نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا ًتعلق فيه على ما جاء فى ما نقلته وسائل اعلام رسمية، بأن قادة مصر العسكريين من المتوقع أن يصدروا اعلانا دستورياً، يعيد رسم سلطات الرئاسة قبل فتح باب التصويت يوم الاربعاء للانتخابات الرئاسية الاولى فى البلاد، منذ الاطاحة بالزعيم الاستبدادي المصري حسني مبارك. ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم أن القصد من وراء هذه الخطوة لا يزال غير واضح . فالجنرالات قد يقللون من السلطة الواسعة للرئيس التى منحها الدستور للرئيس مبارك على مدى ثلاثة عقود. أو ربما سيعملون على ترسيخ سلطتهم الكبيرة الخاصة بهم عشية التحول الديمقراطى الكبير . وتقول الصحيفة أنه مع دخول المرشحين المرحلة النهائية من الحملة الانتخابية، يبقى هيكل السلطة غير المعروف حتى الان، ويلقي هذا بظلاله على ما يمكن أن تكون الانتخابات الأكثر أهمية في تاريخ مصر الحديث. الاسلاميون الذين يهيمنون على البرلمان المنتخب حديثا فى البلاد قد عبروا عن تأييدهم لنظام مع صلاحيات أضعف للرئاسة، مما سيتسبب فى اقامة معركة شرسة محتملة بين النواب والرئيس الجديد . قال ستيفن كوك ، وهو خبير في شؤون السياسة الخارجية في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن والذي درس الانتقال الديمقراطي فى مصر بشكل وثيق " انه سيكون هناك صراع بين البرلمان الذي يستطيع أن يدعي تفويض شعبي وبين الرئيس الذي هو ايضا سيدعى تفويض شعبي .". وتشير الصحيفة أنه بعد وقت قصير من الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير 2011 ، وضع المجلس العسكرى للمرحلة الانتقالية جدولا زمنيا شمل صياغة دستور معدل قبل إنتخاب رئيسا جديدا . لكن الجهود لتشكيل هيئة لوضع وثيقة الدستور الذى من شأنه أن يعيد تحديد هيكل السلطة قد فشلت نتيجة الخلافات بين الفصائل السياسية وبين الشك في أن المجلس العسكري كان يحاول سرا تشكيل هذه العملية . قال ستيفن مكاينرني ، مدير مركز بواشنطن لدراسة التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط ، أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد يصدر تعديلا دستوريا يحافظ على نظام مبارك سليم كما هو إلى حد كبير. وأشار الى أن البعض يشك أن الجنرالات يمكن أن يكون لديهم نية فى عمل تغييرات أوسع. في ظل حكم مبارك ، تمتع الجيش بوضع النخبة ، وميزانيته ومؤسساته التجارية الكبيرة لم تكن تخضع للتدقيق أو الانتقاد . وقال مكاينرني "هناك بعض التكهنات أن المجلس العسكرى سوف يحد من سلطات الرئاسة ويحتفظ ببعض الحماية الرئيسية لنفسه " . التقارير الاخبارية بشأن خطة المجلس العسكرى تم ذكرها فى موقع الأهرام الاخبارى باللغة الإنجليزية على الانترنت ، الذي تديره الدولة ، وايضا تم ذكرها فى عدد من الصحف المحلية. وأشارت التقارير الى مسؤولين عسكريين لم يكشف عن اسمهم . وتقول الواشنطن بوست أن الاسئلة التي لم تحل بشأن هيكل السلطة في البلاد تشير إلى النقص النسبي في التقدم الذى حققه المجلس العسكرى نحو إرساء الأساس لانتقال سلس للحكم الديمقراطي منذ توليه السلطة بشكل مفاجئ بعد الثورة في شتاء العام الماضي. ومنذ ذلك الحين صعود الأحزاب السياسية الإسلامية وموجات العنف واعتماد الجيش المستمر على تكتيكات شرطة عهد مبارك , كل هذا قد خلق ثقافة عدم الثقة والحدة والانتقادات بين القوى