تتعدد المؤشرات التي ترمي إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تكون جادة في المفاوضات المفترض إجراؤها مع كوريا الشمالية في مايو المقبل، فرغم أن الأخيرة استبقت المفاوضات التاريخية بتقديم العديد من الإجراءات التي تدل على حُسن نيتها، لكن واشنطن لاتزال تقف مكانها، ولا تتقدم خطوة واحدة باتجاه بيونج يانج، الأمر الذي قد يدفع المفاوضات إلى التعثر في أي لحظة حال نفاذ صبر الزعيم الكوري الشمالي. تدريبات عسكرية جديدة ذكر مسؤول عسكري، اليوم الأحد، أن كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة ستبدآن غدًا الاثنين تدريباتهما السنوية المعروفة باسم "الحل الرئيسي" كما مقرر، قائلا إن التدريبات القائمة على المحاكاة ستستمر لمدة أسبوعين، والغرض الرئيسي منها، التدريب ضد هجوم كوري شمالي، لكن من غير الواضح ما إذا كان التدريب سيجري أيضًا يوم الجمعة، عندما يجتمع زعيما الكوريتين في قمة تاريخية، على حد قول المسؤول، فيما أكد الجيش الكوري الجنوبي، أن حوالي 12 ألفا و200 جندي، شاركوا في التدريبات السنوية السابقة، وسوف يشارك الرقم نفسه تقريبًا هذا العام. ويأتي انطلاق التدريب العسكري بعد أسابيع قليلة من إطلاق تدريب "فرخ النسر" بين الدولتين مطلع أبريل الجاري، حيث ضمت قوات برية وجوية وبحرية ومن العمليات الخاصة، وشارك فيها 23 ألفا و700 جندى أمريكي، و300 ألف جندي كوري جنوبي، وهو التدريب الذي أثار غضب بيونج يانج حينها، وهددت بمواجهة الولاياتالمتحدة إذا أجرت المزيد من التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، قائلة إن التدريبات ستضر بجهود المصالحة في شبه الجزيرة الكورية، وذكرت حينها: إذا استقرت الولاياتالمتحدة في نهاية الأمر على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، مع الإبقاء على العقوبات ضد كوريا الشمالية، فإن كوريا الشمالية ستواجه الولاياتالمتحدة وفقا لما تراه أسلوبًا مناسبًا كإجراء مضاد، وعلى الولاياتالمتحدة تحمل مسؤولياتها عما سيترتب على ذلك من آثار. بين التدريبات والمفاوضات.. تناقض أمريكي ورأى العديد من المراقبين أن استمرار التدريبات العسكرية بين كوريا الجنوبيةوأمريكا، واستمرار العقوبات المفروضة على بيونج يانج، يتناقض مع الأجواء السياسية التفاؤلية التي تسود شبة الجزيرة الكورية والدول الغربية، وقد ينعكس سلبًا على القمة المقرر عقدها بين الكوريتين والثانية المقررة بين أمريكاوكوريا الشمالية، فطالما شجبت بيونج يانج مثل هذه المناورات العسكرية واعتبرتها استعدادًا لبدء غزو ضدها، فيما لاتزال كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة متمسكتان بإجرائها في موعدها دون الأخذ في الاعتبار عواقبها على المحادثات المقررة. على جانب آخر، فإن الخطوات العدائية التي تتخذها الولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه كوريا الشمالية، وعدم إظهار واشنطن أي بادره حسن نية من جانبها قبل انطلاق المفاوضات المقررة في مايو المقبل، يتناقض تمامًا مع الخطوات التي اتخذتها بيونج يانج للتقارب خطوات مع واشنطن وإذابة الجليد بين الطرفين، والتي كان آخرها إعلان زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، الجمعه الماضية، أن بلاده ستتوقف عن إجراء تجارب نووية وإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات، مضيفا أن بيونج يانج لم تعد بحاجة إلى إجراء تجارب نووية أو تجارب لإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات؛ لأنها استكملت التسلح النووي، معلنًا غلق كوريا الشمالية موقع التجارب النووية في الجزء الشمالي من البلاد للتأكيد على وعدها بوقف الاختبارات. الإعلان الكوري الشمالي شكل مفاجأة سارة بالنسبة لجميع دول العالم، حيث لاقى هذا الإعلان ترحيبا دوليا غير مسبوق من دول الاتحاد الأوروبي وشبة الجزيرة الكورية، حتى أن الرئيس الأمريكي كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، الجمعة الماضية: "وافقت كوريا الشمالية على تعليق كل تجاربها النووية وإغلاق ميدان كبير للتجارب، وهذه الأنباء جيدة جدًا بالنسبة لكوريا الشمالية والعالم كله، إنه تقدم كبير، وأنتظر قمتنا". تشكيك أمريكي الحديث عن تدريبات عسكرية من شأنها إثارة استفزاز بيونج يانج، يتناسق مع الحديث عن تشكيك دوائر صنع القرار المُقربة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في نيه كوريا الشمالية التخلي عن برنامجها النووي، حيث أكدت صحيفة "واشنطن بوست"، أن مستشاري الرئيس الأمريكي يشعرون بالقلق من أن زعيم كوريا الشمالية قرر تقديم وعود متواضعة نسبيًا يمكن أن يستردها بسرعة، وفي رأيهم، يريد "كيم جونج أون" أن يخلق وهمًا بأنه عقلاني ومستعد للتسوية والمفاوضات، وشكك معظمهم في تخلي كوريا الشمالية عن مواصلة التجارب النووية والصاروخية، ويعتقدون أن وعود بيونج يانج بمثابة "فخ"، كما يعتقد مستشارو ترامب، أن الولاياتالمتحدة سيكون من الصعب عليها في المستقبل رفض مطالب كوريا الشمالية، كما ينظر بعضهم إلى بيان "كيم جونج أون"، كمحاولة لإجبار الولاياتالمتحدة وحلفائها على تخفيف العقوبات الاقتصادية ضد بيونج يانج.