عام الإجراءات الاقتصادية الصعبة.. هكذا كان 2017، الذي عانى فيه الجميع من الإصلاحات التي تدعي الحكومة تنفيذها، وبمقتضاها توسعت في الاقتراض حتى زاد الدين الداخلي والخارجي بمعدلات مخيفة، بالإضافة إلى زيادة عجز الموازنة، وارتفاع معدلات التضخم. في المشهد الاقتصادي الذي يقضي على أصحاب الدخول الثابتة وسط الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، مازالت الحكومة متفائلة من تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتري أن عام 2017 كان بداية للإصلاح الحقيقي للاقتصاد، وتحمل المواطنون بإيجابية الآثار السلبية التي انعكست على الحياة لتفهمهم ضرورة تلك الإجراءات. القروض الخارجية ارتفعت معدلات القروض الخارجية في نصف عام فقط وفقا للبيانات المتاحة حاليا من 67.3 مليار دولار في بداية عام 2017، وصلا إلى 79 مليار دولار في منتصف العام يونيو 2017، وحتى الآن، لم يصدر بيان تفصيلي عن القروض خلال النصف الثاني من العام 2017. وبالنظر إلى العام المالي 2016/2017، ارتفع الدين الخارجي من 55.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2016 إلى 79 مليار دولار نهاية يونيو 2017 بنسبة 41.6 % على أساس سنوي. وطرحت وزارة المالية 7 مليارات دولار خلال شهري يناير ومايو من العام 2017؛ تسلمت 4 مليارات دولار حصيلة السندات الدولية التي طرحت خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير 2017، كما تسلمت 3 مليارات دولار حصيلة السندات الدولارية التي أصدرتها في مايو 2017، والتي طرحت للتداول في بورصتي لندن ولوكسمبورج. ديون ما بعد يونيو 2017 التي وافقت عليها الحكومة، جاءت باستلام مصر الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.25 مليار دولار، في يوليو الماضي، وفي ديسمبر 2017، استلمت الحكومة الشريحة الثالثة بقيمة 2 مليار دولار، ليكون إجمالي ما تقاضته من الصندوق في 6 أشهر فقط 3.25 مليار دولار. وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال ديسمبر 2017، القرار رقم 385 لسنة 2016 بشأن الموافقة على الاتفاق الموقع في القاهرة بتاريخ 29-5-2016 بين الحكومتين المصرية والألمانية بشأن التعاون المالي 2014، باقتراض 47 مليون يورو بما يعادل 55 مليون دولار، إضافة إلى مساهمات مالية بمبلغ 18 مليون يورو، أي ما يعادل 21.2 مليون دولار، وتتيح الحكومة الألمانية هذا القرض لمدة 30 سنة منها 10 سنوات فترة سماح. ونشرت الجريدة الرسمية قرار الرئيس السيسي رقم 565 لسنة 2017، الذي يقضي بالموافقة على الخطابات المتبادلة بين حكومتي مصر واليابان بشأن القرض المقدم من الوكالة اليابانية بمبلغ 41 مليارا و98 مليون ين ياباني، بما يعادل 365.7 مليون دولار، والموقعة في القاهرة بتاريخ 24 أكتوبر 2016، لتنفيذ مشروع إعادة تأهيل وتحسين قطاع الكهرباء، ويتم سداده على فترة 30 عاما بعد 10 سنوات سماح. ووافق مجلس النواب على قرار رئيس الجمهورية رقم 444 لسنة 2017 بشأن الموافقة على اتفاق قرض وقعته مصر والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في القاهرة بتاريخ 19 يونيو 2017؛ لشراء 100 جرار جديد لصالح الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وكانت قيمة القرض 290 مليون يورو لصالح الهيئة القومية لسكك حديد مصر بهدف رفع كفاءة تشغيلها الذاتي. وتسلمت مصر الشريحة الثالثة والأخيرة المقدمة من البنك الدولي التي وافق عليها المجلس