حالة من الجدل شهدتها لجنة الاتصالات بالبرلمان، اليوم، عقب مناقشة المواد المنظمة لإجراءات حجب المواقع الإلكترونية بمشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتي اعتبرها ممثلو المجلس القومي لحقوق الإنسان بالعقابية، ما أثار حفيظتهم. وأجاز مشروع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لسلطة التحقيق إصدار الأمر بحجب أي من المواقع الإلكترونية إذا ما ارتكب جرائم ترى أنها تخل بالأمن والاقتصاد القومي، وقد شمل القانون في تعريفه للمواقع الإلكترونية صفحات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإعلامية والصحفية. وخلال الجلسة، أعلن عدد من النواب تخوفهم من مادة حجب المواقع الإلكترونية، واصفين إياها بالعقابية، وقال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ياسر عبدالعزيز، إن حجب المواقع الإعلامية يتعارض مع المادة 71 بالدستور، التي حظرت إغلاق أي وسيلة إعلامية، في حين أن المواقع الإعلامية الإلكترونية تخضع لسلطة المجلس الأعلى للإعلام، كما أنه يجب ألا يتم حجب أي موقع إلا بعد صدور حكم قضائي بحقه، وبالنسبة لحجب المواقع بسبب تهديدها للأمن القومي فإن مصطلح الأمن القومي واسع جدًا، وهنا يخضع لرؤية صاحب قرار الحجب فقط، ويجب أن يكون المصطلح دقيقًا. ممثل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات محمد حجازي، قال إن حجب المواقع لا يتمّ إلا بأمر قضائي بالفعل، وتطلع جهة التحقيق المحكمة على "أمر" الحجب، مدعوما بمذكرة بالأسباب والرابط، وللمحكمة أن تأمر بالحجب أو لا، وفي حالة الضرورة فقط ووجود خطر أو ضرر وشيك تقوم جهة التحقيق بإبلاغ الجهاز القومي للاتصالات، ليقوم بإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب ويعرض أيضا الأمر بعدها علي المحكمة المختصة، وهو ما علق عليه عبدالعزيز بقوله: "هنا لا بد من تعديل المادة بأن يكون لجهة التحقيق أن "تطلب" حجب الموقع محل البث، بدلأً من النص القائم بأن "تأمر"، فصلاحيات توقيع العقوبات يجب أن تكون بيد السلطة القضائية وليس جهة التحقيق، وشدد على ضرورة إصدار قانون الحق في تداول المعلومات المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور. من جانبهم، اعترض أعضاء تكتل 25-30، وعدد من النواب على مادة الحجب، ومن المتوقع أن تشهد المادة جدلًا واسعًا عند مناقشتها، عقب انتهاء لجنة الاتصالات من التقرير النهائي الخاص بها. ويرى مرتضى هشام، مسؤول حرية تداول المعلومات بالمركز العربي لحقوق الإنسان أنه وفي العصر الحالي بات منع مقدم الخدمة من البث أمرًا صعبًا، في ظل التقدم التكنولوجي الذي يدفع بعشرات البدائل لمواجهة الحجب، كما أن الحكومة لن تستطيع أن تمنع البث إذا تم خارج البلاد مثلًا، وأضاف ل"البديل" أن مواجهة المواد الإعلامية المضللة لا تكون بالحجب، بل بمواد إعلامية تقدم الشواهد والأدلة الصحيحة، وتحقق الموضوعية والمصداقية، خاصة أن حجب المواقع الإعلامية بالأخص أمر يتعارض مع الدستور.