توجيهات من وزير التعليم للتحقيق مع مدرسة دولية لهذا السبب    سيارة مرسيدس GLC الكهربائية.. تصميم كلاسيكي بإمكانات عصرية    «لأسباب شخصية».. استقالة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي من منصبه    منتخب مصر يخوض تدريباته باستاد العين استعدادا لمواجهة أوزبكستان وديا    الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    وقف الإجازات ونشر السيارات.. 6 إجراءات استعدادًا لنوة المكنسة بالإسكندرية    رئيس المتحف الكبير: ندرس تطبيق نظام دخول بمواعيد لضمان تجربة منظمة للزوار    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة ل كلمة أخيرة: المرأة تصدرت المشهد الانتخابي    «هيبقى كل حياتك وفجأة هيختفي ويسيبك».. رجل هذا البرج الأكثر تلاعبًا في العلاقات    أحمد السعدني يهنئ مي عزالدين بزواجها: سمعونا زغروطة    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    رئيس العربية للتصنيع: شهادة الآيرس تفتح أبواب التصدير أمام مصنع سيماف    تهديد ترامب بإقامة دعوى قضائية ضد بي بي سي يلقي بالظلال على مستقبلها    هل يشارك الجيش التركي ب«عمليات نوعية» في السودان؟    كريم عبدالعزيز يوجه رسالة لوالده عن جائزة الهرم الذهبي: «علمني الحياة وإن الفن مش هزار»    جائزتان للفيلم اللبناني بعذران بمهرجان بيروت الدولي للأفلام القصيرة    تقرير لجنة التحقيق في أحداث 7 أكتوبر يؤكد فشل المخابرات العسكرية الإسرائيلية    الجارديان: صلاح خطأ سلوت الأكبر في ليفربول هذا الموسم    هند الضاوي: أبو عمار ترك خيارين للشعب الفلسطيني.. غصن الزيتون أو البندقية    ضبط أخصائي تربيه رياضية ينتحل صفة طبيب لعلاج المرضى ببنى سويف    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس نادي قضاه الأسكندرية    الهيئة الوطنية للانتخابات: لا شكاوى رسمية حتى الآن وتوضيح حول الحبر الفسفوري    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    ديشامب يوضح موقفه من الانتقال إلى الدوري السعودي    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    الصين تحث الاتحاد الأوروبي على توفير بيئة أعمال نزيهة للشركات الصينية    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    هؤلاء يشاركون أحمد السقا فى فيلم هيروشيما والتصوير قريبا    إبداعات مصرية تضىء روما    الرئيس السيسي: مصر تؤكد رفضها القاطع للإضرار بمصالحها المائية    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد شهاب الدين : فنجان قهوة في ميدان التحرير
نشر في البديل يوم 21 - 02 - 2012

على مدخل ميدان التحرير من عمر مكرم سألني آدم وبداخله شوق كبير لمعرفة المجهول : ماذا تتوقع هل تنجح ثورتنا ؟ سؤال لم أكن أسأله لنفسي بصدق ، تداعت الأفكار في خاطري عبثية حينا ومنتظمة أحيانا أخرى
....
أحب الشتاء كثيرا وتثير لياليه بداخلي مشاعر حادة وكثيفة ، أجمل الكلمات كتبتها في ليالي الشتاء ، السكون يلف شوارع وسط البلد تسمع سعلة هنا وأغاني خفيضة من ” الموبايل ” ، وعندما تمشي مع من تشاطرهم جسد المسيح ودمه ، تشعر بأجنحة الملائكة الباردة تشيع سلاما جليلا حول روحك ، شيء من هذه المشاعر انتابتني وأنا معه جلسنا على المقهى في بداية طلعت حرب ، وطلبت بخبث فنجان قهوة .
كان شعورا مختلفا وجميلا في اختلافه لأول مرة أشعر بالاقتراب من المجهول يحمل لي رسائله إنسانا أليفا لدي ومقربا إلي ، أشعر بسلامه الروحي ومعاناته النفسية معا مما يكسب صوته رعشة شجن تحبها وتألفها وتتناغم معها ، يحمل في جسده الضئيل والضعيف إشعاعا عاطفيا كبيرا وقويا ، كنا نتحدث في أمور كثيرة وأنا أشرب الفنجان .
