في خطوة أدانتها معظم دول العالم، أعلن دونالد ترامب أن الولاياتالمتحدة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقرر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. ويكون ترامب بهذا القرار قد أغلق باب المحادثات حول وضع القدس في أي مفاوضات تجرى بشأن حل الدولتين؛ لأن قضية القدس بالنسبة للولايات المتحدة قد حسمت لصالح إسرائيل. وحول هذه الخطوة قالت صحيفة "الجارديان" إن تخلي دونالد ترامب عن عقود من السياسة الأمريكية قد وضعه على خلاف مع بقية العالم، وستكون له عواقب بعيدة المدى. وتناولت الصحيفة البريطانية التداعيات المحتملة لهذه الخطوة الأمريكية المثيرة للجدل بالنسبة للاعبين الرئيسيين، وهي: عملية السلام كان خطاب ترامب بمثابة شهادة وفاة لمهمة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط. وأجمع المجتمع الدولي على أن الاعتراف الأمريكي أحادي الجانب بالقدس عاصمة لإسرائيل له تداعيات كارثية على أي آمال لإحياء محادثات هادفة. إن وضع القدس هو إحدى القضايا المحورية التي قال عنها الدبلوماسيون وصانعو السلام إنه يجب الاتفاق عليه بين الطرفين من خلال المفاوضات. إسرائيل تشعر الحكومة الإسرائيلية الآن بسعادة غامرة. ستنطلق الاحتفالات بين الإسرائيليين، لاسيما ال 200 ألف إسرائيلي الذين يعيشون في المستوطنات غير القانونية بموجب القانون الدولي في القدسالشرقيةالمحتلة. فمنذ أن استولت إسرائيل على القدسالشرقية في حرب 1967، أعلنت أن المدينة بأكملها عاصمتها الموحدة الأبدية، وتطلعت منذ ذلك الحين إلى الاعتراف الدولي. كما أن إعلان ترامب سيعزز موقف العديد من السياسيين الإسرائيليين الذين تبنوا دائمًا وجهة نظر أنه لا يوجد ما يمكن تحقيقه من خلال التفاوض مع الفلسطينيين. المنطقة العربية من شأن تحرك ترامب أن يزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة المتقلبة بالفعل. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الولاياتالمتحدة "تغرق المنطقة والعالم في حريق لا نهاية له"، مشيرًا إلى أن تركيا قد تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إذا تم تنفيذ الخطة الأمريكية. ويعتقد السعوديون – الحلفاء الاستراتيجيون للولايات المتحدة في المنطقة – أن هذه الخطوة تضر بالجهود المستمرة التي تبذلها الرياض لإحياء اتفاق السلام. كما أدانت الدول العربية المتاخمة لإسرائيل – مصر والأردن ولبنان وسوريا – هذا التحرك. أوروبا أعلنت معظم دول أوروبا عن انزعاج عميق من اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لإسرائيل. لكن السؤال الرئيسي هو عمَّ إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتخذ إجراءات مثل فرض حظر صارم على الواردات من مستوطنات الضفة الغربية ورفض التعامل مع الشركات الإسرائيلية العاملة في الأراضي المحتلة، وبالتالي يضع نفسه على مسار مختلف تمامًا عن الولاياتالمتحدة. المسيحيون في الأرض المقدسة أعلن البطريرك ثيوفيلوس الثالث، البطريرك الأرثوذكسي للمدينة المقدسة وسائر فلسطين، والذي يعتبر على نطاق واسع أكبر شخصية مسيحية في القدس، وعشرات من قادة الكنيسة الآخرين في الأرض المقدسة، أن إعلان ترامب سيتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه. وقالوا "إن تحركه سيزيد من الكراهية والصراع والعنف والمعاناة في القدس والأراضي المقدسة؛ مما يبعدنا عن هدف الوحدة، ويعمق الطريق نحو الانقسام المدمر. وسوف يكون قادة الكنيسة حريصين على حماية المواقع المسيحية". مدينة القدس في عام 2015 شكل الفلسطينيون 37٪ من سكان المدينة بحوالي 850 ألف نسمة. يعيش العديد منهم في منازل وأحياء مكتظة، غير قادرين على الحصول على تصاريح للبناء أو التوسع. يعيش ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر، و25٪ في أحياء يفصلها عن باقي المدينة الجدار الفاصل. ومن الصعب التصور أن قرار ترامب سوف يحسن الظروف بالنسبة لهم. الفلسطينيون بالنسبة للفلسطينيين كان إعلان ترامب بمثابة نهاية لآمالهم ومطالبهم بالقدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة في المستقبل. وسوف يرغب الكثير من الفلسطينيين في العودة إلى خيار المقاومة المسلحة؛ لأنهم يشعرون أن الجهود الدبلوماسية والمفاوضات لم تحقق لهم أي تقدم نحو إقامة دولة خاصة بهم، لذلك قد لا يجدون بديلاً عن العمل المباشر.