مظاهرات لا تنقطع، محاولات إنتقام ومقاومة لا تهدأ، وذلك على الرغم من تزايد الاعتقالات ومحاولات القمع وتصعيد الاحتلال في وجه المعترضين على ضوء أمريكا الأخضر، الذي أعطته لإسرائيل قبل أيام؛ لاغتصاب المزيد من الأراضي الفلسطينية، وفي ظل هذه الأجواء تبرز من جديد عمليات طعن وإطلاق نار، تُعيد إلى الأذهان الهبة الفلسطينية التي اندلعت في أكتوبر عام 2015، والتي تخللتها عمليات طعن ودهس وإطلاق نار، فردية وجماعية، قضت مضاجع الاحتلال ومستوطنيه، الأمر الذي دفع البعض إلى وصف القرار الأمريكي ب"رمي عود ثقاب وسط كومة من القش". غليان شعبي و"الهبّة" تعود تتواصل أيام الغضب الفلسطيني لليوم الخامس على التوالي، ضمن انتفاضة حرية القدس، التي اندلعت عقب قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، وهو القرار الذي صب الزيت على نار المقاومة الفلسطينية الفردية والجماعية، التي لم تلبث أن تهدأ منذ الهبة التي اندلعت في أكتوبر عام 2015، حيث تتواصل المواجهات بين الشعب الفلسطيني الغاضب من القرار الأمريكي وقوات الاحتلال الصهيوني التي تسعى إلى استغلال هذا القرار لفرض الأمر الواقع على المقدسات والأراضي الفلسطينية. بالتزامن مع حالة الغليان التي انتابت الشعب الفلسطيني على خلفية قرار "ترامب"، برزت من جديد عمليات الطعن الفردية، حيث أصيب حارس محطة حافلات إسرائيلي بجراح خطيرة عصر أمس الأحد، إثر عملية طعن بطولية هي الأولى منذ الإعلان الأمريكي، نفذها فلسطيني من مدينة نابلس، يبلغ من العمر 23 عامًا، عند المدخل الرئيسي لمحطة الحافلات المركزية في القدسالمحتلة، وقالت وسائل الإعلام الصهيونية إن شابًّا فلسطينيًّا طعن حارس محطة حافلات غرب القدسالمحتلة، ما أسفر عن إصابته بجراح خطيرة قبل أن يتم اعتقال المنفذ. في ذات الإطار قالت وسائل إعلام العدو الإسرائيلي إن حافلة للمستوطنين الصهاينة تعرضت لإطلاق نار مكثف مساء أمس الأحد، قرب مستوطنة "عوفرا" شرق مدينة رام الله في الضفة الغربية، وأوضحت وسائل الإعلام أنه لم تقع إصابات في صفوف المستوطنين؛ كون الحافلة محصنة ضد الرصاص، فيما هرع أعداد كبيرة من الجنود الصهاينة إلى موقع الحادث لتمشيطه. على الرغم من أن عمليتي الطعن وإطلاق النار اللتين تم تنفيذهما أمس الأحد، لم تؤتيا ثمارهما بشكل مؤثر، ولم ينتج عنهما إلا مصاب واحد من الصهاينة، إلا أن هذا لا يمنع أنهما تقضان مضاجع المسؤولين الصهاينة، وتلقيان بالرعب في قلوب المستوطنين، خاصة أنهما تتزامنان مع تحذيرات المقاومة وتهديد ووعيد الفصائل الفلسطينية لإسرائيل بدفع فاتورة ثقيله للشعب الفلسطيني، حيث جددت كتائب "عز الدين القسام"، الذراع العسكري لحركة حماس، أمس الأحد، التأكيد على أن العدو الصهيوني سيدفع فاتورة حساب عسير، على ما اقترف من عدوان وغدر وإجرام بحق الشعب الفلسطيني، مضيفة "إننا سنكون مع شعبنا لنكتب معه قصة زوال هذا الاحتلال المجرم عن أرضنا ومقدساتنا"، وشددت الكتائب: على قادة العدو أن يتحسسوا موقع رؤوسهم، ويعلموا أنهم سيدفعون ثمن كسر قواعد الاشتباك مع المقاومة في غزة، وستثبت قادم الأيام للعدو عظيم خطئه وسوء تقديره لإرادة وتصميم المقاومة، داعيةً للاستمرار في انتفاضة القدس، وتفعيل كل سبل مقاومة الاحتلال ومواجهته. في ذات الإطار أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، أمس الأحد، عن حصيلة جديدة للمواجهات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، حيث أكد أن 157 مصابًا سقطوا بمختلف المناطق بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بينها 10 إصابات بالرصاص الحي، فيما أصيب البعض بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع، التي ألقاها الجنود الصهاينة صوب الفلسطينيين الذين تظاهروا في مختلف المدن الفلسطينية، فيما كان الهلال الأحمر قد أعلن عن سقوط 231 مصابًا في المواجهات المتجددة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي السبت الماضي. تصعيد إسرائيلي بالتزامن مع الأجواء المشتعلة غضبًا والغليان الشعبي الفلسطيني في جميع المدن، اقتحم عشرات المستوطنين الصهاينة المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الصهيوني المدججة بالسلاح، الأمر الذي يصب المزيد من الزيت على نار الغضب الفلسطينية المتأججة، حيث قال مدير شؤون المسجد الأقصى، عمر الكسواني، إن أكثر من 79 مستوطنًا وطالبًا صهيونيًّا متطرفًا اقتحموا صباح أمس الأحد باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية القوات الخاصة الإسرائيلية، لافتًا إلى أن الأقصى يشهد هذه الأيام اقتحامات مكثفة عقب قرار ترامب بشأن القدس. وأكد "الكسواني" أن قطعان المستوطنين المتطرفين يقومون بأداء صلوات تلمودية داخل الأقصى، بتشجيع ورعاية قوات الاحتلال، إضافة لمحاولات استفزاز مشاعر المسلمين برفع صوتهم بهذه الصلوات، موضحًا أن الاحتلال يسعى إلى تكريس واقع جديد داخل المسجد الأقصى. إلى جانب الوقاحة الصهيونية في اغتصاب الأراضي الفلسطينية وقمع المتظاهرين المدافعين عن حقوقهم، دعا وزير الحرب في كيان الاحتلال الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، المستوطنين الإسرائيليين إلى مقاطعة فلسطينيي أراضي 48 اقتصاديًّا، بعد تظاهرات قاموا بها ضد قرار واشنطن، وأضاف ليبرمان "أولئك الذين يتظاهرون في إسرائيل رافعين أعلام حزب الله وحماس ومنظمة التحرير الفلسطينية ليسوا جزءًا من دولة إسرائيل، إنهم يعملون لإيذائنا وتدميرنا من الداخل"، حسب زعمه، وتابع الوزير الصهيوني: أدعو الإسرائيليين لفرض مقاطعة اقتصادية على منطقة وادي عارة، لا تتسوقوا هناك، ولا تأكلوا في المطاعم، ولا تشتروا خدمات منهم. على جانب آخر واصلت سلطات الاحتلال الصهيوني حملات الدهم والاعتقالات بحق المواطنين الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من الضفة الغربيةالمحتلة، لتعتقل أمس الأحد 6 شباب من مدينة نابلس، أغلبيتهم من الأسرى المحررين، فيما اعتقلت من مدينة جنين القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والأسير المحرر، خضر عدنان، وذلك بعد ما داهمت منزله، ونكلت بذويه، وأعلن "عدنان" فور اعتقاله إضرابه المفتوح عن الطعام والماء والكلام، وأخبر عائلته وهو يعتقل أنه مضرب من لحظة اعتقاله وحتى يتم الإفراج عنه، فيما أصيبت طفلة فلسطينية برضوض في أطرافها السفلية، إثر تعرضها للدهس من قبل جيب عسكري إسرائيلي في البلدة القديمة من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن الطفلة تبلغ من العمر خمس سنوات، ونقلت للعلاج في المستشفى بالمدينة.