لشد ما يضايقني هيكل إنه لا يتعلم ولا يتغير ،يشرع للاستبداد في بداية كل عهد ، امتدح عبد الناصر في عموده ” بصراحة ” وساند السادات في حرب مراكز القوى ودعم مبارك في بداية عهده وكان لا يعدم في كل مرة مبرراتها والآن يتحدث عن الجيش والمجلس العسكري ولايلتفت لحجم الانتهاكات التي أحدثت ثقوبا لاترتق في علاقتنا به، غير سياساته التي ستأخذ البلد وراءه إلى ظلمات قد لا نرى النور بعدها إلا في أمد بعيد ، واستطردت إلى الشاب الشجاع مايكل نبيل وكيف كشف مبكرا عن الدور الخسيس الذي يمارسه المجلس العسكري في مقالته ” الجيش والشعب عمرهم ما كانوا إيد واحدة ” وتذكرت كلمة لماركس ” الفلاسفة يفسرون العالم ولا يغيرونه ” وفي رأيي إن الإنسان وهو يحاول أن يغير من عالمه إلى الأفضل تلهمه إرادته هذه البصيرة والاستكشاف لما قد يستغلق على غيره من المراقبين السلبيين ، حتى في حياتنا الشخصية ونحن نسعى للأجمل والأنضج يلهمنا سعينا بصيرة بنا وبمن حولنا وحساسية فائقة لذبذبات النسيم واختلاجات أوراق الشجر .
هكذا صدق مايكل نبيل في سعيه فعمقت فكرته وامتدت رؤيته ونافق هيكل السلطة فضاقت عبارته بما رحبت .
كان المكان داخل القهوة دافئا وكانت القهوة لذيذة ودخنت السجائر بشراهة فالمتعة تستدعي أختها إلى ما لانهاية ، أدركت أني لا أدرك من لحظتي إلا ما أدرك وثمة شيء حي وعميق لا يدرك فأدركت عدم إدراكي .
شربت رشفة أخرى ونفثت الكثير والجميل من سجائري السامة ، المعنى لا يظهر إلا في اللفظ، والقداسة روح تتجلى في أنجس الشهوات ، والغيبي لا يدرك إلا في المادي الملموس وجسد المرأة الداعر يكون بليغا في الزي المحتشم !
شربت رشفة أخرى ونفثت الكثير والجميل من سجائري السامة، جيلنا شجاع كسر كل الحواجز التي تقف بينه والحرية ، الثورة الشبابية تحتاج إلى ذراع سياسي لها المناداة بالعدالة والحرية والكرامة يجب أن تتبلور في رؤيا نمطية على غير نمط سابق ، وهذا سيحدث ولكنه يحتاج إلى وقت أعرف تماما ما أرفضه، ولا أفعله ولكني لا أعرف ما أريده تماما، لا أريد أن أنضم لحزب ذات توجه وأيديولوجيا فالشك بداخلي أقوى من اليقين والشعور أشد من الفكر ولا أريد أن أتورط معها في علاقة فأنا أعشق هذا التجاوب الحر لمشاعري في حدتها وحداثتها وآلمني ذلك القيد الذي تشعر به في يدها أريد أن أهمس في أذنها إنه غير حقيقي ، ولاتزال أشجار أمامنا لم نتذوق فاكهتها المحرمة فلنترك مشاعرنا تربي نفسها بنفسها ونعقل منها ما يستطيع العقل أن يعقله، وذات يوم سيكون لجيلنا أحزاب وتوجهات وفكر وفن وسيكون لنا هذا النمط غير النمطي وسنلبس معاني كثيرة ألفاظها ومشاعرا أفكارها وثورة شكلها الاجتماعي والسياسي !
شربت رشفة أخرى ونفثت الكثير والجميل من سجائري السامة ، لا يمكن أن أتجاهل مهما حاولت أني أذوب عشقا، وأخاطر عندما أنظر إلى كل هذا الملكوت في عينيها ، فلا أستطيع أن أصرف عيني عنها ولا تستطيع أن تنظر لي طيلة الوقت ضعف الطالب والمطلوب !
كانت الرشفة الأخيرة وأطفأت عقب سيجارتي ، و قلب فنجاني لحظة وهو يبتسم .
تذكرت كلمة للمعلم الهندي أوشو وهو يدافع عن التنجيم أن البذرة تحوي في تلافيفها الصغيرة الشجرة الهائلة ومسجل فيها عدد أوراقها وثمراتها الناضجة والمعطوبة ، أتأمل لو استطعنا أن نقرأ أنفسنا حقا سنعرف ماضينا ونحدس مستقبلنا .
تأمل كثيرا في جنبات الفنجان ييتسم ويركز ويعبس ، ثم يبتسم مجاملة وطمأنينة لي ، ماذا ؟ !
رسمت بقايا شهوتي وقلقي ومغامرتي أشكال وتضاريس في قعر الفنجان وعلى جنباته
أراني في الفنجان طاووسيين وضباب يغطي كثير من الأشكال، وأشكال آدمية طائرة في الهواء وشكل واضح لفتاة ولكنها في الهواء وليست على الأرض وأشار إلى البن المتناثر في سطح الفنجان الخارجي ، وخط نازل من أعلى إلى المنتصف ومشكل عقدة أوقفت مساره – والحدق يفهم – .
.............
كان هذا في مدخل طلعت حرب لميدان التحرير أما المدخل الآخر فقد كنت مع آدم وربيع ولايزال سؤاله معلقا في الهواء : ماذا تتوقع هل تنجح ثورتنا؟ شعرت بأني أحتاج إلى فنجان قهوة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.