فقد لقب السوبر المصري أمام غريمه الزمالك، وخسر البطولة العربية على أرضه، كما أخفق في نهائي دوري الأبطال الأفريقي، والآن يفقد 5 نقاط في مباراتين متتاليتين بالدوري لتهدد مسيرته نحو المركز الأول في بطولة الأهلي المفضلة. هذه بالأرقام ملامح الإخفاق… لكن نفس تلك الأرقام تشهد بأنه بطل الدوري والكاس العام الماضي، وبلغ نهائي بطولة أفريقيا حيث كان الفريق الأفضل فنيا وبدنيا وتنظيميا خاصة في الأدوار النهائية من البطولة، أما عن بطولة الدوري فلايمكن التعويل على وضع الفريق الآن فمازال المشوار طويلا، وخسارته عدة نقاط هي أمر طبيعي في ظل تلاحم مبارياته المؤجلة… هذه النقاشات في ضوء الأرقام، لكن تقييم مسيرة البدري في ولايته الثالثة مع الأهلي لايمكنها أن تعتمد على الأرقام فقط، ففي نظري هناك عوامل فنية وقيادية في شخص البدري تلعب دورا أساسيا في تقييمه، وألخصها في عدة نقاط: البدري صاحب شخصية البدري حطم مقولة أن المدرب الأجنبي هو الأفضل للناديين الأهلي والزمالك لأن الأجنبي يملك شخصية لاتتأثر بالعواطف ولاتجامل بعض اللاعبين على حساب الآخرين، حيث العبرة لدى "الخواجة" بالجهد في التدريبات لا بأسماء النجوم، وتلك الميزة يفتقدها المصريون والشواهد كثيرة، فشخصية البدري القوية نجحت في احتواء أزمات داخلية تتسبب فيها دكة الاهلي الملبدة بالنجوم وأصحاب المواهب والجماهيرية، نجح البدري في السيطرة على لاعبي الفريق، ولاشك أن الجميع يتفقون أن البدري لايعرف المجاملات في اختيار التشكيل الأساسي للفريق. البدري مميز فنيا قبل البدري كان إكرامي في حالة فنية ونفسية سيئة، وكذلك سعد سمير الذي وجهت إليه انتقادات كثيرة خاصة في مباراة الزمالك بنهائي كاس مصر في ولاية الهولندي مارتن يول، الانتقادات طالت لاعبين آخرين كصالح جمعة وعبد الله السعيد، لكن البدري نجح في إعادة كل هؤلاء اللاعبين إلى فورمتهم الفنية، بالإضافة لتطوير مستوى سعد سمير وصالح جمعة، بعد أن أعطى الأخير فرصة في نهاية الموسم المنقضي. أيضا تنوع الأداء الخططي للأهلي في ظل حكومة البدري، الذي خلق معادلة يصعب على أي مدير فني الحفاظ عليها، وهي: الضغط المتقدم، مع التوازن الدفاعي، إضافة إلى التنوع الهجومي الذي يشوبه إبداع متمثل في التحرك بدون كرة، والاختراق من كافة المناطق، سواء من العمق أو الجانبين، في صورة تقترب كثيرا من نسخة ريال مدريد مع زيدان في العام الماضي، وإن جانبها التوفيق في نهائي البطولة الإفريقية الذي لو كان في جعبة الأهلى لأصبح خير تتويج لما بذله البدري من جهد فني وبدني طيلة موسم كامل يشهد له بالجودة. سلبيتان في إدارة البدري ربما ماينقص البدري نقطتين إن عمل على اكتسابهما، لزادت شعبيته كثيرا وسط جماهير الأهلي وأصبح حديثها على مدى سنوات قادمة كما يتغنى الأهلاوية حتى الآن بمسيرة البرتغالي مانويل جوزيه النقطة الأولى: التعامل النفسي