عمت بلدان الوطن العربي مسيرات حاشدة بمناسبة عيد العمال العالمي. طالب العمال فيها بحقوقهم المنهوبة وبالعدالة الاجتماعية والإصلاح، واتفق الجميع في انتقاد الحكومات وتحميلها المسئولية الكاملة عن تردي حالة العمال وزيادة نسب البطالة إلى أقصى حدودها على مر التاريخ. اتفقت أيضا المواقف الرسمية على تقديم وعود تحسين أوضاع العمال والارتقاء بأوضاعهم المعيشية، الأمر الذي اعتبره العمال باستمرار سياسة "التجاهل والتسويف". وعلى الرغم من أنه عطلة رسمية، لا يشهد عيد العمال احتفالات في معظم بلدان الوطن العربي. لذا، غلب عنوان "الأول" على الاحتفالات العمالية الغير رسمية.. إذ جاء الاحتفال في المغرب ليكون الأول في ظل الحكومة الائتلافية، والأول في تونس واليمن بعد الثورة، والأول في العراق منذ 9 سنوات، بينما كان الأول على الإطلاق في ليبيا حيث كان محرما في عهد القذافي. العراق شهدت تطورا كبيرا في الحركة العمالية هذا العام، فأغلب العراقيين لا يحتفلون بعيد العمال على الأقل خلال التسع سنوات الماضية التي تفشت فيها البطالة وغياب المصانع عن الخدمة وإغراق السوق بالبضائع العالمية التي حدت حتى مصانع القطاع الخاص. ومع غياب شبه كامل للقطاع العام وجد العمال العراقيين أنفسهم في أشد حالات المعاناة. وبينما يحاول الحزب الشيوعي العراقي الاحتفال بالمناسبة كل عام، منعت حكومة المالكي المظاهرات والاحتفالات بعيد العمال هذا العام. والذي برره المالكي قائلا "الاهتمام الحقيقي بالعمال لا يأتي من خلال التظاهرات ورفع اللافتات بهدف المتاجرة باسمهم، بل بتحسين مستواهم المعيشي". مؤكدا على وجود عقبات تعترض النهوض "بهذه الشريحة!". وكان الحزب الشيوعي قد تقدم بطلب منذ ثمانية أيام للسماح له بالاحتفال وتنظيم مظاهرة من ساحة الفردوس إلى ساحة التحرير. وبرغم المنع والتطويق الأمني، أحيا الآلاف من مؤيدي الحزب الشيوعي مع العمال العراقيين ذكرى العيد بساحة الأندلس وسط العاصمة العراقية. وطالب العمال بالإنصاف وإرجاع حقوقهم المفقودة منذ عشرات السنين، فيما اتهم البعض الحكومة ب"الجهل" في الاقتصاد وتحويل سوق البلاد إلى مستهلك. شهدت تونس أيضا تظاهرة ضخمة احتفالا بعيد العمال أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة، حيث اجتمع عشرات الآلاف من العمال ووفود الأحزاب والمنظمات المختلفة حاملين أعلام اتحاد منظمة العمال في مسيرة طافت شوارع العاصمة وسط إجراءات أمنية مشددة، ودعا الكثير من المتظاهرين إلى إسقاط الحكومة الانتقالية بعد فشلها في التعامل مع الملفات الاجتماعية خرج أيضا الآلاف من العمال في جميع المدن المغربية التي شهدت حضورا كبيرا من حركة 20 فبراير، والتي رفعت شعارات داعية لمحاربة الفساد والاتجاه لإصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي فعال نابع من الشعب. فيما انضم رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنيكران، إلى المسيرة العمالية التي نظمتها نقابة الاتحاد الوطني للشغل التابعة لحزبه "العدالة والتنمية" الإسلامي. كما احتفل عمال لبنان التي _تشهد أزمة اقتصادية ومعيشية_ بالتحضير لموجة من التظاهرات وإضرابات تبدأ يوم الخميس في موجة تصاعدية من الاحتجاجات. قام أيضا الحزب الشيوعي بتنظيم مظاهرة حاشدة أمام سراي الحكومة، معبرين عن غضبهم من أداء الحكومة والمجلس النيابي. وفي الأردن، كانت التظاهرات العمالية استكمالا لمسيرة من المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات المنادية بالإصلاح السياسي والاقتصادي، والتي تشهدها البلاد منذ العام الماضي. حيث انطلقت مظاهرة عمالية كبيرة إلى مجلس النواب، للتأكيد على "تمسك الحركة العمالية بحقوقها واستمرارها بالنضال ضد سياسة الاستغلال والخصخصة وتستر مجلس النواب على المتورطين بقضايا الفساد وبيع المؤسسات الوطنية". نظمت المسيرة النقابات العمالية المستقلة بمشاركة حزب الوحدة الشعبية، وتم الإعلان عن تأسيس الاتحاد العام للنقابات المستقلة في نهاية المسيرة. الفلسطينيين أيضا لم يفتهم اليوم بدون التصميم على المطالبة بتوفير فرص عمل في ظل حالة البطالة الشديدة التي يمرون بها ورفع الأجور وتخفيض الضرائب الحكومية المرتفعة للغاية، حيث تظاهر مئات العمال أمام اتحاد نقابات عمال فلسطين في نابلس بالضفة الغربية. تظاهر أيضا العمال في غزة أما المجلس التشريعي، وطالبوا بوضع حد أدنى للأجور وتوفير فرص عمل لائقة، خاصة مع الحصار الذي تعاني منه غزة منذ عام 2006. في المقابل، صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية سلام فياض، بالتزام السلطة بقضايا الحركة العمالية، وأكد على قرب التوافق على وضع حد أدنى للأجور. وفي اليمن، قام رئيس الوزراء محمد سالم باسيندوة، بتكريم العشرات من العمال، وأكد على حرص حكومته على تحسين أوضاع العمال والارتقاء بأوضاعهم المعيشية "بمجرد أن تتحسن ظروف اليمن وتتجاوز الأوضاع الراهنة". تظاهر أيضا عشرات الآلاف من الموريتانيين وطالبوا برفع الأجور وخفض الأسعار، والدخول في حوار بناء مع الشركاء الاجتماعيين. أما في الاحتفال الأول بعيد العمال منذ عقود في ليبيا، أعلنت الحكومة الانتقالية اليوم أجازة رسمية في البلاد. Comment *