حسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي أخيرًا، الموقف من المحادثات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة؛ بالموافقة على الانضمام إلى الحكومة الائتلافية التي ترأسها المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لتتمكن الأخيرة من تشكيل الحكومة بعد مفاوضات سياسية دامت قرابة 6 أشهر. ومنذ الانتخابات التشريعية، التي جرت قبل 5 أشهر، حاولت ميركل تشكيل ائتلاف سياسي جديد، وتوقع كثيرون إخفاقها أمام كل العقبات، لكنها نجحت في تخطيها جميعًا؛ وآخرها تمثل في حصولها على أصوات الحزب الاشتراكي الديمقراطي اللازمة لتشكيل حكومتها، حيث وافق قرابة نصف مليون من أعضائه بنسبة 66% على الانضمام مجددًا للائتلاف الحكومي، وبالتالي ستكون ميركل للمرة الرابعة مستشارة لألمانيا، ويكون الحزب الاشتراكي جنّب ألمانيا وأوروبا مرحلة ضبابية. وقال رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أولاف شولتز، "نحن الآن مستعدون في الحزب للدخول في حكومة فيدرالية جديدة، لم يكن قرارًا سهلًا لحزبنا"، مضيفا "بنود الائتلاف الجديد، تم مناقشتها بدقة خلال الأسابيع الماضية"، وستكون تفاصيل البنود التي أشار إليها شولتز محل نقاش بدءًا من اليوم. من جهتها، هنأت ميركل بالنتيجة، وقالت إنها تتطلع للعمل مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي من أجل مصلحة البلاد، وأضافت أنه "بعد المسيحي والبافاري، أعلن الاجتماعيون حاليًا استعدادهم أيضًا لتولي المسؤولية في حكومة مشتركة". وكانت مفاوضات تشكيل الحكومة هذه المرة من أصعب ما مرت به ميركل، منذ توليها منصب المستشارة قبل 12 سنة، حيث حاولت عقد ائتلاف مع أهم الأحزاب الألمانية، حزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي، لكنها أخفقت، ولجأت للحزب الاجتماعي الديمقراطي، الذي منحها الفرصة، لكنها لا تخلو من معارضة حتى من داخل الحزب. ومن داخل الاتحاد المسيحي الديمقراطي، هناك من انتقد ميركل أيضًا على تخليها عن حقيبة وزارة المالية للحزب الاجتماعي الديمقراطي من أجل القبول بالائتلاف، فوزارة المالية تقليديًا كانت من أهم الوزارات التي لا يتخلى عنها المحافظون في ألمانيا. ومن خارج حزب ميركل، أكد رئيس المعسكر الرافض للدخول في ائتلاف مع المستشارة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كيفن كونرت، أنه سيواكب "الحكومة العتيدة بانتقاد شديد"، مشيرًا إلى أنه "لن يتم شراؤنا ولا إسكاتنا (المعارضين) بالمناصب". وتزامنًا مع موافقت الحزب الاشتراكي الديمقراطي على المشاركة في تشكيل ائتلاف الحاكم، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "إمنيد" لقياس مؤشرات الرأي لصالح صحيفة "بيلد" الألمانية، تراجع تأييد المواطنين الألمان للحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى أدنى مستوى تم رصده على الإطلاق، وكشف الاستطلاع عن زيادة تأييد المواطنين للأحزاب التي رفضت التحالف مع ميركل، حيث زادت شعبية حزب الخضر بمقدار نقطة مئوية ليصل إلى 12%، فيما فقد الحزب الديمقراطي الحر نقطة مئوية وتراجع إلى 9%. وإمكانية تشكيل الائتلاف بعد هذه النتيجة في استفتاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ستفتح الطريق أمام انتخاب ميركل مستشارة في البرلمان الألماني "بوندستاغ"، وأكد فولكر كاودر، رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل، أن البرلمان سوف يعيد انتخاب الأخيرة مستشارة لفترة رابعة في الرابع عشر من مارس الجاري. وعبرت دول مجاورة لألمانيا ومحورية في أوروبا عن ارتياحها لموافقة الاشتراكيين الألمان على دخول ائتلاف حاكم في نسخة جديدة مع المحافظين بزعامة ميركل، حيث اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الحليف الاستراتيجي لبرلين أن موافقة الاشتراكيين على دخول نسخة جديدة من الائتلاف مع ميركل "نبأ سارا لأوروبا"، بحسب تعبير بيان قصر الإليزيه أمس، كما رحبت المفوضية الأوروبية بقرار الاشتراكيين تمهيد الطريق لتشكيل حكومة ذات أغلبية برلمانية في ألمانيا. وكانت ميركل انتهت في 25 فبراير الماضي، من وضع قائمتها الخاصة بالمناصب الوزارية التي سيشغلها حزبها ضمن الحكومة الائتلافية القادمة، واحتفظت ببعض الوجوه القديمة مثل بيتر آلتماير وأورزولا فون دير لاين، في حين ستمنح المناصب الوزارية الأخرى لأعضاء جدد من حزبها وخصوصا من الجيل الشاب. ووفقا لما ذكره المشاركون في لجان الحزب، فإن المرشحين للمناصب الوزارية الستة التي تخص الحزب المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل) ضمن حكومة الائتلاف الكبير هم، بيتر ألتماير للاقتصاد، وهيلغا براون المستشارية، أنيا كارليتسيك التعليم، يوليا كلوكنر الزراعة، أورزولا فون دير لاين الدفاع، ويينزشبان للصحة. ومن أبرز الوزراء المحتملين في حكومة ميركل من خارج حزبها، السياسي الاشتراكي أولاف شولتس، كوزير للمالية، كما سيشغل منصب نائب المستشارة أيضا، والخارجية والعدل قد تذهبان إلى الحزب الاشتراكي أيضَا، فمارتن شولتس مرشح بقوة لتولي الخارجية، وهايكو ماس مرشح للعدل، أما وزارة الداخلية، فقد تذهب إلى هورست زيهوفر، من الحزب المسيحي الاجتماعي (البفاري).