مع النجوم، وأصحاب المواهب قلنا إنه لايجامل، لكن المساواة لاتعني العدالة دائما، خاصة عندما تنقصها الحكمة في التعامل مع لاعبين كبار مثل متعب، وحسام عاشور وفتحي وشريف إكرامي، وكذلك التأهيل النفسي لمواهب كبيرة كأحمد الشيخ وحمودي، إلى جانب دعم المواهب القادمة كأحمد حمدي وأحمد ياسر ريان، فسياسة المساواة مع الجميع وعدم تقدير النجوم، ولو بالحديث معهم وإشراك بعضهم في سياسات الجهاز الفني، لايقلل أبدا من الجانب القيادي للمدير الفني، بلا ولايضعه في خانة تدليل النجوم، فلاعب مثل عماد متعب يروي أن علاقته مع البدري هي علاقة عمل فحسب، وهذه مشكلة كبيرة، فالمدير الفني الذكي هو من يستطيع احتواء بدلاء فريقه نفسيا، وبعض المديرين يفضلون أن يقودوا بأنفسهم مران المستبعدين من المباريات حتى يعطوهم رسالة بأن دورهم لايقل أهمية عن الأساسيين بل ومجرد اهتمام المدير الفني بهم يعني أنهم مازالوا محط اهتمامه. ومع تغافل البدري عن الحديث المباشر مع دكة بدلائه ستتحول الدكة إلى قنابل موقوتة، ولن يستطيع الحزم وحده أن يحل المشكلة، خاصة أن مشكلة البدري ومتعب، ومن قبله حسام غالي لازالت من المعوقات الكبرى التي تحرم البدري من أن يحظى بشعبية طاغية بين جماهير الأهلى، فرغم أن الجماهير "راضية" عن أداء البدري إلا أن هناك فارق كبير بين الرضا وبين التأييد والحب الذي يصل بالجماهير إلى الهوس بالمدير الفني والتغني بإنجازاته وغض البصر عن عيوبه وإخفاقاته، كما حدث مع جوزيه الذي كانت له سقطاته ومشكلاته مع بعض اللاعبين والإعلاميين، لكن الجماهير غفرت له كل ذلك لأسباب تتعلق بالكاريزما في التعامل النفسي مع النجوم، وهي التي مازال البدري يفتقدها إلى الآن… النقطة الثانية: بعض من المجازفة والشجاعة سواء في اختيار عناصر اللعب، أو إجراء التغييرات أثناء المباراة، فالبدري رغم كفاءته إلا أنه يفتقد في أحيان كثيرة "التغيير الذي يقلب المباراة" ويربك الخصوم، ففي مباراة طنطا الأخيرة، كانت تغييرات البدري نمطية للغاية، رغم احتياجه لهدف الفوز، فنوعية أخرى أكثر شجاعة كان بإمكانها أن تبقي على أزارو وأجاي ومؤمن زكريا وتدفع بمدافع مثل محمد نجيب كمهاجم رابع داخل الصندوق- طالما أن متعب مازال من المجمدين-مع فتح الملعب على الجانبين وإرسال سيل من العرضيات لن يستطيع مدافعو طنطا التعامل مع جميعها بالتأكيد، لكن بدلا من ذلك سحب البدري أجاي ولعب بمهاجم واحد فقط، ورأينا مؤمن زكريا على خط الجناح في أغلب الأوقات! لكن هلك تلك السلبيتين كفيلتان بأن يرحل البدري عن الأهلي؟ في وجهة نظري وبالنظر إلى ماقدمه البدري من طفرة فنية وبدنية وتنظيمية لأداء الأهلي مقارنةً بسابقيه، كمارتن يول وبيسيرو وفتحي مبروك، فإن البدري مازال الأنجح والأجدر على الاستمرار في القيادة الفنية للنادي الأهلي، إلا إذا كان لإدارة الأهلي رأي آخر واعتبارات أخرى (غير فنية)!!!