أثرت الأزمة الاقتصادية التي نواجهها حاليا على جميع مناحي الحياة؛ بما فيها القطاع الثقافي، الذي يعتبر الكتاب عماده الأساسي، حيث ارتفعت أسعار المواد الخام الخاصة بالكتب بشكل جنوني، وبالتالي كانت النتيجة الطبيعية أن ترتفع أسعار الكتب، الأمر الذي تبعه عزوف الناس عن شراء الكتب، وبدأت تظهر أشكال جديدة للكتب منها البي دي إف والكتاب الصوتي. الكتاب ودور نشر أكدوا أن الأزمة الاقتصادية تسببت في عزوف الناس عن الشراء، الأمر الذي أجبر دور النشر إلى اللجوء لبعض الحيل، مثل إصدار الطبعة الثانية من الكتاب قبل الأولى، كما لجأ القراء إلى الطبعات المقرصنة، كما انتشرت أشكال الكتب الأخرى مثل البي دي إف والكتاب الصوتي، لكنها لا تغني عن الكتب الورقية. محمد مفيد، مدير دار دون للنشر، قال إن الأزمة الاقتصادية أثرت على الكتاب المطبوع بشكل كبير؛ حيث قلت نسبة إقبال الجمهور على شراء الكتب الورقية؛ بسبب طغيان أساسيات الحياة على الثقافة في ظل الأزمة الحالية، التي لن تتسبب في اختفاء الكتاب الورقي لأنه يتميز بصفات تختلف عن غيره من الأشكال الأخرى، سواء الكتاب الصوتي أو حتى كتاب البي دي إف، بحسب تعبيره، موضحا ل"البديل" أن الدار حاليا تنفذ مشروعا لتحويل بعض الكتب إلى الشكل الصوتي من أجل أن التغلب على الوضع الحالي، مبينا أنهم مستمرون في هذا المشروع لتحويل الكتب من ورقية إلى صوتية. أما الناشر فتحي المزين، قال إن الناس أصبحت لديها عزوف بشكل كبير عن المشاركة في الفعاليات الثقافية بجميع أشكالها بسبب الوضع الاقتصادي الحالي الذي أثر عليهم بشكل كبير، مضيفا ل"البديل" أن الطباعة زادت أسعارها خلال الفترة الماضية أربع أضعاف بنسبة وصلت إلى 40% خلال العامين الماضيين، مشيرًا إلى أن دور النشر الشبابية أيضا عزفت عن مساعدة الشباب، وأن دور النشر تحولت إلى مجرد مشروع استثماري لا ثقافي، قائلًا: "كل دار نشر بقت مستنيه الأسماء المشهورة بس تطبع ليها عشان تبقى ضامنة إن فلوسها مش هتروح ع الأرض"، وأكد أن أشكال الكتب الأخرى مثل البي دي إف والكتاب الصوتي، لن تستطيع أن القضاء على الكتاب المطبوع؛ لأن له طبيعة خاصة تختلف عن غيره من أشكال الكتب. أما القاص رشدي صابر، قال إن الأزمة الاقتصادية الأخيرة أصابت أسعار الكتب بالجنون، حيث وصل سعر بعضها إلى 400 جنيها وهو مبلغ مرتفع جدا، مشيرًا إلى أن دور النشر بدأت تلجأ إلى حيل للتغلب على قلة المبيعات ومنها إصدار الطبعة الثانية من الكتاب قبل الأولى لإيهام القارئ أن هناك حركة سحب على المنتج الثقافي المتاح أمامه، مضيفا ل"البديل" أن الكتب البي دي إف أصبحت حلا للمشكلة، رغم ما تعانيه من بعض المشاكل وعدم تعود بعض القراء عليها، مقترحًا أن يلجأ الجمهور إلى الاستعارة من المكتبات الحكومية كبديل متاح أمام راغب القراءة، إضافة إلى اللجوء إلى النسخ المقرصنة. فيما قال الروائي والقاص سعيد الكفراوي، إنه رغم ارتفاع أسعار الكتب الحالية، سنجد أن هناك الكثير من المكتبات خصوصا في منطقة وسط البلد لازالت قادرة على البيع ولديها حركة من الزبائن، مضيفا ل"البديل" أن أشكال الكتب الأخرى مثل الورقية والبي دي إف، صاحبت فقط تطور المجتمعات والتكنولوجيا الحديثة، لكنها في الوقت نفسه لم تلغ الكتاب الورقي لأن الأخير يخلق بينه وبين قارئه علاقة خاصة لا يفهمها إلا من تعود على القراءة في الكتب الورقية.