بعد خلاف طويل ومشاحنات وتبادل اتهامات بين سلفاكير والبشير وعلاقة العداء بين الشمال والجنوب التي لم تنتهِ حتى بالانفصال، يبدو أن الرئيس سلفاكير اقتنع أخيرًا أنه لا مفر من تحسين العلاقات بين البلدين، والتي اتخذها بشكل تدريجي، فبعد أن قلل رئيس دولة جنوب السودان من تأثير الاتهامات وتبادل الدعم والإيواء للحركات المتمردة بين الخرطوموجوبا، وقال عن علاقات البلدين إنها مرحلية، وسيتم تجاوزها بسهولة، وإن المواقف تتحول بين البلدين للإيجابية وتبادل الدعم، تبع ذلك قرار صريح جاء على لسان وزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة جنوب السودان مارتن إيليا لومورو، الأربعاء الماضي، بأن الرئيس سلفاكير أبلغ مسؤولاً رفيعًا في الأممالمتحدة عن نيته تحسين العلاقات مع السودان. قال موقع أوول أفريكا: في مايو الماضي اتهم السودان جوبا بدعم هجوم شنته جماعتان مسلحتان على ولايتي شرق وشمال دارفور، وقالت الخرطوم إن المهاجمين اقتحموا الأراضي السودانية من جهة جنوب السودان وليبيا. وأضاف الموقع: وعقب تأكيد دول الترويكا لهذه الاتهامات، أشارت تقارير الأممالمتحدة لمجلس الأمن بشأن دارفور، بما في ذلك التقرير الأخير الذي صدر في 14 يونيو 2017، إلى وجود فصائل متمردة من غرب السودان في دولة جنوب السودان، ورغم تلك الضغائن والخلافات، إلا أن سلفاكير أعلن عزمه على تطوير علاقاته مع السودان مؤخرًا، وتجري الاستعدادات لتحديد موعد زيارة وزير خارجية جنوب السودان دينق ألور للخرطوم، ويبدو أن سلفاكير مضطر لذلك، حيث المصالح المشتركة بين البلدين، والتي تقتضي تنحية الخلافات جانبًا والتفكير بشكل أكثر عمليه وموضوعية، حيث إن السلام هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يحقق الازدهار والانسجام بين البلدين، خاصة وأن البشير أيضًا من مصلحته تقوية العلاقات مع سلفاكير، فمطالب السودان القديمة المتكررة لجوبا بطرد الجماعات المتمردة المسلحة من جنوب السودان وتفعيل منطقة عازلة على الحدود؛ للقيام بدوريات من قوة مشتركة من البلدين، بدعم من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في أبيي، لم تؤتِ ثمارها وسط الاحتقان والخلاف، وكان لا بد من تقارب بين الرئيسين؛ حتى ينفذ كل منهما مطالب الآخر، وبالمقابل يقول مسؤولون من جنوب السودان إن الخرطوم تستطيع إقناع قادة المتمردين وشخصيات المعارضة المقيمة فى الخرطوم بالانضمام إلى عملية الحوار والمساهمة في تحقيق الاستقرار في الدولة الوليدة. ومن أهم الأسباب الحالية التي تدفع سلفاكير لتحسين العلاقات مع السودان أن الخرطوم الآن في وضع أفضل من نظيرتها جوبا، على سلم الميزان الدولي والإقليمي، بعد براءة البشير من تهم جرائم الحرب الموجهة له من المحكمة الجنائية الدولية، واستقوائه بدول الخليج، وكذلك علاقته الخفية بالولايات المتحدةالأمريكية ومحاولة قضاء السودان على التمرد نهائيًّا داخل أراضيها، الأمر الذي يجعلها قادرة على اتخاذ قرارها، عكس جوبا الغارقة في مشاكل وحرب أهلية بين الرئيس سلفاكير والمعارض رياك مشار، والتي أودت بحياة الملايين من مواطني الجنوب، الأمر الذي يجعل جوبا مجبرة على تحسين علاقتها مع الخرطوم، خشية أن يدعم السودان الحركات المسلحة المعارضة الجنوبية؛ لذا يجزم المراقبون أن قرار سلفاكير بتحسين العلاقات بين البلدين سوف تظهر نتائجة على الأمد القريب، والتي سيكون أبرزها طرد جوبا للحركات المسلحة السودانية من أراضيها بصورة نهائية، بجانب العمل على تحسين العلاقات؛ ليكون هنالك تبادل تجاري بين الدولتين.