مازالت الاعتراضات على مشروع الموازنة العامة الجديدة للعام المالي 2018/2019 مستمرة، وذلك في المناقشات التي يجريها مجلس النواب للمشروع الجديد الذي يبدأ العمل به في 1 يوليو 2018، وقدرت مصروفات الموازنة الجديدة بنحو 1.4 تريليون جنيه والإيرادات ب989.1 مليار جنيه، ما يعني وجود عجز كلي يبلغ 438.6 مليار جنيه. ناشدت بعض الأحزاب ومنها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أعضاء مجلس النواب عدم التصديق على مشروع الموازنة الجديدة مطالبين بفتح حوار مجتمعي حول كيفية علاج مشاكل عجز الموازنة والمديونية، وكيفية استعادة تنمية وتطوير القطاعات السلعية في الزراعة والصناعة قاطرة التنمية الحقيقية مع ضرورة التوزيع العادل لثمار وأعباء التنمية، من منطلق أنه لا يعقل تحميل محدودي الدخل وحدهم بأعباء الأزمة بينما تنحاز السياسات لكبار موظفي الدولة ورجال الأعمال. وحول الاعتراضات على مشروع الموازنة العامة الجديدة، قال إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي، إن رفض مشروع الموازنة يأتي بسبب فرض المزيد من الأعباء علي الكادحين ومحدودي الدخل والمزيد من الديون، وهو ما لا يمكن قبوله في ظل صدور عشرات التشريعات المنحازة للاستثمار الأجنبي والقطاع الخاص المحلي. وأضاف الميرغني: الموازنة الجديدة لم تترك الكثير للإنفاق على الأجور والتعليم والصحة وباقي الخدمات الحيوية، ولم تحقق الاستحقاقات الدستورية في نسب الإنفاق على التعليم والصحة للدخل القومي، وتم الاكتفاء بمعدلات الزيادة المعتادة، وأصبح الجزء الأكبر من موارد مصر يوجه لسداد الديون وفوائدها، التي ارتفعت من 193 مليار جنيه في 2014/2015 إلى 541.3 مليار جنيه للعام المالي 2018/2019. وأكد الخبير الاقتصادي على رفض مشروع الموازنة لأنه يعمل على خصخصة قطاعات اقتصادية حيوية مثل قطاع الغاز بعد أن أقر فتح مشاركة القطاع الخاص في أنشطة التداول والتوزيع بعد أن تم رفع الدعم عنه بالكامل، وكذلك قطاع التشييد وقطاع السياحة بل وتمتد لقطاع النقل والمواصلات من النقل العام والسكك الحديدية ووصل إلى الموانئ. ومن أسباب الرفض أيضا عدم طرح مشروع الموازنة خطة لتشغيل مصانع القطاع الخاص المتوقفة والتي يزيد عددها على 4 آلاف مصنع، بل يسعى لبيع 23 بنكاً وشركة منتجة ومربحة في قطاعات استراتيجية بمسمى "توسيع قاعدة الملكية" ليفقد الشعب المصري والأجيال القادمة ملكية هذه الأصول، بما يضيق قاعدة الملكية بنقلها من ملكية الدولة "الملكية العامة" إلى ملكية الاحتكارات والاستثمارات الأجنبية. واعترض الميرغني على تخفيض دعم الكهرباء من 30 مليار جنيه العام الماضي إلى 16 مليار جنيه في الموازنة الجديدة بنسبة تخفيض 47% عن العام الماضي، وهو ما يعني ارتفاع أسعار الكهرباء مرة أخرى، وخفض دعم المواد البترولية من 110 مليار جنيه العام الماضي إلى 89 مليار جنيه في الموازنة الجديدة بنسبة تخفيض 19% وهو ما ينعكس بالارتفاع على مجمل تكلفة المواصلات والنقل، كما أنه لا يوجد كبح لنهج الاقتراض الذي يفرض أعباء جديدة تعمق تبعية الاقتصاد نتيجة السداد من الأصول الاقتصادية الاستراتيجية فضلا عن التنازلات السياسية لصالح الدائنين. ومن جانبه تساءل حزب التحالف، في بيان له، عن الوظائف التي أعلن عنها مشروع الموازنة العامة الجديدة، والذي تحدث عن توفير 800 إلى 900 ألف فرصة عمل في الوقت الذي تغلق فيه الشركة القومية للأسمنت بدعوى نقلها ويتم وقف مشروع تطوير شركة الحديد والصلب ولا توجد خطط معلنة لتشغيل المصانع المتوقفة. وأكد التحالف أن السياسة الضريبية المعتمدة على الضرائب غير المباشرة التي يتحملها الفقراء وضرائب الدخل التي يدفعها العمال والموظفون مستمرة مع المزيد من الإعفاءات للمستثمرين ورجال الأعمال ورفض إقرار الضرائب التصاعدية أو فرض ضرائب على تعاملات البورصة، مشيرا إلى أن هذه السياسات ستؤدي لمزيد من الإفقار وتدهور مستوى معيشة معظم المصريين، وبدلا من حمايتهم تقلص الموازنة المخصص لقطاع الحماية الاجتماعية ملياري جنيه عن العام الماضي، كما تخفض الإنفاق على قطاع الإسكان والمرافق المجتمعية بقيمة 3 مليارات جنيه عن العام السابق.