على الرغم من قرار المجلس المركزي الفلسطيني، في دورته الثامنة والعشرين التي عقدت قبل 4 أسابيع، بوقف التنسيق الأمني بين السلطة وقوات الاحتلال الصهيوني، فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية قدمت، أمس الثلاثاء، هدية ثمينة للسلطات الإسرائيلية. وسائل إعلام فلسطينية ذكرت أن الأجهزة الأمنية تدخلت لإنقاذ جندي وجندية إسرائيليين، ضلا طريقهما ودخلا إلى مدينة جنين، لتحاصرهما جماهير غاضبة من الفلسطينيين، وتجردهما من السلاح، وذلك قبل أن تتدخل قوات الأمن الفلسطينية، وتطلق النار في الهواء لتخليص الجنديين وتسلمهما لسلطات الاحتلال، ثم العمل لاحقًا على استرداد سلاح الجنديين وإعادته لجيش الاحتلال. وقال موقع "واللا" العبري، المقرب من جيش الاحتلال، إن الأمن الفلسطيني أعاد البندقية التي غنمها مواطنون من ضابط ومجندة دخلا جنين بالخطأ، وأضاف الموقع أن الأمن الفلسطيني عثر على بندقية "أم 16" التي غنمها المواطنون وسلمها لجيش الاحتلال الصهيوني. درس للاحتلال وبحسب ما ذكره الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أمس الثلاثاء، فإن جنديين إسرائيليين أصيبا بجراح جراء تعرضهما للضرب المبرح على أيدي شبان فلسطينيين غاضبين، وذلك بعد دخولهما إلى مدينة جنين ب"الخطأ"، عن طريق معبر الجلمة، ونشر أدرعي، في تغريدته على "تويتر" أن مركبة عسكرية إسرائيلية دخلت إلى جنين بالضفة الغربيةالمحتلة، حيث اندلعت في محيطها أعمال شغب عنيفة تضمنت إلقاء الحجارة، وأدت إلى إصابة جندي وجندية تم نقلهما لتلقي العلاج في المستشفى، وأشار متحدث الكيان إلى أنه "تمت سرقة سلاح أحد الجندييْن، حيث خرجت السيارة من المدينة بتنسيق الإدارة المدنية". في ذات الإطار، تداول ناشطون فلسطينيون صورًا وتسجيلات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مجندة إسرائيلية وقد غطت الدماء وجهها بعد تعرضها للضرب المبرح، ويحيط بها عدد من عناصر الأمن الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني، وكتب الناشطون تعليقات على هذه الصور والتسجيلات تؤكد أن هذا العمل ما هو إلا جزء من حساب ثقيل بين الاحتلال والشعب الفلسطيني. الاحتلال يشيد بالتنسيق الأمني وصمه عار جديدة طبعها الاحتلال الصهيوني أمس الثلاثاء، على جبين السلطات الفلسطينية وخاصة قوات أمنها، فقد أشاد وزير الدفاع الصهيوني أفيجدور ليبرمان، بأهمية التنسيق الأمني بين قوات الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وذلك في تحول جذري لافت في موقفه السياسي المعلن تجاه السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، فقد سبق له أن أطلق تصريحات لاذعة ضد السلطة الفلسطينية، واتهم الرئيس الفلسطيني بأنه يمارس الإرهاب الدبلوماسي، وأنه غير معني بأي تسوية سلمية مع إسرائيل. موقع "معاريف" العبري، ذكر أن ليبرمان تطرق إلى حادثة جنين أمس الثلاثاء، وقال: "إننا نرى ثمار التنسيق الأمني، ينبغي الثناء على التنسيق الأمني، والثناء أيضًا على عناصر الشرطة الفلسطينية، يدرك الفلسطينيون أن التعاون هو مصلحة متبادلة ومشتركة، لذلك نقوم نحن أيضًا بالحفاظ عليه، كما أن إعادة السلاح من الجانب الفلسطيني تؤكد أن التنسيق الأمني عميق ميدانيًا، وآمل أن يستمر". السلطة تمتنع عن حماية "عاصي" في الوقت الذي تبذل فيه السلطات الفلسطينية جهودها لحماية قوات الاحتلال الصهيوني، تنأى تلك السلطات بنفسها عن حماية المقاومة من بطش الاحتلال، فقد أكدت مصادر فلسطينية أن أمن السلطة رفض تسلّم الشاب المطارد عبد الكريم عاصي، منفذ عملية طعن وقتل الحاخام المتطرف ايتمار بن غال، بالقرب من مستوطنة أرئيل وسط الضفة، من ذويه وحمايته داخل مقارهم الأمنية من بطش الاحتلال الصهيوني، بحجة أنه يحمل الهوية الزرقاء الإسرائيلية، وذلك على الرغم من أن هذه المهمة قد فعلتها قوات الأمن في التسعينيات، وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حينما احتجز الأمن الفلسطيني المئات من كوادر حماس والجهاد الإسلامي وفتح، في إطار توفير الحماية لهم من الاحتلال. ويبدو أن السلطات لا تريد إغضاب الاحتلال الصهيوني في الوقت الحالي، الأمر الذي دفعها إلى رفض تسلّم عاصي، حتى لا تتحمل تبعات قد تعرضها لاقتحام الاحتلال مقارها الأمنية بحثًا عن عاصي، مثلما حدث مع الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، عام 2006، حينما اقتحم جيش العدو سجن أريحا واعتقله. المستوطنون دون رادع يبدو أن التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، تم تفصيله خصيصًا على مقاس العدو الإسرائيلي، فهو تنسيق من جانب واحد، تحترم بموجبه السلطة التزاماتها كافة، فيما لا يحترم العدو أيًا من التزاماته، فبالتزامن مع إنقاذ المجندين الصهاينة من أيدي المقاومة تتصاعد هجمات المستوطنين على الشعب الفلسطيني وممتلكاته دون ردع أو مُحاسبة، حيث اعتدى أمس الثلاثاء بعض المستوطنين على عدد من منازل الفلسطينيين في قرية عصيرة القبلية جنوب نابلس في الضفة الغربيةالمحتلة. وقالت مصادر فلسطينية إن أكثر من 30 من مستوطنة ايتسهار الصهيونية هاجموا منازل الفلسطينيين في عصيرة القبلية، ورغم أن الأهالي تصدوا لهم وأجبروهم على الفرار، فإن أضرارًا مادية لحقت بالمنازل والممتلكات، دون معاقبة أو ردع من قبل السلطات الإسرائيلية، الأمر الذي يثير الدهشة والاستنكار، إذ في المقابل لا تدخر السلطات الفلسطينية جهدًا في تسليم المقاومين إلى الاحتلال.