بعد أيام قليلة من استلام الدكتور غسان سلامة مهام عمله كممثل خاص للأمين العام للأمم في المتحدة في ليبيا، ظهرت تحركات الرجل على كافة الاتجاهات من مصر إلى فرنسا؛ للتمهيد لوضع أطر واقتراحات في سياق التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.. فهل ينجح غسان في اختراق الأزمة الليبية والعمل على تجميع الفرقاء في نقطة توافق واحدة، أم سيظل كسابقه تائهًا في بحر من المفاوضات لا تضع حدًّا للحرب المندلعة من فترة، والناتجة عن الانقسامات والخلافات المتواجدة في ليبيا؟ ويأمل المجتمع الدولي، ودول الجوار الليبي، في نجاح سلامة في مهمته، التي يرى مراقبون أنها صعبة، على خلفية توالي الممثلين الأمميين في هذا المنصب، دون تحقيق أي تقدم يذكر سوى اتفاق الصخيرات، الذي لم يتم تنفيذه حتى الآن، وظل حبيس الإدراج بين من يطالب بتعديل بنود فيه تتعلق بالجيش، ومن يرى وجوب تنفيذه بنفس البنود. استلام غسان منصبه عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش غسان سلامة، ممثلاً خاصًّا له في ليبيا ورئيسًا لبعثة الأممالمتحدة في البلاد، في 22 يونيو الماضي، ووافق على هذا مجلس الأمن بكل أعضائه. واستلم غسان مهامه خلفًا للألماني مارتن كوبلر، وبعد أيام قليلة من استلامه المنصب، نجح في جمع رئيس المجلس الرئاسي لليبيا فائز سراج، وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر في باريس، بالتنسيق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. كما أجرى غسان زيارة لمصر، التقى خلالها بوزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس أركان الجيش الفريق محمود حجازي. من هو غسان سلامة؟ سلامة يعد سياسىًّا ودبلوماسىًّا لبنانىًّا مخضرمًا، ويأتي ترتيبه السادس بين الممثلين الخاصين للأمم المتحدة لدى ليبيا. ولد الدكتور غسان سلامة عام 1951 في يلبنان، ودرس القانون فى جامعة القديس يوسف، والقانون الدولي في جامعة باريس، وحاز درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة باريس الأولى، وحصل على دكتوراه في الآداب من جامعة باريس الثالثة، وأمضى الجزء الأكبر من حياته لاحقًا في تدريس العلاقات الدولية، نظرية وتطبيقًا، في عدد من الجامعات اللبنانية والفرنسية والأمريكية. وتولى سلامة منصب رئيس مجلس أمناء الصندوق العربى للثقافة والفنون "آفاق"، وعميد "معهد باريس للشؤون الدولية"، وعمل أستاذًا للعلاقات الدولية فى "معهد العلوم السياسية" بباريس وفى "جامعة كولومبيا" بنيويورك، كما شغل منصب وزير الثقافة فى لبنان بين عامى 2000 و2003، وعلى الصعيد الدولى عين مستشارًا سياسيًّا لبعثة "الأممالمتحدة" فى العراق عام 2003، ثم عيّن بعدها مستشارًا خاصًّا للأمين العام ل"الأممالمتحدة" كوفي عنان بين 2003 و2006، كما رشح مؤخرًا لمنصب الأمين العام لمنظّمة اليونسكو، وحقق ترشحه تأييدًا كبيرًا بين الشخصيات الثقافية والسياسية في لبنان والوطن العربي. اختير عضوًا في عدد من المنظمات العالمية غير الحكومية، ومنها: مجموعة الأزمات العالمية في العاصمة البلجيكية بروكسيل، ومؤسسة "أوبن سوساييتي" بنيويورك، و"مركز حل النزاعات" بنيويورك، و"مركز العمل الإنساني" في جنيف، وهو أحد مؤسسي "الصندوق العربي للثقافة والفنون"، ويرأس مجلس أمنائه منذ انطلاقه عام 2007. هل من الممكن أن يحقق تقدمًا في ليبيا؟ على الرغم من أن المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة يواجه العديد من الأزمات التي تعصف بالمشهد الليبي، ولا سيما رغبة بعض الأطراف في إدخال تعديلات على الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، إضافة لمشكلة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في الشرق والغرب وإيجاد حلول ناجعة لحل الكتائب والميليشيات المسلحة، وبحث أزمات النازحين والمهجرين، إلا أن مراقبين يرون أن تحركاته الأخيرة تشير إلى وجود رؤية لديه لتحقيق تقدم في هذا الملف. وثمة معلومات تؤكد أن سلامة سيبني على اجتماع باريس الذي عقد بين السراج وحفتر لمزيد من التوافقات في الفترة المقبلة، وعلى ما يبدو فإن هناك اتفاقًا واسعًا بخصوص الحاجة إلى انتخابات عامة، حيث أعلن السراج قبل رحلته إلى باريس، عن نيته عقد انتخابات تشريعية ورئاسية في مارس 2018، وكان صالح وعديدون آخرون في مجلس النواب قد أكدوا سابقًا على الحاجة إلى إجراء انتخابات. وفي باريس ذكر البيان المشترك بين حفتر والسراج أن الانتخابات ينبغي أن تعقد في أقرب وقت ممكن، كل هذه المؤشرات على ما يبدو تساعد غسان في تحقيق رؤيته في حل الأزمة الليبية وتهدئة الأوضاع الأمنية.