استبشر البعض خيرا حين تم انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة ورأوا فى ذلك نهاية لفصول التأمر الأمريكى على المنطقة فالرجل كان يحمل شعار "أمريكا أولا" إلا أنه وبمرور الوقت ظهر جليا أن هذا الأمر غير حقيقى فمخططات الولاياتالمتحدة تسير فى المنطقة كما هى وها هو اليوم يقف على أعتاب قرار تاريخى كارثى للمنطقة لم يسبقه إليه رئيسا أخر حيث سيعترف اليوم الأربعاء بالقدس عاصمة لإسرائيل ويطلق عملية نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة التاريخية فى قرار يلغى سياسة أمريكية قائمة منذ عشرات السنين ويضع منطقة الشرق الأوسط بأكملها على فوهة بركان . مغزي القرار يعتبر وضع مدينة القدس أهم نقطة فى مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية وهى المدينة المقدسة للفلسطينيين ولعموم المسلمين حيث يطالب الفلسطينيون بالقدسالشرقيةالمحتلة عاصمة لدولتهم بينما تصر إسرائيل على جعهلها عاصمة لها. والأمم المتحدة تعترف بالقدسالشرقية كأرض محتلة تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة وترفض الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدسالشرقية وعلى مدار الأعوام الماضية كانت الولاياتالمتحدة ترفض رسمياً الاعتراف بالضم الإسرائيلي للقدس الشرقيةالمحتلة منذ 1967. ويوقع رئيس الولاياتالمتحدة كل ستة أشهر قراراً بتعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس وذلك بعد أن تبنى الكونجرس الأمريكي قراراً في العام 1995 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس فأصبح القرار بيد الرئيس الأمريكي الذي بات يؤجله كل ستة أشهر. وتكمن خطورة الخطوة الأمريكية بحسب مراقبين في أن نقل السفارة لمدينة القدس يعد اعترافا نهائيا بدولة إسرائيل وبالتالي أصبحت القدس عاصمة لإسرائيل ولا داعي لوضعها على طاولة المفاوضات. تداعيات القرار هذا القرار يعني بالنسبة للفلسطينيين نهاية حل الدولتين وإغلاق الباب أمام المفاوضات وقد يكون من نتائجه اندلاع انتفاضة قوية في كافة البلدان الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي حيث إن القدس تمثل بالنسبة للمقاومة آخر مقدسات الدولة الفلسطينية المحتلة وضمها رسميا لإسرائيل ربما يقضي على أمل استعادتها من الاحتلال. وقد دعت حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى انتفاضة فلسطينية جديدة إذا أعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل.وفي حال دخول فصائل المقاومة في مواجهة مباشرة مع الاحتلال فإن ذلك يعني تلقائيا تعطيل مسار المصالحة الفلسطينية وإرباك المشهد السياسي في المنطقة . الموقف العربى والدولى تلقى الرئيس الأمريكى خلال اتصالاته بالقادة العرب والمسلمين لتدارس القرار رفضا واضحا للموقف الأمركى و تحذيرا من أن ذلك سيثير احتجاجات جماهيرية ويمثل دعما للإرهاب بالمنطقة. وعلى المستوى الدولى أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محادثة هاتفية مع الرئيس الأمريكي أعرب خلالها عن قلقه من عواقب الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة إسرائيل. وحذّر من أن الخطوة التي يدرسها ترامب فكرة سيئة. وكذلك أعرب وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن معارضة بلده لإمكانية اعتراف أمريكابالقدس عاصمة إسرائيل مطالبا واشنطن بالامتناع عن خطوات أحادية الجانب قد تؤجج الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.وقد حذرت وزارة الخارجية الأمريكية سفاراتها وقنصلياتها في جميع أنحاء العالم من العنف المحتمل حال إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لإسرائيل. والتساؤل الأن هل يتخذ ترامب القرار اليوم ويشعل نيران الغضب فى المنطقة أم يتراجع عن موقفه ويرجيء الأمر لوقت لاحق؟