لم تخجل وزارة الاستثمار والتعاون الدولي من الاعتراف بارتفاع إجمالي التمويلات والمنح المقدمة لمصر من شركاء التنمية بنهاية العام المالي 2016/2017، الذي وصل إلى 25.5 مليار دولار، وما تم سحبه منها خلال يونيو الماضي نحو 16.5 مليار دولار مقارنة ب7.9 مليار دولار في سبتمبر 2015، بزيادة 8.6 مليار دولار. تقرير وزارة الاستثمار، فصل بعض النقاط التي تم الإنفاق عليها من التمويلات والمنح المرتفعة التي حصلت عليها مصر؛ حيث ذكر أن أكثر القطاعات المستفيدة من التمويل خلال الفترة من سبتمبر 2015 حتى نهاية يونيو 2017، وجاء في المرتبة الأولى، دعم الموازنة العامة للدولة ب3.5 مليار دولار، ثم قطاع الكهرباء ب1.75 مليار دولار، يليه الإسكان ب585.612 مليون دولار، وقطاع النقل والطيران ب507.051 مليون دولار، وأخيرًا قطاع الري والزراعة ب392.92 مليون دولار، أما باقي التمويلات وقيمتها 9.8 مليار دولار، موجهة لدعم القطاعات الاقتصادية الأخرى. المنح تتميز بأنها عبارة عن تحويلات نقدية وعينية لا ترد، أما المساعدات أو التمويلات تأخذ شكل القروض التي تحكمها قواعد وشروط، والدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، أرادت أن تخفف حدة الأزمة بتصريح سابق لها، فقالت إن 40% من التمويلات التي حصلنا عليها منح لا ترد، وجميع التمويلات التي حصلنا عليها كانت ضرورية ويوجد خطة لسدادها. وقال الدكتور زهدي الشامي، الخبير الاقتصادي، إن المعلومات الواردة في تقرير وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، تؤكد الشكوك حول السياسات الحكومية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي المشروط، الذي قالت عنه الحكومة إنه بدون شروط. وأضاف الشامي ل«البديل»، أن الواضح من المعلومات وخاصة صرف 3.5 مليار دولار على موازنة الدولة العامة، يؤكد أن الحكومة لم تنجح في مواجهة مشكلة عجز الموازنة، وأن الاتفاق مع الصندوق أدى بدلا من تخفيف الضغوط على الموازنة إلى زيادتها. وأكد أن المؤشرات الأكثر سوءا، اللجوء لمصادر تمويل خارجية لمواجهة العجز، ويعني أيضا، أن التوسع في الاقتراض الخارجي ليس موجها لمشروعات تنموية تدر عائدا مستقبلا بحيث يسدد الأقساط والقروض، بل تمويل لسد عجز موازنة موجهة لنفقات حكومية غير رشيدة، وكل ذلك يشكل مأساة اقتصادية. بعض الدراسات تؤكد أن الدول المانحة لا يمكن أن تعطي أموالا دون استفادة، قد تكون سياسية أو أمنية أو استثمارية وتجارية، مثل محاولة التأثير على السياسات الداخلية والخارجية للدول المتلقية للمنح والمعونات، حيث تدرك حكومات الدول المانحة الدور الخطير الذي تلعبه المعونات لتصبح أداة فعالة في إعادة تشكيل المجتمعات والنظم السياسية في الدول المتلقية، أو الحصول علي مكاسب دبلوماسية، مثل كسب تأييد الدول المتلقية للمساعدات في المحافل الدولية. بالنسبة للفوائد الاقتصادية، فتسعى الدول المانحة إلى فتح أسواق جديدة لمنتجاتها، والعمل على توفير فرص عمل لمواطنيها، حيث تشترط بعض الدول تعيين خبراء تابعين لها للمشروعات التي تقوم بتمويلها، أو شراء الأجهزة والمعدات والمواد الخام اللازمة للمشروع من شركاتها، وتعمل أيضا على إعادة تشكيل السياسات الاقتصادية والنظام الاقتصادي ككل في الدول المتلقية للمنح والمساعدات علي النحو الذي يتفق مع رغبات الدول المانحة؛ لأن المنح والمعونات ستوجه لبرامج ومشروعات معينة، وهو ما يسمى بالتبعية الاقتصادية.