لم ينسَ المسيحيون الأرثوذكس، خلال احتفالاتهم أمس الأحد، بعيد الميلاد المجيد بحسب التقويم الشرقي، ما ارتكبه بطريرك القدس للروم الأرثوذكس، ثيوفيلوس الثالث، من جرائم بحق مقدسات وأراضي وأملاك بلادهم، فلا يزال بيع "ثيوفيلوس الثالث" لعقارات وأملاك مسيحية فلسطينية لمستثمرين إسرائيليين يمثل غصة في حلق الفلسطينيين بشكل عام، والمسيحيين المنتمين إلى طائفة الأرثوذكس على وجه التحديد. جرائم "ثيوفيلوس" تفسد فرحة العيد أقام المسيحيون الأرثوذكس، أمس الأحد، قداسًا بمناسبة عيد الميلاد، وتجمّعت العائلات من طائفة الروم الأرثوذكس، التي تسير حسب التقويم الشرقي، في الكنائس المختلفة، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، وعلى الرغم من طغيان الفرحة بالعيد على هؤلاء الفلسطينيين، إلا أن ذلك لم يُنسِهم ما ارتكبه بطريرك القدس للروم الأرثوذكس، ثيوفيلوس الثالث، من جرائم بحق الأرض والمقدسات الفلسطينية، حيث طالبت العديد من الجهات المسيحية الفلسطينية بعزل "ثيوفيلوس الثالث"، ومن بينها المجلس المركزي الأرثوذكسي الفلسطيني، والشباب العربي الأرثوذكسي، والحراك الشبابي، ولجنة الحقيقة لقرارات المؤتمر الوطني الأرثوذكسي. في ذات الإطار أصدرت هذه الجهات المسيحية الفلسطينية بيانًا دعت فيه إلى "مراجعة الحسابات مع البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وسحب الاعتراف الفوري به كمقدمة لعزله ومحاكمته"، وأكد البيان أن "البيوعات التي قام بها البطريرك ثيوفيلوس تتساوق وتكمل المشروع الصهيوني بتهويد مدينة القدس، وتنسجم تمامًا مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال"، فيما قدم 309 أشخاص شكاوى لدى النائب العام الفلسطيني، أحمد براك، بحق البطريرك "ثيوفيلوس" ومجمعه في القدسالمحتلة، لبيعه وتسريبه أملاك الفلسطينيين لصالح الاحتلال الإسرائيلي. على جانب آخر اعترض عدد من المسيحيين الفلسطينيين طريق سيارة تقل البطريرك "ثيوفيلوس"، أول أمس السبت، أثناء زيارته للضفة الغربيةالمحتلة لحضور قداس عيد الميلاد بكنيسة في بيت لحم، وذلك احتجاجًا على قرارات من الكنيسة ببيع أراضٍ لمجموعات صهيونية، ورشق المحتجون سيارة البطريرك بالحجارة وزجاجات المياه، وخبطوا عليها بأيديهم وهم يصفونه ب"الخائن للدين والوطن"، وتسبب ذلك في كسر زجاج نوافذ ثلاث سيارات في الموكب، قبل أن تتمكن قوات الأمن الفلسطينية من إبعادهم. ذراع الاحتلال للتهويد باتت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تملك سمعة سيئة غير مسبوقة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، حيث يصفها بعض الفلسطينيين بأنها ذراع الاحتلال الصهيوني لتهويد الأراضي والمقدسات الفلسطينية المسيحية، وذلك على خلفية الكشف خلال السنوات الأخيرة عن صفقات مثيرة للجدل تبرمها الكنيسة مع بعض المستثمرين اليهود والإسرائيليين الذين يستترون خلف مسميات وشركات وهمية، وتشمل هذه الصفقات عقارات وأملاكًا في القدسالشرقيةوالغربية، إضافة إلى مدينتي يافا وقيسرية الساحليتي، لكن يبدو أن الكنيسة الأرثوذكسية لن تكتفي ببيع ممتلكاتها في فلسطين للاحتلال الصهيوني، حيث تواردت أنباء عن مصادر سياسية مضطلعه بشأن محاولات تقوم بها الكنيسة لبيع أملاك لها في دير سانت كاترين الواقع في محافظة سيناء، الأمر الذي دفع العديد من السياسيين والخبراء إلى مطالبة السلطات بإناطة دير سانت كاترين إلى الكنيسة الأرثوذكسية القبطية المصرية بدلًا من تلك اليونانية الفاسدة. في ديسمبر الماضي