رغم إعلان البنك المركزي المصري عن وجود طفرة كبيرة بشأن أداء ميزان المدفوعات حدثت على معاملات الاقتصاد خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، وفي ظل حديث الدولة عن السعي لجذب استثمارات مباشرة خلال الفترة الماضية والتصريحات الحكومية عن زيادة الاستثمار الأجنبي، فإن البيان التحليلي، يكشف أن كل ما يقال عكس الواقع تماما. وكشف البيان التحليلي عن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر من 4.3 مليار دولار في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2016 إلى 3.8 مليار دولار في يوليو إلى ديسمبر 2017، وهو ما يعني أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر تراجعت بنحو 12% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري عن النصف الأول خلال العام المالي الماضي. وذكر البنك المركزي في بيان صحفي، هروبا من هذه النقطة، أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر حقق إجمالي تدفق للداخل نحو 6.6 مليار دولار في حين سجل إجمالي التدفق للخارج نحو 2.8 مليار دولار، وبذلك بلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر 3.8 مليار دولار تدفق للداخل كنتيجة أساسية لتحقيق صافي الاستثمار في قطاع البترول نحو 2.1 مليار دولار، ولم يقارن البنك بمعدل ما حقق الاستثمار في العام الماضي ولكنه ذكره في البيان التحليلي لميزان المدفوعات. يأتي هذا بعد أن أصدرت مصر قانون الاستثمار الجديد خلال العام الماضي وعملت على تقديم تسهيلات للحصول على التراخيص الصناعية، كما طورت الحكومة مراكز خدمة المستثمرين، من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، والقضاء على البيروقراطية ومع ذلك لم يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر وذلك يرجع لعدة أسباب منها أن ارتفاع أسعار الفائدة خلال العام الماضي بواقع 7% حتى أول العام الحالي، وهو ما أدى لإحجام المستثمر عن ضخ مزيد من الاستثمارات وتفضيل الاستثمار في أدوات الدين الحكومية لزيادة الربح دون مخاطر، قبل أن تتراجع خلال الأشهر الماضية 2%، ويحتاج الاستثمار إلى مزيد من تراجع معدلات الفائدة لكي يتحسن الاستثمار مجددا. وعلى الجانب الإيجابي، ذكرت بيانات المركزي أن هناك تحسنا في الموارد من العملة الصعبة الواردة من السياحة والتصدير وتحويلات المصريين في الخارج، بما ساهم في انخفاض العجز في ميزان المعاملات الجارية للبلاد. وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج في النصف الأول للعام المالي 2017/2018 إلى نحو 13.1 مليار دولار مقابل 10.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق بزيادة 3 مليارات دولار، وارتفعت متحصلات السفر، المساهم الأكبر في الانخفاض في عجز حساب المعاملات الجارية، إلى 3.8 مليار دولار مقارنة ب -157.4 مليون دولار في العام المالي السابق بزيادة قدرها 4 مليارات دولار، وساهم ارتفاع قيمة الصادرات السلعية مقارنة بقيمة الواردات السلعية في انخفاض صافي الواردات بقيمة 268.5 مليون دولار نتيجة ارتفاع الصادرات من السلع تامة الصنع ومنها الأجهزة الكهربائية والأسمدة الفوسفاتية والزجاج والأقمشة والسجاد والأدوية. الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني، قال إنه الاستثمار المباشر في مصر بالفعل يتراجع، بأرقام الحكومة المعلنة، ولكنها لا تشير إلى ذلك ولا تسعى إلى إيجاد حل لهذا التراجع، لكن في قطاع البترول هناك استثمارات تضخها الشركات لأنها تجني مكاسب كبيرة من الاستثمار في مصر والمستقبل الواعد للغاز، أما سندات وأذون الخزانة وفي ظل أسعار الفائدة المرتفعة فهي أداة عالية الربحية للمستثمرين الأجانب. وأضاف الميرغني ل«البديل» أن هيئة الاستثمار أصبحت تحتسب الاستثمار الأجنبي بالجنيه المصري بدلا من الدولار لكي توسع الإنجازات، مشيرا إلى أن زيادة الاستثمار الأجنبي في مصر تتطلب أولا أن يكون الوضع السياسي مستقرا، وثانيا وضع خطة تنمية بأولويات واضحة، وثالثا تحديد للقطاعات المطلوب الاستثمار بها وحوافز الاستثمار بهذه القطاعات لتشجيع الاستثمار مع خفض أسعار الفائدة لأنها العدو الأساسي للاستثمار.