيرة حق يراد به باطل لأن فكرة وضع معايير لاستحقاق رئاسة تحرير صحف مملوكة للدولة شاذة جدا خاصة لو عرفنا ما هذه المعايير. وحيث أن الثورة نفسها التي قامت في 25 يناير لم تضع معايير لكافة مؤسسات الدولة بغية تطهيرها رغم أن هناك معايير ثورية مُضمرة ، يكون استثناء الصحافة القومية وبعد فوز حزب الحرية والعدالة برئاسة البلد أمراً يمكن بل يجوز تحميله وتأويله على نحو سياسى . الثورات دائما لها معايير بالتأكيد وتستهدف التطهير ولا تنجح بدونه لكن أيضا – أى قضية المعايير وخاصة غير الثورية – هى ابنة الدولة الشمولية بامتياز. فإذا رأينا أن من المعايير - المدرسية تماما - مستوى اللغة العربية لرئيس التحرير تتكشف لنا خطة خبيثة لتقديم عناصر صحفية قريبة فقط أو منضوية حزبياً فى اتجاهات سياسية معاكسة لمن وصفهم النقيب باليساريين .. هكذا كأنا يشتمهم - وأقصد اليمينيين وحزب الحرية والعدالة وربما بعدهما أو بجوارهما خريجي دار العلوم . أن تكون اللغة العربية - والمفترض أن كل من كانت مهنته الكتابة كصحفي أن يكون متقنا للكتابة والتعبير بها – معياراً لتسلم رئاسة تحرير جريدة يعنى إيجاد مداخل لتسلل اتجاه سياسي معين يرفع لغتنا ويتعامل معها بمستوى من القدسية " الفقهية " .. وهو أميز ما نلمحه في كوادر الأحزاب ذات المرجعيات الدينية كما نعلم عوضاً عن أن إبراز الترشيح بموجب معايير من هذا النوع ينطوي على إهانة وظلم . أما الإهانة فلأنه شرط مدرسي يُفترض أنه مفروغ منه ومتوافر فيمن تخرج من الجامعة وخاصة في كلية الإعلام واتجه للعمل بالصحافة . وأما الظلم فلأن من سيتعفف عن تزكية وترشيح نفسه مهما كانت كفاءته إنسانياً ومهنساً ولغوياً لاعتراضه على " فكرة " ونوع المعايير سوف تُحرم الصحف منه كرئيس تحرير. وهل الصحفي – وبعد ثورة كثورة يناير – لا يحق للقارئ أن يشترط فيه المواقف غير المعادية للثورة والمشككة فيها أو الآراء الحرة المستنيرة والتعبير عنها بشجاعة حتى تتلخص المطالب فى أمور صغيرة وشروط من قبيل امتحانات اللغة؟. مجلس شورى هتفنا ببطلانه لأن نسبة انتخابه شديدة الضآلة فى المجتمع وكان البعض ينادى بضرورة عدم إحيائه مرة أخرى بل والاكتفاء بمجلس الشعب . مجلس شورى به لجنة معينة كيف وبأى منطق يمكن أن توصف بالاستقلالية لنحتكم إليها ونقبل رؤاها على الجماعة الصحفية وتجديد دماء قيادات تلك الجماعة ؟! . الآن يتكلم النقيب متهماً اليسار والفلول كأنهما مترادفان وعليه الاعتذار ، إلى جانب وجوب الاعتذار عن تقسيم الجماعة الصحفية إلى صحافيين صالحين يسمعون الكلام ويطيعون ولا يهتفون ضده وبين آخرين غير مطيعين صوتهم من دماغهم خاصة لو كان ذلك الدماغ محشوا بمواد يسارية أو بهذر وفساد نظام قامت ثورة ضده . الآن تذكر النقيب أن هناك فلولا بالصحف ما زالوا يرتعون ويكتبون كما لو لم تقم ثورة يناير . فأين كان منذ تولى شئون النقابة ؟ ، وحين تستخدم أيها النقيب كلمة " يساريين " ألا تبدو – فى سياق الأوضاع الحالية وبعد حادثة شهيد السويس الأخيرة – تحريضا على القتل ؟ . أؤكد لك يا ممدوح الولى أننا منذ ما قبل الثورة نريد تطهيرالإعلام ممن حرموا أسماءنا على القارئ وقاموا برفتنا ، نريد التطهير ونطالب به لكن ليس على طريقة حزب الحرية والعدالة ولا طريقة مجلس الشورى ولا طريقة الفلول ، بل أن استخدام صفة " اليساريين " يبدو مريبا وابتزازيا للترهيب خاصة حين يأتى ممن يتقنون التعبير باللغة وأساليبها وأهداف ومعانى الكلام مثلك. عن نفسى أنا أضج من جريدتى حيث الفلول يحكمون مقدار الشهيق والزفير الذى نستنشقه لعقود ومازالوا ولطالما طالبت رئيس التحرير الدمث – بتطرف يحسبه البعض ضدى – بمنع من كانوا رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات فى الجريدة من الكتابة فيها بعد الثورة وإلى الآن ما زالوا يحتلون المساحات . لكن إرادة التطهير لا تعنى " أخونة " الصحافة ولا " أسلفتها " . وأرجو أن تكون ما زلت حريصاً على ألا تُفسر مواقفك فى ضوء أهداف حزبية فى نقابة تسمح بعقد مؤتمرات ربما تراها أنت يسارية مثل مؤتمر مركز النديم لكشف انتهاكات العسكر على مدى عام ونصف الذى تزامن بالصدفة مع حريق بالنقابة هرولنا على أثره خارج المبنى ، وتسمح بذات الوقت بعقد مؤتمر عن دولة الخلافة مثل أحد المؤتمرات المقبلة . النقابة لكل الاتجاهات وبدون هذا تتحول من نقابة إلى حزب .. تذكر ذلك . إن الحديث عن أغلبية صحفية ترى ما ترى أنت هو من نوع أوهام حزب الحرية والعدالة الذى يرى أن أغلبيته البرلمانية السابقة تخول له وضع دستور لثمانين مليون مصرى لم ينتخبه منهم الملايين . أما حين تقول أيها الولى أن لجنة التشريعات بالنقابة انتهت من مسودة قانون النقابة بينما يعبر يحى قلاش عن اندهاشه أصلا من أنه تبين أن اللجنة " شغالة وأنجزت القانون " دون حوار بين الجماعة الصحفية لتغيير منظومة التشريعات فيحق لنا مساءلتك ماذا يحدث فى الكواليس ولا نعلمه بينما يُفترض أننا شركاء أصلا فى صناعته ؟. وأضم صوتى لصوت الزميل قلاش : ألا توجد لجان استماع قبل صياغة مسودة قانون النقابة أم أن هذا يشبه الطريقة التى سيُكتب بها دستورنا القادم أيضا فى تأسيسية الدستور .. وكل شئ يُدار بمركزية النظام الذى قمنا بثورة ضده ؟ .. وفى هذه الحالة .. من الأقرب للفلول ؟ . Comment *