أقرت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء، التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، مشروعًا لإنشاء مستوطنة تضم وحدات سكنية فخمة، وذلك فوق تلة بالقرب من بلدة الطور في مدينة القدسالمحتلة، تعرف باسم "جبل المشورة الفاسدة"، وهو المكان الذي تشاور فيه "يهوذا الإسخريوطي" مع رئيس الكهنة "قيافا"، للتآمر على المسيح عيسى وتسليمه، حسب الروايات المسيحية، الأمر الذي يجعل هذا الموقع ذا قيمة تاريخية وأهمية كبيرة بالنسبة للمسيحيين والمسلمين، ووفق صحيفة "هآرتس" فإن قصة استيلاء الاحتلال على هذه التلة تعود إلى عام 2013، عندما باع بطريرك المدينة المقدسة وسائر فلسطين وسوريا العربية والأردن وقانا الجليل، ثيوفيلوس الثالث، الموقع لشركة يملكها مستثمرون يهود، الأول هو رجل الأعمال، مايكل شتاينهرت، الذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية، والثاني رجل الأعمال اليهودي البريطاني، دافيد سوفر، وكانت قيمة الصفقة حينها 26.8 مليون شيكل ومليوني دولار. الأنباء عن بيع "جبل المشورة" للاحتلال الصهيوني حينها أثار غضب المقدسيين والمسيحيين الفلسطينيين من أبناء الطائفة الأرثوذكسية في فلسطينالمحتلة، حيث عبّر عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي، عدي فغالي، عن سخطه من هذا المشروع، قائلًا إن "البطريرك مس بمكان مقدس، لا أفهم كيف يبيعون أرضًا كهذه فيها بقايا أثرية نادرة". هذه الصفقة، وإن كانت الأحدث، إلا أنها لم تكن الوحيدة في تاريخ البطريرك "ثيوفيلوس الثالث"، فهي مجرد حلقة مُكررة في مسلسل التنازل عن الأراضي المقدسة للصهاينة لإقامة مشاريع استيطانيه هناك، فالبطريركية اليونانية لها باع طويل في هذا الشأن، ففي أكتوبر عام 2017 تم الكشف عن ثلاث وثائق تثبت أن البطريركية الأرثوذكسية اليونانية باعت ستة دونمات في منطقة "دوار الساعة" في يافا لجهات إسرائيلية، وتشمل عشرات الحوانيت، مقابل مبلغ 1.5 مليون دولار فقط، و430 دونمًا في قيسارية، تشمل أجزاء كبيرة من الحديقة الأثرية والمدرّج الروماني، مقابل مليون دولار فقط، وتقضي هذه الصفقات بتأجير البطريركية العقارات مدة طويلة، 99 عامًا في غالب الأحيان، لكن بعد انتهاء المدة تصبح العقارات المؤجرة ملكًا للجهات التي دفعت ثمنها، وكشفت المصادر حينها أن المساهم الرئيسي الذي يقف وراء عدد كبير من الشركات التي قامت بشراء الأراضي أو استئجارها هو "دافيد صوفر"، وهو رجل أعمال يهودي يقيم في لندن، وأكدت مصادر أن "صوفر" هو الشريك الرئيسي في شركة "كرونتي للاستثمارات المحدودة"، والتي قامت بشراء مساحات واسعة من العقارات وخاصة في القدس. في عام 2005 كشفت صحيفة "معاريف" العبرية النقاب عن صفقة سرية بين الكنيسة الأرثوذكسية ومجموعتين يهوديتين استيطانيتين تخلت الكنيسة بموجبها عن الأراضي التي يقوم عليها فندق إمبريال وفندق البتراء و27 محلاًّ تجاريًّا تملكها البطريركية الأرثوذكسية في ساحة عمر بن الخطاب بمنطقة باب الخليل في البلدة القديمة بالقدس، وهي الصفقة التي هزت عرش البطريرك "ثيوفيلوس" حينها، الذي كان لم يلبث أن استلم مهام منصبه كبطريرك رقم"141″ على كرسي أورشليم في أغسطس عام 2005، ليكشف الباحث الفلسطيني لشؤون الأوقاف الأرثوذكسية، أليف صباغ، قبل أيام عن وثائق حصل عليها مؤخرًا من موقع "ويكيليكس"، تشير إلى تدخل أمريكي في شؤون البطريركية اليونانية في القدس حينها، وأكدت الوثائق أن هناك صفقة أمريكية أرثوذكسية، تمت في ذلك الوقت للاعتراف بالبطريرك "ثيوفيلوس الثالث" مقابل التزامات منه بما يعرف بصفقة "باب الخليل".