التنفيذي للبنك من حزمة تمويل سياسات التنمية وبرامج الإصلاح الاقتصادي بقيمة مليار و150 مليون دولار، وتعد هذه الشريحة التمويل الأكبر من نوعه في تاريخ العلاقة بين مصر والبنك. وتنتظر القاهرة استلام الشريحة الثالثة من قرض بنك التنمية الإفريقي قبل نهاية العام 2017، بقيمة 500 مليون دولار لدعم الموازنة العامة لمصر. القروض الداخلية وارتفعت معدلات القروض الداخلية في نصف عام فقط، وفقا للبيانات المتاحة حاليا من 3 تريليونات جنيه في بداية عام 2017 إلى 3.1 ترليون جنيه منتصف العام يونيو 2017، وحتى الآن لم يصدر بيان تفصيلي عن القروض خلال النصف الثاني من العام 2017. وبالنظر إلى العام المالي 2016/2017، ارتفع معدل الدين الداخلي ليبلغ 3.160 تريليون جنيه، ما يمثل 91.1% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية يونيو 2017، منه 85% مستحق على الحكومة، و7% على الهيئات العامة الاقتصادية و8% على بنك الاستثمار القومي، مقارنة بحجم الدين الداخلي في نهاية يونيو 2016 والذي سجل فيه 2.620 تريليون جنيه، بزيادة 540 مليار جنيه. بعد نهاية يونيو 2017 وبداية النصف الأول من العام المالي الجديد، واصلت وزارة المالية طرح أذون وسندات خزانة بالجنيه، بدأتها بطرح أذون وسندات في أول ثلاث أشهر من العام المالي 2017/2018 يوليو أغسطس سبتمبر بقيمة 371 مليار جنيه لسد عجز الموازنة العامة، لكنها لم تكتف بذلك، وطرحت أذون وسندات خزانة أخري في ثاني ثلاث شهور من العام المالي الحالي أكتوبر نوفمبر ديسمبر بقيمة إجمالية 389.250 مليار جنيه، ليكون مجموع ما تم اقتراضه داخليا خلال النصف الأول من العام المالي الحالي من يوليو إلى ديسمبر 2017، ما يقرب من 760.250 مليار جنيه. فوائد الديون بحسب الموازنة العامة للدولة، الحكومة الحالية مطالبة بسداد 646.4 مليار جنيه فوائد وأقساط ديون خلال العام المالي الجاري، حيث بلغت فوائد الديون المستحقة 381 مليار جنيه، بالإضافة إلى 265.4 مليار جنيه أقساط القروض مستحقة السداد؛ سواء كانت قروضًا محلية أو خارجية، أي أن مصر مطالبة بسداد مليار و770 مليون جنيه يوميًّا أقساط وفوائد ديون. ولم تأخذ وزارة المالية في اعتبارها وقت الإعلان عن فوائد الديون 381 مليار جنيه، زيادة البنك المركزي لسعر الفائدة مرتين متتاليتين؛ إحدهما في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم 21 مايو 2017 برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس على الإيداع والإقراض مرة أخرى، للحد من التضخم، والثانية في اجتماع 6 يوليو 2017، بمقدار 200 نقطة أساس لتصل الفائدة إلى 18.75% و19.97% على الإيداع والإقراض على التوالي، وبحسب ما قاله "المركزي"، فإن هذا الارتفاع لفترة مؤقتة تخفيفًا للآثار الجانبية الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وكذلك ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، مؤكدًا أنه سيتخذ من القرارات ما يمكنه وبحكم صلاحيته القانونية من تخفيض التضخم إلى 13% في الربع الأخير من العام 2018. التضخم وبدأ سهم التضخم في يناير 2017 صعوده نتيجة تعويم البنك المركزي لسعر الصرف خلال نوفمبر 2016، وأظهرت البيانات ارتفاع معدل التضخم إلى 30.8% في يناير 2017 مقابل 25.8% في ديسمبر 2016، وأخذ المؤشر يرتفع مسجلا في فبراير 33.1%، وانخفض في مارس 2017 إلى 32.2% ليشهد حالة من الاضطراب؛ حيث ارتفع مرة أخرى في أبريل ليسجل 32.9%، ثم