معركة جديدة يخوضها الشعب الفلسطيني في رحلة صموده ضد الكيان الصهيوني، رسائل عديدة حملتها الأيام القليلة الماضية لهذا المغتصب للأراضي الفلسطينية، ووجهتها المقاومة الفلسطينية وأبناء الشعب، مفادها أن التطبيع العربي مع الاحتلال لن يُخضع القضية الفلسطينية، وأن الصمت الدولي تجاه الانتهاكات والجرائم الصهيونية لن يُفقد المقاومة الأمل في إنقاذ بلادها من هذه الغدة السرطانية، لكن الرسالة الأقوى والتي من المقرر أن يجتمع عليها كافة الفلسطينيين اليوم هي أن "الأقصى خط أحمر". يوم النفير العام.. حالة غليان تعم القدس تشهد فلسطين وبالأخص مدينة القدس اليوم الجمعة، يوما ساخنا في تاريخ صمودها أمام الاحتلال منذ ما يزيد عن 60 عاما، فيبدو أن ساحة المسجد الأقصى المبارك ستكون اليوم بمثابة ساحة مبارزة بين التعنت الصهيوني والصمود الفلسطيني، فبعد محاولات التهدئة وتهديدات التصعيد التي يبدو أنها لم تصل إلى مسامع القيادات الصهيونية، أختار الشعب الفلسطيني أن يلقن الاحتلال اليوم درسًا جديدًا في الصمود والتحدي، من خلال إطلاق "يوم الغضب" أو "النفير العام". أعلنت الفصائل الفلسطينية أمس الخميس أن "اليوم الجمعة، سيكون يومًا مفصليًا في وجه مخططات الاحتلال الإسرائيلي"، داعيةً الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم إلى إقامة صلاة الجمعة في الشوارع والساحات، والمقدسيين إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى بكثافة، والمرابطين والمعتصمين على بوابات الأقصى بضرورة اقتحام الحواجز العسكرية الصهيونية المقامة على أبواب الأقصى لنصرة المسجد، وحذرت من محاولات تمرير اتفاق يعطي الاحتلال السيادة على المسجد الأقصى مقابل تنازلات وهمية، وأكدت الفصائل في بيانها أن "المقاومة الفلسطينية تقف إلى جانب أهلنا في القدس"، محذرة من المساس بهم، فالعدوان على المرابطين والمعتصمين سيضع المقاومة أمام واجباتها ومسؤولياتها في الرد على العدوان والتصدي لمخططات الاحتلال، وليتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن جرائمه وعدوانه وإرهابه. في ذات الإطار، طالبت الفصائل الفلسطينية القادة وحكام الأمة بسرعة عقد جلسة طارئة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للعمل على حماية الأقصى وعدم التعاطي مع أي مشاريع أو مخططات تعطي للعدو فرصة أو مدخلا للإقرار بشرعية وجوده الباطل، فيما دعت الهيئات الإسلامية في فلسطين، أمس الخميس إلى إغلاق المساجد وإقامة كافة الصلوات أمام المسجد الأقصى. من جانبه دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إلى النفير العام اليوم الجمعة، وعقد قمة عربية إسلامية طارئة للتصدي لعدوان إسرائيل على المسجد الأقصى، ودعا هنية، جماهير الأمة العربية والإسلامية للتحرك العاجل والفاعل نصرة للأقصى، الذي يتعرض لخطر حقيقي يمس قدسيته ومكانته، وطالب هنية قادة الدول العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتهم، وعقد قمة طارئة، وتحرك عاجل للتصدي للإرهاب الصهيوني والعدوان على الأقصى. بدورها دعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، لأداء الصلوات في الساحات والشوارع المواجهة للاحتلال ومن ثم الخروج في مسيرات عقب انتهاء الصلاة، في كافة أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، تضامنا مع المسجد الأقصى ورفضًا لما يتعرض له السكان المقدسيون من مضايقات إسرائيلية عنصرية منذ نحو أسبوع، وحثّ القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، الشيخ بسام أبو عكر، الفلسطينيين في مختلف المدن والقرى والبلدات، على الخروج عقب صلاة الجمعة والاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في جميع مناطق التماس، داعيًا إلى حراك فصائلي وشعبي ورسمي ينسجم مع حجم معاناة أهالي القدس لإجبار الاحتلال على التراجع عن مشاريعه العدوانية. في ذات الإطار فقد