الصاعدة في مصر. وتضيف الصحيفة أنه في حين أن المنافسة التى ستبلغ ذروتها في الانتخابات الرئاسية المقررة يومى 23-24 مايو يتم الافتراض انها ستكون حرة وعادلة ومفتوحة الى حد كبير ، يرى الكثير من المصريين هذه الانتخابات بإعتبارها خطوة واحدة للامام في الصراع الدائر لطرد وازاحة ما تبقى من حكومة مبارك. قال حسام بهجت ، وهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان , " أنا أعتقد أن معظم المصريين قد أصبحوا يدركوا أن القضية الحقيقية ستكون كيفية تفكيك الأجهزة الشهيرة الآن للقمع والاذى والتي لا يزال إلى حد كبير موجودة في السلطة "، وأضاف أن " انتخابات رئاسة الجمهورية في مصر سوف يكون لها تأثير على هذه المعركة فقط فيما يتعلق عما إذا كان الرئيس المصري سيكون معنا أوضدنا ". وتشير الصحيفة الى أن إعلان المجلس ، إذا تم أصداره في الأيام القليلة المقبلة ، سيتم ابطاله إذا تم وضع دستور جديد. من المتوقع أن يعين البرلمان قريبا هيئة من 100 عضو سيكون لديها ستة أشهر لوضع دستور جديد ، والذي بعد ذلك يجب أن يخضع لاستفتاء شعبى من قبل الناخبين . ويقول سياسيون ليبراليون أن أعضاء الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين حزب الحرية والعدالة ، الذي لديه معظم المقاعد في البرلمان ، قد تجنب عمدا تعيين لجنة دستورية لأنه ينوي حساب جهوده الرامية إلى تعزيز صلاحيات البرلمان اعتمادا على من سيفوز. مرشح الحزب للرئاسة ، محمد مرسي ، يتم النظر اليه على نطاق واسع بانه بعيد عن الفوز . قال محمد أبو الغار ، رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعى ," اذا لم يفوزوا ، فانهم سيقاتلون حتى النهاية من أجل وجود نظام برلماني " . بينما وصف محمود غزلان ، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين ، خطوة المجلس العسكري بأنها مثيرة للريبة ، قائلا انه يمكن أن يكون المجلس العسكرى يحاول جعل الرئيس الجديد أقوى كثقل مضاد لسلطة البرلمان وأضاف " انهم يريدون جعل الرئيس القادم قويا كما كان المخلوع" ، في اشارة الى مبارك ، الذي كان لديه سلطة حل البرلمان . وترى الواشنطن بوست أن المزيج الأكثر إثارة للجدل ربما سوف يأتى من تحقيق إنتصار لقائد جماعة الاخوان السابق عبد المنعم أبو الفتوح ، الذى هو واحد من المرشحين الاوفر حظا للفوز. فقد أستاء قادة الإخوان بشدة أن الاسلامي المعتدل السيد ابو الفتوح انشق عن الجماعة لخوض انتخابات الرئاسة. لكن علاقة البرلمان مع اثنين من كبار المتنافسين الآخرين الذين تولوا مناصب عليا في عهد مبارك ، عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق ، وأحمد شفيق رئيس الوزراء الاسبق ، يمكن ايضا ان تكون متوترة . قال عصام العريان ، وهو نائب برلمانى بارز لحزب الحرية والعدالة ، أن التأخر في تعيين لجنة دستورية يعكس خلافات حقيقية بدلا من استراتيجية مخادعة. وأضاف انه لم يكن هناك أي شك فى أن الإسلاميين في البرلمان كانوا سيتحركون بسرعة لتقليص صلاحيات الرئيس . وقال العريان " أنا اعتقد ان الجميع متفقون على أن الرئيس يجب الآن أن يكون أضعف من ذي قبل "، وأضاف انه " في جميع القوى العالمية ، البرلمان هو سلطة كبيرة تقف فى مواجهة الرئيس ". غزلان : خطوة مثيرة للريبة، ومحاولة لمقاومة قوة البرلمان أبو الغار : الإخوان إذا خسروا الرئاسة سيقاتلون من آجل نظام برلماني