تراجع إلى 30.9% في مايو، قبل أن يعود مرة أخرى إلى الارتفاع مجددا إلى 31.95% في يونيو. وكان الارتفاع الأكبر في يوليو 2017، حيث سجل نسبة 35.2% بعد رفع أسعار الوقود والكهرباء، ليعود مرة أخرى إلى الانخفاض التدريجي عقب الارتفاع، ليصل إلى 33.2 % في أغسطس ومنها إلى 30.5% في أكتوبر، قبل أن يعلن البنك المركزي عن تراجع التضخم إلى 26.7%، خلال شهر نوفمبر 2017، وينتظر البنك خلال عام 2018 انخفاض التضخم إلى 15%، لكن قد يعوق هذا التوقع رفع أسعار الوقود وتذاكر المترو من جديد. سعر صرف الدولار والسوق السوداء بعد تحرير سعر الصرف، أصبح هناك عدم استقرار في أسعار الدولار التي تصعد وتهبط وفقا للعرض والطلب، وأصبحت السوق السوداء تعمل في الخفاء بعد تحجيم البنك المركزي لدورها الذي قارب على الانتهاء، وسجل الدولار حالة من عدم الاستقرار، حيث بدأ في يناير 2017 مسجلا سعر 18.4 جنيه، وارتفع في فبراير إلى 18.9 جنيه، قبل أن يبدأ في الهبوط التدريجي وصولا إلى 16 جنيها في مارس 2017، ليعود مرة أخرى إلى الصعود مجددا، ويسجل في أبريل 18.2 جنيه، ليستقر عند 18.1 في مايو ويونيو، قبل أن يتخذ مسارا للانخفاض إلى 18 جنيه في يوليو، ثم 17.9 في أغسطس، وصولا إلى 17.7 في شهر سبتمبر، ليستقر في أكتوبر ونوفمبر عند 17.6، قبل أن يعاود الصعود مرة أخرى في ديسمبر 2017، ليسجل 17.8جنيه. رفع الدعم في إطار خطة الحكومة التي تصفها ب"إصلاحية"، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار مياه الشرب ورسوم الصرف الصحي اعتبارًا من أغسطس الماضي، وتقرر رفع سعر مياه الشرب للاستخدام المنزلي إلى 45 قرشًا للمتر المكعب من 30 قرشًا في شريحة الاستهلاك الأولي بين صفر وعشرة أمتار مكعبة، وفي الشريحة الثانية من 11 إلى 20 مترًا مكعبًا، فتم رفع السعر من 70 قرشًا للمتر المكعب إلى 120 قرشًا، أما الشريحة الثالثة من 21 إلى 30 مترًا فزاد سعرها من 155 قرشًا إلى 165 قرشًا، وتضمن القرار رفع تكلفة الصرف الصحي التي تحسب كنسبة من فاتورة المياه لتصبح 63% بدلًا من 57%. ورفعت الحكومة الدعم عن المواد البترولية من أجل تحقيق الهدف المنشود من بزيادة أسعار الوقود خلال يونيو 2017، حيث كانت الحكومة تستهدف تغطية نسبة 100% من تكلفة الإنتاج بتخفيض الدعم عن المحروقات، ولكن هذا لم يحدث مع توقعات بزيادة جديدة العام المقبل، وطبقا لموازنة 2015/2016، سجل دعم المواد البترولية نحو 61 مليار جنيه، ومع بداية إجراءات رفع الدعم عن المحروقات التي بدأت الحكومة في تطبيقها انخفض دعم المواد البترولية في موازنة 2016/2017 إلى 35 مليار جنيه، ومع استمرار رفع الدعم وزيادة أسعار البنزين التي كان آخرها في يونيو 2017، كان من المفترض أن يقل دعم المواد البترولية عن 35 مليار جنيه، إلا أن تحرير سعر الصرف أدى إلى زيادة قيمة الدعم ب75 مليار جنيه، أي بنسبة 214.3%. غلاء الأسعار استمرارًا لخطة الحكومة في زيادة مواردها على حساب المواطنين، وافقت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، لزيادة الضريبة على التبغ ومنتجاته من السجائر والمعسل، وتوسيع الشرائح الضريبية لأسعار بيع السجائر؛ من أجل زيادة الأثر المالي السنوي لهذا الإجراء الإصلاحي بنحو 8 مليارات جنيه. ولجأت الحكومة أيضا لإرضاء شركات الاتصالات بزيادة أسعار كروت الشحن لتعويض ارتفاع تكلفة التشغيل بنحو 45%، نتيجة لزيادة أسعار الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف، ووافقت