دعت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، الشعب الفلسطيني لشد الرحال إلى المسجد الأقصى، والنهوض بالفعاليات الشعبية لإسناد المقدسيين وحماية الأقصى، وجعل يوم الجمعة يومًا فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا وعالميًا لحماية المسجد الأقصى، كما دعا عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، أبو صالح هشام، الشعب الفلسطيني إلى التحرك نحو الأقصى لإفشال العدوان الذي يشنه المئات من قطعان المستوطنين والقوات الإسرائيلية على المسجد الأقصى. من جانبه، أكد خطيب المسجد الأقصى الشيخ، عكرمة صبرى، أن الأوضاع فى المسجد الأقصى لا تزال معقدة، نظرًا لتعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلى، مشددًا: سنزحف لصلاة الجمعة بالمسجد الأقصى من كل بلد وقرية ومخيم، ونتوقع أن تزيد الأعداد عن نصف مليون فلسطينى، وأضاف خطيب المسجد الأقصى، أن كل شئ فى سبيل المسجد الأقصى يهون، مشيرًا إلى أن أبواب المسجد الأقصى ليست مغلقة، بل عليها بوابات إلكترونية وضعتها قوات الاحتلال الإسرائيلى، وهذا أمر يرفضه الفلسطينيون تمامًا، لأنها وضعت بقرار سياسى إسرائيلى وليس بقرار أمنى. الاحتلال.. رعب وتعنت هذه الدعوات والتهديدات والحشود الفلسطينية، أعطت مؤشرات إلى أن اليوم الجمعة سيكون مفصليًا وعلامة جديدة في مسيرة الكفاح الفلسطيني، وفق ما أعلنت الفصائل الفلسطينية في بيانها، الأمر الذي دفع الاحتلال الصهيوني إلى الارتعاد من نتائج يوم الغضب، فما كان منه إلا أن يتخذ المزيد من الإجراءات الأمنية تخوفًا من حالة الغليان التي تسود الأراضي الفلسطينية، حيث قرر جيش العدو وضع 5 كتائب عسكرية في حالة تأهب، لاستخدامها في مواجهة أي تدهور للأوضاع قد يطرأ في جمعة الغضب، كما منعت الشرطة الإسرائيلية الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا من دخول البلدة القديمة في القدس، فضلًا عن نصبها حواجز عسكرية على مداخل البلدة وداخلها لمنع دخول الحافلات بالمصلين من داخل الخط الأخضر، ونشرت القوات الإسرئيلية المئات من عناصرها في شوارع مدينة القدس والأحياء القريبة من البلدة القديمة، كما عززت تواجدها على أبواب المسجد الأقصى والبلدة القديمة، ووضعت السواتر الحديدية المثبتة عند باب الأسباط. في ذات الإطار، فقد استبق الاحتلال انطلاق يوم النفير العام بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف القيادات المقدسية، فجر اليوم الجمعة، حيث اعتقلت قوات الاحتلال أمين سر حركة فتح إقليم القدس، عدنان غيث، وشقيقه هاني غيث، ومسؤول لجنة أهالي الأسرى أمجد أبو عصب، والناشط ناصر عجاج، بعد اقتحام منزله وحجز والده لساعات، كما اقتحمت قوات الاحتلال منزل عضو حركة فتح بإقليم القدس، شادي مطور، وتركت استدعاء له، وذلك كله بهدف عرقلة احتجاجات المقدسين في جمعه الغضب، كما اندلعت مواجهات في وقت متأخر أمس الخميس، في منطقة باب الأسباط في مدينة القدسالمحتلة أصيب على أثرها 42 فلسطينيًا برصاص قوات العدو الإسرائيلي، وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني أن "جنود الاحتلال يرفعون السلاح بوجه طواقمنا ويهددونهم ويمنعوهم من الوصول والتقدم إلى منطقة باب الأسباط ووادي الجوز". بالتوازي مع حالة الرعب التي تسيطر على الكيان الصهيوني جاءت حالة من التعنت تشير إلى تصعيد التوترات أكثر، حيث رفض الاحتلال كافة دعوات التهدئة والتراجع عن إجراءاته الاستفزازية في المسجد الأقصي التي انطلقت من مصر والأردن، وقرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" الإبقاء على البوابات الإلكترونية التي ثبتت الأحد الماضي عند أبواب المسجد الأقصى، والسماح فقط لمن تجاوزت أعمارهم 50 عامًا من الرجال الفلسطينيين بدخول البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وتواصل قوات الاحتلال فرض إجراءات عقابية جماعية على السكان المقدسيين، فيما تعتدي القوات على المرابطين والحراس هناك.