سيطرت موضوعات الفقر في اوربا والهجرة الغير شرعية علي عروض اليوم الاول لأفلام مهرجان الاسماعيلية الدولي للافلام التسجيلية والقصيرة والتحريك،حيث شملت العروض علي مجموعة من الافلام الاوربية ما بين التسجيلي القصير والروائي التي تصور طبقة المهمشين في المجتمع الاوربي من زاوية اكثر انفتاحا، حيث جاء فيلم "وجه" في مقدمة الاعمال التي عكست تزايد اعداد الفقراء والمهمشين في "مقدونيا" ورسم صورة مشابهه لما تعيشه بعض الدول التي تعاني أثار الرأسمالية، حيث ارتفاع اعداد الفقراء الذي يندفع بعضهم الي عالم الجريمة، او البحث عن حياة اخري خارج الوطن، وذلك من خلال صورة معتمة بالابيض والاسود لحياة ام فقيرة وهي أرملة بلا وظيفة وتعيش مع ابنها البالغ من العمر 14 عاماً في كوخ فقير ، يشبه العشوائيات، تكتسب الام رزقها عن طريق غسل زجاج السيارات وجمع الأشياء القديمة وهي وظيفة توفر لهما لقمة العيش بالكاد، ولكن احد الاثرياء يقوم بهدم منزلها والاستيلاء علي الارض لاقامة مباني جديدة علي الارض التي يعيشون بها. اما الفيلم الجزائري "حراقة" فيعرض بشكل تقليدي مغامرة الشاب "أمين" واصدقاؤه اللذين يصورن بكاميرا فيديو رحلتهم من الجزائر الى أوروبا عبر البحر المتوسط الى ان يصلوا الى جزيرة الردرادو باسبانيا. حراقة، هم المهاجرين الغير شرعيين اللذين يهاجرون من بلدهم الي دول اوربا عبر البحر، وقد قدمت السينما المغربية بشكل خاص عدد كبير من الاعمال الروائية والتسجيلية التي تتعرض في موضوعها الي ظاهرة الهجرة الغير شرعية التي يسعي اليها قطيع كبير من شباب دول المغرب العربي، بحكم اقتراب حدود بلدانهم مع اسبانيا وايطاليا، وليسوا فقط شباب المغرب والجزائر من يطمح في حرق الحدود ، ولكن جسدت لنا عدد من الاعمال السينمائية رحلات لشباب جاء من اقاصي افريقيا قاطعا الصحراء حتي دول المغرب العربي، ليبلغ في النهاية الشاطيء الاخر لاوربا، ولم يجسد لنا ازمة الهجرة الغير شرعية ومخاطرها بشكل متميز سوي اعمال قليلة استطاعت ان تخرج عن السياق المعتاد لعرض الظاهرة واسبابها والنتيجة التي تنهي دائما حياة هؤلاء الشباب. كما عرض ايضا الفيلم التسجيلي القصير "تذكرة من عزرائيل" والفيلم هو انتاج مصري فلسطيني للمخرج الفلسطيني عبد الله الغول،الذي عايش تجربة شباب وطنه في غزة المحاصرة، فهبط الي اكثر من30 مترتحت سطح الارض ليرصد لنا حياة اصدقائه من الشباب اللذين يعملون في حفر الانفاق بين رفح المصرية وغزة الفلسطينية، ليسهل خلالها نقل حاجات اهل غزة المحاصرين من جانب الكيان الصهيوني لسنوات طويلة، كما اشار الفيلم الي المخاطر التي يتعرض لها الشباب اثناء عملهم تحت الارض حيث يواجهون الموت في أي لحظة معرضين ان ينهار عليهم النفق. من الاعمال الروائية المميزة التي عرضت ايضا كان فيلم روائي قصير من رومانيا بعنوان "جوبيل"، يقدم باسلوب درامي قصة حزينة تحمل رسالة بسيطة مفادها ان الموت يأتي فجأة ولا ينتظر أن يكون الانسان مستعداله،وذلك من خلال شخصية العجوز الذي يعود الي وطنه بعدما قضي سنوات طويلة في برلين، حيث يبدأ التخطيط لجنازته التي يسعي ان يحضرها كل اهل القرية، ويحاول ان يغري اهل القرية للاقتراب منه وكسر عزلته ولكنه في النهاية يموت وحيداً لا يشعر به احدا. اما الفيلم النمساوي "الحاضنة" يقدم صورة واقعية لحياة زوجين من المهاجرين من اوربا الشرقية الي فيينا يعيشون في فقر شديد يدفع الزوج الي التخلي عن ابنته وتركها في احدي دور رعاية الاطفال، ولكن ينتزعها شخص اخر يسعي لتربيتها ولكنه يفشل بسبب رفض صديقه لتبني الطفلة، فيعيدها مرة اخري الي الدار. الفيلم قد لا يتقبل البعض دعوته للتعاطف مع نماذج المثليين جنسياً خصوصا في مجتمعنا العربي، كما انه بالتوازي يجسد حالة من الجحود الابوي ، الذي ترجعه دراما الفيلم الي حالة الفقر الذي يعيش فيها الزوجين المهاجرين والتي تدفع الاب الي السرقة، في الوقت الذي يجسد فيه كل مشاعر الانسانية في الشخصية الاخري التي تبدو اكثر انسانية، وبعيدا عن التقييم الاخلاقي لسلوك الشخصيات، تظهر لنا شخصية الشاب المثلي اكثر انسانية ورحمة من الاب، وهي دعوة الي العيش بانسانية والتخلي عن النظرة العنصرية التي اصبحنا نعاني منها ليس فقط في مجتمعاتنا العربية ولكن في العالم كله علي اختلاف القضايا. Comment *