باستثناء الشيخ نصر فريد واصل، دكتور محمد أبو الغار، الدكتور أحمد حرارة، لا أرى أن الجمعية التأسيسية تمثل ولو ربع أطياف وفئات الشعب المصري. فجمعية تأسيسية تضم نادر بكار الذي يخلو من أي خبرة سياسية أو مكانة علمية أو دينية أو أي من المؤهلات التي تمكنه من تمثيل أي فئة من فئات الشعب بينما تترك البرادعي وحسام عيسى خارج التشكيلن من الطبيعي أنها لن تمثل شعب مصر تمثيل حقيقي. إنها الجمعية التي شكلها من يعدون أنفسهم أعضاء برلمان الثورة، كما يرددون طوال الوقت، معلنين الظفر رافعين رايات النصر. لقد تناسى هؤلاء من هم وعلى أكتاف ودماء من وصلوا إلى مقاعدهم الفاخرة ودخلوا الحياة السياسية م أسوع أبوابها بعد أن كانوا يحيون حياة الجرذان تحت الأرض. نسوا من حررهم مما كانوا فيه من قمع ومن وقف معهم وآذرهم قبل وبعد ثورة 25 يناير المجيدة. نسوا أيضًا أن أطنان اللحوم وملايين كارنيهات العضوية المجانية الدائمة في الجنة التي وزعوها على البسطاء كانت هي جواز المرور إلى البرلمان. يستحق ذلك بالفعل رفع رايات النصر، ولكنه ليس نصرالثورة كما يدعون، بل نصر الكتاتني والبلكيمي. للأسف نجح الإخوان والسلفيون، الحرية والعدالة والنور ومن وراءهم من رموز الإسلام السياسي وكل من تورط معهم في دعاية دينية وتخويف وإرهاب لشعب مصر، في الاستيلاء على السلطة التشريعية هذه حقيقة لا يمكن لأحد تجاوزها أو تجاهلها أوحتى عدم الاعتراف بها فهم الآن البرلمان أي السلطة التشريعية التي في إمكانهان لو أرادت سن القوانين والرقابة على الحكومة ومحاسبتها فكل هذه الأدوار منطقية ونعترف لهم بها وننتظر منهم أن يقوموا بها وأن يكونوا على قدر المسئولية الملقاة على عاتقهم إلى نهاية الدورة البرلمانية الحالية التي يمثلون خلالها الأغلبية النسبية. أما أن تتجاوز الأمور حدود المنطق والعقل فهو أن تتسلل هذه مجموعات الإسلام السياسي إلى منطقة محظورة تتعلق بمصير أجيال كثيرة قادمة من المصريين بتحكمها في تشكيل جمعية تأسيسية وظيفتها صياغة الالدستور الحاكم لمصر على مدار نصف قرن قادم متناسين أن الدساتير لا تخضع لفئة معينة من الشعب أو لخدمة مصالح بعض الفئات التي انتهطت خرمات الشعب واستحلت أمواله وتريد الىن غطاءً دستوريًا لتمر آمنة إلى حيث تريد. وتناست ميليشيات الإسلام السياسي في البرلمان أيضًا أن أغلبية اليوم ما هي إلا أقلية الغد ومهما طال بها الأمد في السلطة التشريعية دورة أو اثنان أو حتى ثلاث دورات برلمانية، فلن تكون للأبد في سدة البرلمان. وطالما تناسى الإسلاميون السياسيون وأغفلوا كل الحقائق السابقة وليس لديهم الاستعداد لتذكر أي منها أو الاعتراف به، يجب ألا ينسوا أن شباب مصر هم من أسقطوا المخلوع وبرلمانه، بل ودستوره الذي عاث فيه فسادًا بذراعه القانونية فتحي سرور. ولنتذكر لماذ أسقط هؤلاء الشباب ذلك الدستور المعيب وما الذي أجج نيران التمرد بداخلهم. أنهما المادتان 76 و77 اللتان حاكهما المرقع الدستوري على مقاس المخلوع ووريثه. فما بالك بدستور كامل يتم ترقيعه لصالح فئات بيعنها في المجتمع وما بالك بردة فعل شباب مصر تجاه محاولة تفصيل دستور كامل. هلى تتوقعون يا من تدعون البر والتقوى أن يسكت الشارع عما تخططون له وما تنصبونه من شراك لشعب بأكمله بحاضره ومستقبله وأجياله القادمة. وسط هذه المهزلة السياسية الدستورية، تعالت الأصوات أخيرًا بضرورة استكمال الثورة والنزول إلى ميادين التحرير لاستكمال الثورة بعد أن صرخ بنا الإخوان لمغادرة الميدان واحتفلوا بالرقص على دماء الشهداء في ذكر ثورتنا المجيدة وبعدما أنطلقت ألسنة الإسلاميين السياسيين بالدفاع عن مجلس العسكر الذي رار في البلاد طولها وعرضها مقسمًا شعبها وضاربًا لجذور الفتنى بين أبناءها للفوز بالنجاة من عواقب فساده ودعمه للمخلوع على مدار ثلاثة عقود. أنهم يدعوننا اليوم إلى دعمهم ومآذرتهم بعد أو باعوا الثورة وشهداءها وشعبها في إطار تمثيلية متقنة ليرد عليهم العسكر محذرين من الوقيعة بين الجيش والشعب ونحن جالسون مجلس المتفرج دون تأثير يُذكر للشعب الذي هو المصدر الأساسي للسلطات والمالك الأصلي لهذا البلد. وحتى إذا لم تكن هذه تمثيلية أو مسرحية جديدة لإيهامنا بأننا على مشارف سيناريو 1954 عندما احتدم الصراع بين العسكر والإخوان وانتهى لصالح العسكر بإعدام واعتقال قيادات الإخوان. حتى ولو لم تكن ثمثيلية وثبت أن هناك صراع بين الإخوان والعسكر فلن يكون كسابقه من الصراعات التي شهدتها مصر على مدار العقود الماضية وحتى إذا كان القيادات من الجانبين تسعى إلى تجديد الصراع وخوض معارك جديدة، فلابد لهم أني تذكروا جيدًا أن العادلة أضافت عنصرًا لم يكن موجودًا من قبل. معادلة الصراع بين الإخوان والعسكر في ثوبها الجديد لابد وأن تضع عنصر شباب الثورة، وهم الملايين الكثيرة في جميع أنحاء البلاد، حتى تستقيم الأمرو فلن يقف هؤلاء الشباب موقف المتفرج من هذا الصراع ليؤيدوا الفائز، بل سيلقون المنتصر والمهزوم في مزبلة التاريخ لتتحرر مصر.