خالد عبدالمنعم ومصطفى عبدالفتاح تحل اليوم ذكرى اغتيال الإذاعية سلوى حجازي، التي يعرفها البعض ب"ماما سلوى"، ويعرفها آخرون بالمذيعة الجميلة، التي أجرت أفضل الحوارات مع كبار الفنانين ومنهم أم كلثوم، والتي اغتالها الطيران الإسرائيلي في مثل هذا اليوم من عام 1973، واندثرت قصتها مع مرور الزمن، واكتفت مصر ممثلة في الرئيس أنور السادات، وقتها بمنحها وسام العمل من الدرجة الثانية واعتبارها شهيدة العمل الوطني. قصة سلوى حجازي تحتوي بين جنباتها الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام التي لم يكشف عنها حتى اليوم، فإحدى الروايات عن واقعة سقوط الطائرة قالت إن الطائرات الإسرائيلية قامت بالتشويش على الأجهزة الملاحية للطائرة المدنية وأجبرتها على تغيير خط سيرها حتى تضطر للهبوط في الأراضي المحتلة، وهناك تفسيران لهذا الموقف، الأول أن إسرائيل ظنت أن جاسوستها المصرية هبة سليم، على متن الطائرة لتهريبها، لكن لم تكن معلومات الموساد صحيحة، فقامت المقاتلات الإسرائيلية باقتياد الطائرة إلى موقع فوق سيناء المصرية وأطلقت عليها صواريخها وانفجرت الطائرة وتساقطت أجزاؤها وقتل معظم ركابها. أما التفسير الثاني ففي مقال كتب تحت عنوان "أفرجوا عن أسرار مقتل سلوى حجازي" للكاتبة الصحفية آمال عثمان، قالت فيه إن الراحلة لعبت دورا كبيرا في حرب أكتوبر 1973 لم يكشف عنه حتى الآن مفسرة ذلك بأنها إحدى البطلات المصريات اللاتي تعاون مع المخابرات المصرية خلال فترة حرب الاستنزاف، وتكشف الدور الذي لعبته كهمزة وصل بين المخابرات المصرية وعملائها في الخارج، وأنها كانت في مهمة وطنية خلال رحلتها إلى ليبيا، لاستلام ميكروفيلم ورسومات تخطيطية لتحركات الجيش الاسرائيلي ومواقع الرادارات الحديثة. وتابعت آمال عثمان: "وحين أيقنت المخابرات الأمريكية والموساد خطورة المعلومات التي تحملها سلوى حجازي، وما يمكن أن تحدثه من ثغرات في شبكة الدفاع الإسرائيلي، أصدرت أوامرها باعتراض الطريق الملاحي الجوي بين ليبيا ومصر، واستهدفت طائرة حربية إسرائيلية الطائرة بصاروخ فجرها في فبراير 1973 واغتال كل من كان على متنها". وأكملت روايتها قائلة: "لم تدرك المخابرات الإسرائيلية أن المخطوطات كانت قد وصلت بالفعل مع الميكرو فيلم إلى مصر، حيث شعرت سلوى حجازي أن هناك من يرصد تحركاتها، فقامت بتسليم ما لديها لشخص مؤتمن لتوصيلها إلى القاهرة، وكانت تلك المعلومات سببا في تدمير أغلب الرادارات الإسرائيلية خلال الطلعة الجوية الأولى في حرب أكتوبر 1973". من بين ركاب الطائرة أيضا كان وزير الخارجية الليبي السابق صالح بويصير، الذي تلقى تعليمه في الأزهر الشريف بالقاهرة، وكان معروفا عنه مناصرته للقضية الفلسطينية وفضحه للاحتلال الإسرائيلي في شتى المحافل الدولية، وقال عن رسالة الماجستير التي أعدها "أعددت الرسالة لنصرة الشعب الفلسطيني بعد أن ظلموه، نصرته من واقع الوثائق التي أمضيت في البحث عنها وجمعها سنوات طويلة". واتسمت حياة بويصير، بالكفاح المستمر من أجل القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين، من باب أن اغتصاب فلسطين هو كارثة العرب والمسلمين الأولى، وأن تحرير فلسطين هو مدخل العرب والمسلمين إلى الوحدة والتقدم والازدهار، وقيل إنه كان في طريقه إلى صور جنوبلبنان، حيث تحتفل الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية بيوم الوحدة العربية. إسرائيل عقدت مؤتمرا صحفيا حضره وزير الدفاع موشي ديان، ورئيس هيئة الأركان العامة في ذلك الوقت دافيد أليعيزر، لتبرير الأمر، وفيه اعترفوا أن الطائرة ضلت طريقها بسبب عاصفة رملية، ووصلت إلى بير جفجافة وحلقت فوق القاعدة العسكرية، ودارت عائدة إلى الأراضي المصرية، لكن يبدو أن محاولة عودة الطائرة لم يقنع القادة الإسرائيليين وقرروا تصفيتها. الطائرة نجا منها 5 فقط هم قائد الطائرة الفرنسي جاك بورجيه، ومساعده الليبي، و3 ركاب ماتوا فيما بعد، باستثناء ناج وحيد يعيش حتى الآن ويناضل من أجل إحياء القضية، هو الذي لا تفارقه صور الرعب، ولحظات الخوف ورائحة الجثث، المواطن الليبي فتحي جاد الله، الذي كان وقت حدوث الكارثة شابًا في ال19 من عمره. وقامت أسرة المذيعة المصرية الراحلة برفع قضية أمام المحاكم الفرنسية ضد الكيان الصهيوني لمطالبته بتعويضات عن الحادث ومحاكمة المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية عن هذا العمل الإرهابي ولكن لم تسفر عن أى شيء.