في أول زيارة خارجية للزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، منذ توليه الحكم عام 2011، التقى بنظيره الصيني، شي جين بينغ، في زيارة سرية بدأها يوم الأحد الماضي، ولم يكشف عنها إلا بعد انتهائها. وحملت الزيارة الكورية إلى الصين سلسلة مواقف أطلقها الزعيم الكوري الشمالي؛ كان أبرزها تعهده بنزع السلاح النووي من شبة الجزيرة الكورية، رابطا الأمر باستجابة كوريا الجنوبيةوالولاياتوالمتحدة لجهود بيونج يانج بحسن نية. من جهته، قال الرئيس الصيني إن علاقة الصداقة بين البلدين لن تتغير بسبب حادث منفرد في وقت معين، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، لو كانج: "الرئيس الصيني قيّم بشكل إيجابي الجهود التي بذلتها، كوريا الشمالية لإحداث تغيرات إيجابية في شبة الجزيرة الكورية، نحن على استعداد للعمل مع الأطراف المعنية بما في ذلك كوريا الشمالية لنزع السلاح النووي وتحقيق السلام والاستقرار في شبة الجزيرة الكورية". الزيارة كانت تحت متابعة أنظار مراقبين دوليين كثر؛ فكوريا الجنوبية رأت أن تحسن العلاقات بيونج يانجوبكين سيكون مؤشرا إيجابيًا قبل اجتماعات مرتقبة تشارك فيها الكوريتان وواشنطن، فيما نظرت اليابان للزيارة باهتمام بالغ في انتظار توضيحات مفصلة عن الزيارة من قبل الصين، أما روسيا حليفة كوريا الشمالية، وصفت الاجتماع بأنه خطوة مهمة لدعم التغيرات الإيجابية في شبة الجزيرة الكورية. الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والمعروف بهجومه الحاد على الزعيم الكوري، أعرب عن ارتياحه للقاء، قائلًا إنه تلقى رسالة من الرئيس الصيني مفادها، أن الاجتماع كان جيدًا جدًا، وأن الزعيم الكوري الشمالي متشوق للقائه، لكنه لم يفصح ما إذا كان أيضا متشوقا للقائه، في ظل التغيرات السياسية التي أجرها الرئيس الأمريكي في حاشيته السياسية، التي أفضت إلى قدوم جون بولتون على رأس الخارجية الأمريكية، والمعروف بسياسته المتشددة تجاه كوريا الشمالية، وما إذا كانت هناك ضمانات حقيقية تستطيع إدارة ترامب تقديمها للزعيم الكوري الشمالي تكون بعيدة عن الضمانات الأمريكية لإيران في ملفها النووي. وحول الدور الصيني في الملف النووي الكوري، فهناك العديد من الرسائل بعثتها كوريا الشمالية من بكين، فالصين تمثل ضمانة كورية قوية لأي اتفاق قد يبرم مع واشنطن، واتخاذ كيم الصين منطلقا لباكورة زياراته الخارجية، يعطي رسائل واضحة أن التحركات الكورية باتجاه واشنطن منسقة مع الصين. اللافت، أن توقيت الوساطة الصينية بين واشنطنوبيونج يانج يتزامن مع علاقات متوترة بين الصينوأمريكا؛ فقبل أيام أطلقت بكين بورصة النفط بعملتها المحلية "اليوان"؛ للحد من هيمنة أمريكا بعد اشتعال الحرب التجارية بينهما، بعد قرار ترامب فرض الضرائب على الصلب الأجنبي بما فيها الصلب الصيني. وفي منتصف الشهر الجاري، لوحت الصين بالحرب بسبب "قانون السفر إلى تايوان"، الذي أقرته واشنطن، حيث اعتبرته بكين تدخلا في شؤونها الداخلية، وهدد الرئيس الصيني ب"معركة دموية" لاستعادة الأراضي الصينية، بعدما أقرت الولاياتالمتحدة في 16 مارس الجاري، قانونا يسمح للمسؤولين الأمريكيين بالسفر إلى تايوان للقاء نظرائهم التايوانيين، رغم اعترافها بمبدأ "صين واحدة" منذ عام 1979. وما يدفع الصين للعب دور الوساطة في الملف الكوري الأمريكي، أن بكين تريد أن تكون جارتها الكورية الشمالية خالية من السلاح النووي، الأمر الذي يمنحها مزيدًا من الاستقرار لأمنها القومي، كما أنها لا ترغب في اشتعال منطقة بحر الصين الجنوبي بحروب بين واشنطنوبيونج يانج، قد تهدد طرقها التجارية، خاصة أن العملاق الصيني يغزو العالم من خلال الاقتصاد، كما ستقبل واشنطن الدور الصيني، خاصة أن السلاح النووي الكوري بات يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي الأمريكي.