نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا عن المرشح الرئاسي الإخواني محمد مرسي. وأشارت المجلة في بداية تقريرها أن مصر الآن على أعتاب التجربة الواقعية الأولى للحكم الإسلامي، فبعد أن استولت جماعة الإخوان على أغلبية البرلمان وفوزها بالرئاسة، سيكون ذلك فرصة حقيقية لفرض أجندتها لاستعادة اقتصاد السوق وأسلمته تدريجيا، وإعادة تأكيد دور مصر الإقليمي. وأشارت المجلة إلى أن جماعة الإخوان طوال الفترة الانتقالية المضطربة تخلت عن طريقتها بشكل متزايد وغير معهود، وأصبحت أشد حزما في نهجها السياسي، تخلت عن وعودها بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية والدخول في مواجهة علنية مع المجلس العسكري الحاكم، ومحاولة الجماعة إلى "إنقاذ الثورة" يتم تفسيرها من قبل الآخرين على أن الجماعة تريد إحكام قبضتها على السلطة. وأوضحت "فورين بوليسي" أن الإخوان كانوا في نظام مبارك يرفعون شعارا غير معلن "المشاركة لا المغالبة"، وقال كاتب المقال أنه التقى بمرسي في مايو 2010 قبل أشهر من قيام الثورة، وهو لا يتصور أن يكون خليفة مبارك، وأكد له أن الجماعة لا تسعى إلى السلطة في تلك اللحظة لأن"السلطة تتطلب إعدادا، والمجتمع ليس مستعد" وكانت الجماعة حركة دينية أكثر منها حزب سياسي – وفقا للمجلة – مما ساهم في انتشار الجماعة بين المصريين. ولم يكن مرسي معروفا آنذاك ولكنه كان يلعب دورا مهما في جماعة الإخوان، دون أن يمتلك آراء مميزة أو خاصة به، وأضافت المجلة أنه كان تابعا ومنفذا وعاملا فهو بارع في هذه الأشياء بعيدا عن الزعامة. وعن علاقته بالتيار الليبرالي قالت المجلة أنه مثل غيره من الإخوان يشعر بدرجة من الاستياء منهم، وفي ميدان التحرير كان كل مجموعة تجلس في جزء خاص منه الإسلاميون والليبراليون واليساريون، وعندما سأل الكاتب مرسي عن السبب في عدم وجود مزيد من التعاون بين الإسلاميين والليبراليين رد "هذا يعتمد على الطرف الآخر" ويقول الكاتب أن الليبراليين كانوا يرددون نفس الكلام. وقالت المجلة أن المجتمع الدولي وخاصة أمريكا تشاطر الليبراليين تخوفهم من الإخوان ولكن لأسباب مختلفة، فهم يروجون للمشاعر المعادية لأمريكا وإسرائيل. وتحدث كاتب المقال التحليلي شادي حامد عن لقائه بمرسي في مايو2011، في المقر الرئيسي لجماعة الإخوان بالمقطم، وتعجب من حالة الهدوء الغريب الذي يبدو عليها قادة الإخوان، وكانوا يستخدمون التعابير الإنجليزية في أثناء حديثهم، ويلقون النكات، وكان مرسي رافضا للحركات السلفية، وقال أنهم لم ينضجوا سياسيا بعد. وانتقلت المجلة إلى علاقة مرسي بالشاطر الذي ضمه إلى مكتب الإرشاد وانتشله من الظلام إلى دائرة الضوء في الجماعة، وتطرح المجلة تساؤلا حول ما إذا كان الشاطر سيحتفظ بنفوذه إذا صعد مرسي إلى الرئاسة؟، حيث يصور أعضاء الإخوان الشاطر باعتباره ناشطا رائعا ولكنه مستبد، ونقلت المجلة عن عضو إخواني وصفته بأنه عمل مع جميع الشخصيات داخل الجماعة قوله "إذا استطاع مرسي تحرير نفسه من سيطرة الشاطر، ستكون سياسته متوازنة، وإن ظل الشاطر مسيطرا فلن يحظى مرسي بشعبية وسيفشل في الحكم" وتساءل العضو الإخوان"هل سيصبح مرسي الابن الذي تخطى أبيه؟ " وأشارت المجلة إلى أن مرسي بذل عملا صعبا وسريعا للتدريب على أسلوب الحديث وكيفية استخدام يديه في المقابلات، إلى الدرجة التي قال فيها أحد جماعة الإخوان المسلمين أن مرسي شخصية جديدة اليوم يختلف عن الذي كنت أعرفه. وقالت المجلة أن حصول مرسي على ما يقرب من 25 في المائة من الأصوات صدمة بالنسبة إلى الإخوان وأرجعت المجلة السبب إلى أن مرسي يفتقد إلى الكاريزما، وبالإضافة إلى افتقاده للشعبية خارج الإسلاميين، وسلسلة من الأخطاء وسوء التقدير، حيث فشلت الجماعة في النجاح بإحدى معاقلها في إحدى المحافظات – الشرقية – التي تفوق فيها شفيق. وفي رصد لسلوك الجماعة بعد الثورة قالت المجلة أن الجماعة أصبح يستهلكها جنون العظمة مثل القوى السياسية الأخرى في المشهد السياسي "السام" في مصر، وخائفة من الجماعات الليبرالية واليسارية وعناصر من النظام القديم أن ينالوا منهم، فالانفتاح الديمقراطي على قدر ما هو مرحب به له مخاطره الخاصة، ورأت الجماعة في صعود أبو الفتوح العضو الإخواني المنشق، مرشح يشكل تهديدا لم يسبق له مثيل على وحدة التنظيم وانضباطه. حالة البارانويا "جنون العظمة" الذي ينتاب الإخوان الممتزج بالطراز القديم يثير السخرية السياسية اللاذعة منهم، وتسرب جزء من هذه الحالة في خطابهم المتعلق بالسياسية الخارجية، واستشهدت المجلة بموقف الإخوان عندما رفع الحاكم العسكري في مصر الحظر المفروض على سفر العاملين في المنظمات غير الحكومية الأمريكية في محاولة منه لنزع فتيل الأزمة السياسية، حيث استغل الإخوان ذلك في البرلمان ودعوا في إحدى جلساته المنعقدة إلى سحب الثقة وإزالة الحكومة التي عينها المجلس العسكريأ كما أشار الكتاتني في حديثه أن البرلمان لن يسمح لأمريكا في انتقاص سيادتها ودعا إلى الاستغناء عن المعونة الأمريكية. وكتبت المجلة محللة هذا الموقف، أن إدارة مرسي لن تتحمل القطيعة مع أمريكا، فالإخوان يحتاجون إلى مساعدات أوروبية أمريكية لإعادة بناء الاقتصاد المتدهور ودور الاستثمار سيكون حاسما في هذا الجهد، وتستبعد المجلة أن يكون في استطاعة مرسي تغيير سياسة مصر الخارجة حتى لو أراد، لأن المؤسسة العسكرية وأجهزة الاستخبارات ستمارس حقها في الاعتراض على القضايا الحرجة في الدفاع والأمن القومي. وأشارت المجلة إلى أن هناك حدود لما يمكن أن يغيره الإخوان في السياسة الخارجية لمصر، وحدود لقلق أمريكا، فمادامت مصر ديمقراطية فقادتها المنتخبون لا يملكون خيارا سوى الإذعان للمشاعر الشعبية حيال السياسة الخارجية، ولكن مما لا خلاف بشأنه بين المصريين هو ضرورة استعادة مصر لدورها القيادي في المنطقة، مما يعني – وفقا للمجلة – أن التوتر والخلاف بين مصر وأمريكا سيصبح سمة العلاقة بين الطرفين، وتركيا مثال على ذلك حيث يستخدم حزب العدالة والتنمية الخطاب المناهض لإسرائيل للتأثير داخليا. وانتقلت المجلة إلى الحديث عن السياسة الداخلية وما يستطيع مرسي أن يقوم به ؟ ورأت المجلة أن تأثيره في هذه المنطقة غير واضح، فالبيروقراطية البيزنطية لا تزال تعج بالكثير الموالين لمبارك ستقف أمامه وتمنع أي تغيير من قبل مرسي. وأشارت إلى أن مرسي يريد أن تكون سلطات مكتبه كرئيس للجمهورية محدودة فهو يدعو إلى النظام المختلط، ولكن المجلة ترجح أن يغير مرسي من موقفه في هذه القضية عندما يصبح رئيسا. Comment *