الحكومة على زيادة الأسعار، إلى جانب تحصيل ما يقرب من 4 مليارات جنيه لصالح الموازنة العامة للدولة، كحصيلة لضريبة القيمة المضافة التي تحصلها الشركات من المواطن. وقبل رمضان لم تسلم جميع الأسعار من الزيادة التي حدثت في موسم شراء الطعام، حيث ارتفعت أسعار اللحوم السودانية الطازجة التي تقدمها الحكومة بأسعار مناسبة 3 مرات خلال 3 أشهر قبل رمضان، حيث وصلت إلى 85 جنيها. لم يسلم المواطنون من قرارات زيادة الأسعار حتى بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن زيادة الدعم النقدي للفرد على بطاقات التموين من 21 جنيهًا إلى 50 جنيهًا شهريا، بنسبة زيادة 140%، وزيادة المعاشات التأمينية بنسبة 15%، بحد أدنى قدره 150 جنيها ل10 ملايين مواطن من أرباب المعاشات، وزيادة قيمة الدعم النقدي لمستحقي برنامجي تكافل وكرامة بقيمة 100 جنيه شهريًا لمليون و750 ألف مستفيد، بقيمة تقترب من 8.25 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة، أبت وزارة التموين أن تترك هذه الزيادة للمواطنين، وأعلنت عن زيادة سعر السكر والزيت، ليزيد سعر السكر التمويني من 8 جنيهات إلى 10، والزيت التمويني من 12 جنيهًا إلى 14، لكي تلتهم موجة ارتفاع الأسعار جراء الزيادات التي أعلن عنها السيسي. تأتي الزيادات المتعاقبة في الأسعار في ظل وعود الرئيس السيسي، المتكررة للمواطنين وخاصة البسطاء ومحدودي الدخل وأصحاب الدخول الثابتة، بعدم المساس بأسعار السلع الأساسية، إلا أن موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار بين 40 و70% تسببت فيها إجراءات الحكومة الاقتصادية التي اتخذتها منذ تطبيق البرنامج، الذي مثل ضغوطًا اقتصادية كبيرة على المواطنين. البطالة تراجع معدل البطالة وفقا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن معدل البطالة في البلاد تراجع إلى 11.9% فى الربع الثالث من هذا العام 2017 مقابل 12.6 % في عام 2016، وبحسب الإحصائيات، فإن عدد العاطلين عن العمل بلغ 3.513 مليون عاطل، وبلغ حجم قوة العمل بلغ 29.472 مليون موظف. وتعمل مصر على تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبيرة كثيفة العمالة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وأنفاق قناة السويس والطرق الجديدة التي لم تأت بعائد حتى الآن. تعداد السكان بدأت مصر عام 2017، بمعدل 92 مليون نسمة تعداد الشعب المصري، وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نتائج تعداد السكان، حيث بلغ عدد السكان المصريين في تعداد 2017، 94 مليونا و798 ألفا و827 نسمة، بزيادة قدرها 2 مليون و798 ألف نسمة تقريبا. تحويلات المصريين من الخارج في ظل ما تعانيه الدولة من نقص في العملات الأجنبية وخاصة الدولار، ارتفعت تحويلات المصريين من الخارج إلى 24.2 مليار دولار، مقابل نحو 20.2 مليار دولار، وتشير الإحصائيات إلى أن نحو 10 ملايين مواطن مصري يعملون بالخارج منهم نحو 3.5 ملايين يعملون بشكل رسمي في دول الخليج العربي، وتحتل المملكة العربية السعودية المركز الأول بعدد 1.5 مليون عامل، تليها الأردن بنحو 860 ألف عامل، وفي ليبيا أكثر من 750 ألف عامل يعملون بشكل رسمي أي بموجب عقود عمل رسمية بخلاف أكثر من 1.5 مليون عامل بدون عقود رسمية، فضلا عن 262 ألف عامل في الإمارات العربية المتحدة، و220 ألف عامل بالكويت، و125 ألف عامل في قطر، و50 ألفا بالسودان، و44 ألف عامل في لبنان.