يمتد الصراع في منطقة الخليج العربي بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، إلى منطقة القرن الإفريقي، ما يزيد من حدة التوترات القائمة وعدم الاستقرار. وفي السياق، قال عمر محمود، الباحث في معهد الدراسات الأمنية بأديس أبابا، إن منطقة القرن الإفريقي، تحولت حرب بالوكالة بسبب الخلاف الخليجي، الذي بدأ في الخامس من يونيو الماضي، حيث انسحبت قوات حفظ السلام القطرية من الحدود المتنازع عليها بين إريتريا وجيبوتي، بسبب دعم الأخيرة للجانب السعودي الإماراتي في النزاع مع قطر. وتدعم قطر جماعة الإخوان المسلمين التي تراها دول الخليج الأخرى تهدد حكمها، وبعد إعلان دول السعودية والإمارات والبحرين مقاطعة قطر، سرعان ما لحقت بها مصر واليمن، في حين أن بعض الدول الإفريقية قلصت علاقاتها مع الدوحة، من بينها موريتانيا والسنغال وتشاد والنيجر. في الوقت ذاته، تتلقى قطر دعما من تركيا، ما أدى إلى انقسام الشرق الأوسط بشكل أكبر، ورغم الخلافات الخليجية، بقت الكويت وسلطنة عمان على الحياد، مع استمرار محاولات الوساطة الكويتية. ويوضح محمود أنه رغم تزامن الخلافات الخليجية مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض في مايو الماضي، هناك تشدد في المطالب التي قدمتها الدول الخليجية الثلاث، وحدثت أزمة مشابهة للحالية في عام 2014، بعد قطع دول الخليج علاقتها بقطر لدعمها جماعة الإخوان. تؤثر الأزمة الخليجية على خمسة بلدان في القرن الإفريقي؛ هي جيبوتي وإريتريا والصومال وصوماليلاند وإثيوبيا؛ لارتباط هذه الدول بالشرق الأوسط بشكل كبير، خاصة بتركيا والسعودية والإماراتوقطر، على مدى السنوات القليلة الماضية. تسببت هذه التنمية الجيوسياسية في حدوث تغيرات في السياسة الخارجية وغيرها من ديناميات السلطة المحلية، وسط ما يترتب على ذلك من آثار إيجابية وسلبية على المنطقة، على سبيل المثال، نجحت الشراكة السعودية الإماراتية في هندسة مشاركة عدد من دول القرن الإفريقي في حرب اليمن، وإقناعهم بقطع العلاقات مع إيران. تقسيم العالم العربي إلى معسكرين قويين من شأنه زيادة المنافسة، ونظرا للروابط المتزايدة في السنوات الأخيرة، فإن العداء الخارجي لديه القدرة على تفاقم التوترات المستمرة داخل منطقة القرن الإفريقي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن بلدان القرن المختلفة لا تتفق بشأن النزاع الخليجي، حيث تدعم جيبوتي الجانب السعودي الإماراتي، وخفضت علاقتها مع قطر بعد أيام قليلة من بدء النزاع، كما أعلنت عن استعدادها لاستضافة قاعدة عسكرية سعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن. ومع مغادرة قوات حفظ السلام القطرية التي كانت على الحدود الجيبوتية الإريترية المتنازع عليها، هناك خطر بشأن زيادة التوترات بين البلدين التي اختفت لفترة من الوقت. لم تقطع إريتريا علاقتها رسميا مع قطر تماشيا مع الطلب السعودي، لأن الدوحة تعمل بمثابة وسيط في نزاعها الحدودي مع جيبوتي. يزيد النزاع الخليجي من تفاقم التوترات القائمة بين الصومال وصوماليلاند، وهي الدولة التي تصر على أن مقديشو لا تزال جزءا منها، ووافقت بالفعل على استضافة قاعدة عسكرية ثانية للإمارات في ميناء بربرة، وترى الصومال أن هذا يشكل انتهاكا لسيادتها، وزار الرئيس الصومالي، محمد عبد الله، الإمارات لمناقشة الأمر. وتحافظ الصومال على مسارها المحايد في الأزمة الخليجية، إلا أن محمود أوضح أنها تنحاز قليلا تجاه قطر، مؤكدا أن النزاع الخليجي القائم سيتيح فرصا لبعض الدول وسيدفع لخسارة بعضها، ما يزيد من عدم الاستقرار الذي في نهاية المطاف سيكون له آثار سلبية أكثر من الإيجابية. نحن نشهد الآن توترات متزايدة على الحدود الإريترية الجيبوتية وكذلك العلاقات بين الصومال وصوماليلاند، كل ذلك في جوهره يمكن أن يقسم منطقة القرن الإفريقي لتصبح أرضا للمعركة بالوكالة، على غرار ما حدث في الحرب الباردة. يمكن أن تتصاعد التوترات إلى ما هو أبعد من ذلك، حال استخدمت السعودية نفوذها الاقتصادي، لتجبر منطقة القرن على اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد قطر. المقال من المصدر: اضغط هنا