لم يكن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، خطوة مفاجئة، بل وعد بالأمر أثناء حملته الانتخابية، وأكد أمس أنه ينفذ وعوده، أما الجانب العربي، فيعلم بصفقة القرن، التي تهدف بشكل رئيسي لتصفية القضية الفلسطينية، على عدة مراحل. مراحل تصفية القضية الفلسطينية بدأها ترامب أمس، بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، وبذلك، يتم تفنيد كل الاتفاقيات السابقة والرعايات التي دخلت بها أمريكا لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويظهر الولاياتالمتحدة هذه المرة بشكلها الواضح، لتكون احتلالا أكبر من إسرائيل. لم يأتِ الإعلاميون العرب على ذكر تفاصيل صفقة القرن التي ستنهي القضية الفلسطينية، لكن القيادات والأنظمة، كانت تعول على الإدارة الأمريكية الجديدة لحلّها، وبدا حلّها واضحاً لدى الإدارة الأمريكية، فبحسب إعلاميين إسرائيليين أفصحوا عن صفقة القرن، والتي ستسفر عن إنشاء دولة فلسطينية على حدود غزة، قابلة للتمدد والتوسع الاستراتيجي باتجاه سيناء، بموافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كحل نهائي للقضية الفلسطينية، أما الضفة الغربية فسيتم تهويدها كاملةً، بعد إعطائها حكماً ذاتياً، ومنح الفلسطينيين فيها بطاقات إسرائيلية، لتكون على شاكلة الأراضي المحتلة عام 1948. حل الدولتين التي ناضلت من أجله القيادة الفلسطينية منذ أوسلو وحتى الآن، لم يعد موجوداً ولا مطروحاً على الأجندة الدولية، فبالأمس، قال ترامب إنه سيدعم حل الدولتين إذا توصل له الفلسطينيون مع الإسرائيليين، الإسرائيليون الذين أعلنوا بشدةٍ رفضهم لحل الدولتين مراتٍ عديدة. استنكار القيادة الفلسطينية وإعلانها أن الولاياتالمتحدة لم تعد تمثل شريكاً وراعياً للسلام، لا يبدو ذات قوةٍ لما تبديه الولاياتالمتحدة تجاهها، لكن ما يجدي مع الاحتلال، وما يمكن بالفعل أن يؤدي إلى انتزاع الحق الفلسطيني، دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بإطلاق انتفاضة فلسطينية شاملة في الأراضي الفلسطينية، للتصدي إلى الاغتيال الذي يطال القضية الفلسطينية، حيث أكد أن عملية السلام قُبرت للأبد بعد هذا القرار. أما الرفض الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي، كان جامحاً، ما بين تبيين ماهية الاعتراف، والدعوة لرفضه بكل الأشكال الممكنة؛ فالكاتب والصحفي رائد وحش، قال على صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: ربما لن يضيف نقل السّفارة الأمريكية إلى القدس جديدًا إلى واقع بلادٍ بأكملها تحت الاحتلال، ولن يغيّر شيئًا في خرائط عالمٍ يعدّها إسرائيلية كما غيرها من مدن فلسطينالمحتلة، وربما لا جديد في الإشارة إلى الأسرلة السياسية والاقتصادية التي تجري طوال الوقت، غير أنّ الأكيد هو أنّ الثقافة تلعب دورها الحيوي. وأضاف: ما يجري اليوم على وسائل التواصل فعلٌ ثقافيّ شعبيّ يؤكّد على رمزيّة القدس، كما يفهمها المغلوبون الذين يريدون أن يقولوا إن مخالب الهزيمة لم تأت على كل شيء، موضوع السّفارة موضوع رمزيّ، لأنّ الغالب يفهم أن الرمزية مساحة لصناعة الوعي لدى الجماعات البشرية، ولهذا ينشغل بانشغال المغلوب فيها، فيتخذ خطوات من هذا القبيل ليحطّم المحطّم ويمعن في إذلاله. الغضب والدعوات لانتفاضة جديدة، قد تفجر الأوضاع بشكل مختلف هذه الفترة، فمن يدري ربما تتحول غزة إلى مدينة لا تهدأ فيها الحرب كباقي المدن العربية المشتبكة الآن، لكن بالنسبة للفلسطينيين، فالأمر مختلف، حيث يدافع الفلسطيني عن أرضه التي يسرقها محتل منه، ولعل الأجدر كان أن ينتفض الشعب الفلسطيني منذ إعلان خطة ترامب.