تواجه مدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا أزمة جفاف منذ عدة أعوام حتى وصل الأمر الآن أنها تتحسب يوم نفاد إمدادات المياه وتوقف تدفق مياه الصنابير، وسط استمرار جهود حكومية مكثفة في اتخاذ إجراءات صارمة لترشيد الاستهلاك ومحاولة تجنب "اليوم صفر"، وبذلك قد تصبح كيب تاون هذا العام المدينة الأولى التي تنفد منها المياه في العالم. وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا تشير فيه إلى أن المسؤولين الذين اجتمعوا مؤخرا لمناقشة أزمة الجفاف الوشيكة خلصوا إلى استنتاج مروع مفاده: إذا لم ينخفض بشده استهلاك سكان كيب تاون البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة من المياه، سيتعين على المدينة الساحلية الواقعة أسفل جبل تيبل أن تتخذ خطوة نادرة بإغلاق صنابير مياه المدينة لتجنب نفاد المياه. وأوضح التقرير، الذي أعده نائب مدير مكتب الصحيفة الأمريكية في إفريقيا جابرييل ستينهوسر، أن هذا الإعلان الصادم في أواخر يناير أثار سباقا لمنع ما سماه المسؤولون والمقيمون "اليوم صفر – Day Zero"، الذي سيتم فيه قطع إمدادات المياه الحكومية لمعظم البيوت والشركات. منذ بداية فبراير، عاش سكان كيب تاون مع بعض القيود الحكومية الصارمة على استخدام المياه بحيث وصل نصيب الشخص الواحد إلى 13.2 جالون يوميا، وهو ما يكفي في المتوسط للاستحمام لمدة دقيقتين وثلاث مرات شد "سيفون" المرحاض، كما تتعامل الحكومة مع الإسراف في استهلاك المياه عن طريق تركيب أجهزة تحكم في الإمدادات تبطئ تدفق المياه إلى درجة هزيلة للغاية بعد الوصول إلى الحد اليومي للاستهلاك. ونجحت كيب تاون الأسبوع الماضي، في تأجيل حدوث "اليوم صفر" من 12 أبريل إلى 9 يوليو العام الجاري، ويقول المسؤولون إنه لا يزال من الممكن تجنب النفاد التام للمياه عن طريق تعاون السكان وهطول كميات كافية من الأمطار واستمرار جهود تحلية المياه وضخها من طبقات المياه الجوفية. ويقول الخبراء إن مخزون المياه المستنزف في سد ثيواترسكلوف، أكبر خزان مياه في جنوب إفريقيا والذي يعتبر شريان الحياة المائي لمدينة كيب تاون، يحتاج إلى ما بين ثلاث إلى أربع سنوات من هطول منتظم للأمطار واستمرار نهج استهلاك مياه منخفض للتعافي. ومن بين إجراءات ترشيد الاستهلاك، تصادر الشرطة خراطيم المياه من الأشخاص الذين يستخدمونها في غسل السيارات أو رش الحدائق مع دفع غرامة مالية، كما وضعت الحكومة خطة استدعاء للجيش من أجل تأمين 200 نقطة مياه مركزية، التي سيتعين على السكان الاصطفاف طابور عندها للحصول على المياه. ونقل تقرير "وول ستريت جورنال" عن زانثيا ليمبرج، عضو مجلس المدينة المسؤول عن المياه والصرف الصحي في كيب تاون قولها: "هناك نوع من الشعور غير المستوعب بشأن محاولة فهم الأثر الهائل الذي يمكن أن يؤديه اليوم صفر وكيف يمكننا إدارة ذلك". ومثل كثيرين آخرين، غيرت ليمبرج نمط حياتها بسبب الأزمة؛ فقصت حوالي 10 بوصة من شعرها لترشيد استهلاك المياه أثناء الاستحمام، كما تستخدم المياه الناتجة من الغسيل