خرج تقرير صندوق النقد الدولي عن الاقتصاد المصري بالإشادة، كما هو معتاد، بتحقيق الحكومة المصرية تقدمًا كبيرًا في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه منذ نوفمبر من العام الماضي، موضحًا أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي والتي شملت دعم الطاقة، وضبط الأجور، وإقرار ضريبة القيمة المضافة، ساهمت في الحد من العجز المالي، وسمحت بإعطاء مساحة للإنفاق الاجتماعي، ودعم الفقراء. خطورة التضخم المرتفع ولفت التقرير إلى أن البنك المركزي المصري اتخذ خطوات هامة للحد من التضخم، عن طريق رفع أسعار الفائدة واستيعاب السيولة الزائدة، واضعًا أيضا إطارًا نقديًّا بسياسة واضحة المعالم، وكثف من اتصالاته مع الأسواق ومع الجمهور؛ من أجل إدارة توقعات التضخم، ولذلك فإن الأولوية الفورية للحكومة المصرية تتمثل في الحد من التضخم، حيث إنه إذا ترسخ التضخم المرتفع المستمر، فقد يشكل خطرًا على استقرار الاقتصاد الكلي، وقد يعرقل أيضًا مصداقية الإطار الجديد للسياسة النقدية. استكمال رفع الدعم عن الطاقة وأكد صندوق النقد الدولي على أهمية الإصلاحات التي تتبناها الحكومة فيما يتعلق بأسعار الطاقة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث أكد أن تلك الإصلاحات لا تزال محورية لضبط الأوضاع المالية والعدالة الاجتماعية، وشدد على أهمية استكمال الحكومة إصلاح منظومة دعم الطاقة، موضحًا أن الزيادات السنوية في تعريفات الكهرباء إلى جانب رفع أسعار المحروقات مرتين في نوفمبر 2016 ويونيو 2017 بمثابة خطوات شديدة الأهمية. وأشار التقرير إلى عزم السلطات المصرية رفع أسعار المحروقات للوصول إلى الاسترداد الكامل لتكلفة رأس المال واستكمال إصلاح منظومة الطاقة، مؤكدًا أنه تمت إعادة سوق العملات الأجنبية إلى وضعها الطبيعي بعد تحرير سعر الصرف، بالقضاء على نقص العملة واختفاء السوق الموازية. انخفاض كبير في قيمة الجنيه ولفت إلى أن الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه المصري أدى إلى زيادة معدل التضخم والضغط على الميزانية، إذ بلغ معدل التضخم نحو 30٪ في مايو، مما تسبب في خلق حالة من القلق العام، مشيرًا إلى أن السلطات اتخذت إجراءات قوية لتحقيق الأهداف التي يرمي إليها برنامج الإصلاح الاقتصادي. وتوقع الصندوق وصول التضخم في مصر إلى أعلى قليلاً من 10% بنهاية السنة المالية الحالية 2017-2018 التي تنتهي في نهاية يونيو المقبل، والوصول لرقم أحادي بنهاية البرنامج البالغ مدته ثلاث سنوات. الدفعة الثالثة تتوقف على المراجعة وأوضح الصندوق أن الدفعة الثالثة من قرض الصندوق، والتي تصل قيمتها ل 2 مليار دولار، تتوقف على المراجعة الثانية قبل نهاية ديسمبر القادم، مؤكدًا أن مصر طلبت الإعفاء من بعض الأهداف في يونيو الماضي، بعد أن شهدت انخفاضًا أكبر من المتوقع في قيمة العملة، ووافق صندوق النقد الدولي على طلب السلطات المصرية الإعفاء من معايير الأداء المحددة لشهر يونيو بالنسبة لرصيد المالية العامة الأوَّلِي وفاتورة دعم الوقود؛ بسبب زيادة التكاليف، وجاءت الموافقة في ضوء الخطة الموضوعة لتحقيق ضبط مالي أقوى في العامين التاليين. وقال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن استكمال رفع الدعم عن الطاقة ليس معناه زيادة أسعار، ولكن وضع آلية لتسعير الطاقة بشكل واضح، موضحًا أن هناك مخاطر في برنامج الإصلاح الاقتصادي حذر منها الصندوق، والتي ستؤثر على الوضع الكلي للاقتصاد؛ بسبب انفلات التضخم واستمرار عجز الموازنة العامة للدولة. وأوضح نافع ل«البديل» أن الصندوق لا يملك خفض التضخم إلى أعلى قليلاً من 10% بنهاية السنة المالية الحالية 2017-2018، ولكنها أمنيات الحكومة وفقًا لتقرير الصندوق ولذلك لا بد أن تتعامل الحكومة مع التحذيرات، وتحاول تفاديها؛ لأن إشادة الصندوق تعطي الثقة بالاقتصاد المصري، ولكن هناك مخاطر تحوم حول الدين العام والتضخم لا بد من الوقوف أمامها.