والاستحمام لملأ "سيفون" المرحاض أو رش الحديقة؛ تضع الطعام في الأطباق الورقية لتجنب الحاجة إلى غسل الأطباق. وتعتبر كيب تاون، المعروفة بأنها المدينة الأم والمركز السياحي الرئيسي لجنوب إفريقيا، أحدث مثال على كيفية تغير المناخ وما ينتج عنه من أنماط قاسية تجبر المدن في جميع أنحاء العالم على إعادة النظر في كيفية عملها. في يوليو العام الماضي، أغلق البابا نوافير، الفاتيكان لرفع مستوى الوعي بشأن الجفاف، كذلك تعيد الحكومات في مختلف أنحاء العالم التفكير في شبكات المياه الحضرية القائمة التي أنشئت لملأ المراحيض والاستحمام من مياه الشرب. كما تدفع ندرة المياه الناجمة عن الجفاف، الحكومات والأفراد إلى اتخاذ خيارات صعبة؛ على سبيل المثال، هل من المهم أكثر الحفاظ علي موسم الحصاد القادم أم ضمان حصول السكان علي حمامهم اليومي؟ قطع المياه إجباريا لجزء من اليوم أم الاعتماد على وعي السكان في احترام حصصهم المائية؟ الاستحمام أم غسل الملابس؟ في عام 2017، حصلت كيب تاون، التي يمتد موسم الأمطار فيها عادة من مايو إلى أغسطس، على أقل من نصف متوسط هطول الأمطار مما جعله العام الأكثر جفافا على الإطلاق، جنبا إلى جنب مع عامي 2015 و2016، لم تشهد المدينة قلة في هطول الأمطار مثلما شهدت في السنوات الثلاث الماضية. ورغم القيود الحكومية على استخدام المياه، لا يزال معدل استهلاك سكان كيب تاون من المياه أكثر مما ينبغي؛ في الأسبوع الماضي استخدمت المدينة حوالي 138 مليون جالون من المياه يوميا وهذا يتجاوز هدفها البالغ 119 مليون جالون، على سبيل المقارنة، خفضت كاليفورنيا استهلاكها من المياه البلدية بحوالي 25% خلال فترة الجفاف في 2012 – 2016. يقول عالم الهيدرولوجيا وعلم المناخ في جامعة كيب تاون، بيوتر وولسكي: "تعتبر المدينة مثالا جيدا على ما يمكن أن يحدث في المستقبل في العديد من الأماكن الأخرى، التي آمل أن تتعلم الدرس منا". في مدن الصفيح الفقيرة المترامية الأطراف في كيب تاون، حيث يعيش حوالي 15٪ من سكان المدينة والاصطفاف من أجل الماء ليس جديد، ويتشارك السكان بالفعل في الصنابير والمراحيض المشتركة، تعرقل القيود المفروضة على المياه سبل العيش. ويقول مثوكوزيسي ديو، الذي تم القبض عليه لاستخدامه مياه الصنبور في غسل السيارات: "عليهم أن يأخذوني إلى السجن لأنني لا أملك المال"، مؤكدا أنه لا يملك سوى بدائل قليلة لإطعام أسرته إلى جانب غسل السيارات، وهي الممارسة التي أصبحت محظورة الآن"، بينما في الضواحي الأكثر ثراء، يتذمر السكان أصحاب الاستهلاك المرتفع من أجهزة التحكم في إمدادات المياه للمنازل، ويقول ويتنس موتيسي: "إنهم يطاردوننا مثل الكلاب". وتعليقا على ذلك، قالت السيدة ليمبرج، عضو مجلس المدينة، إن مثل هذه الأجهزة ستصبح معممة بشكل أساسي في كيب تاون، مؤكدة أنه عليهم النظر إلى الأمور تحت نوع جديد من الضوء وعليهم التعود على هذا الوضع الطبيعي الجديد. https://www.wsj.com/articles/parched-south-africa-city-struggles-to-avoid-day-zero-water-shutdown-1520078401