* نظام مبارك تخلي عن دعم المحاصيل الاستراتيجية قليلة الربح لصالح زراعات أكثر ربحا مثل الزهور * الصحيفة: تفاقم الأزمة الاقتصادية يزيد احتمالات العنف وعدم الاستقرار الاجتماعي.. ومبارك قضى على الزراعة في مصر * محمد برغش: الزراعة أساس كل شيء والدولة التي لا تستطيع أن توفر احتياجاتها في الغذاء لا تستحق أن تكون دولة ترجمة أحمد شهاب الدين نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا عن الحالة الاقتصادية السيئة في مصر تحت عنوان “الخبز في مصر بوادر الضعف الاقتصادي”، ذكرت فيه أنه لا يوجد شيء قوي يرمز لهشاشة الاقتصاد المصري أقوى من الخبز صغير الحجم الذي يشكل عنصر رئيسي للحياة في مصر . وبرغم من أن الحكومة المصرية تخصص 25 جنيها لأكياس الدقيق المدعوم إلى المخابز المخصصة لإنتاج الأرغفة، ولكنها لا تكفي الجميع تقول الصحيفة مستعرضة التناقض بين خصوبة الأرض والاحتياج إلى الخبز: “رغم من وفرة الأراضي الخصبة في مصر على طول نهر النيل، إلا أن الدولة تعتمد على المنتجين الأجانب في جميع احتياجاتها الزراعية بما في ذلك القمح. وعلى الرغم من أنها تحدد أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والزيت، لكن حين ترتفع تكلفة تلك البضائع المستوردة يزدهر الاقتصاد السري، وبعض منافذ بيع الخبز تبيع مخصصاتها من الطحين في السوق السوداء بدلا من صناعة الخبز، ويتسبب هذا النقص في انتظار الناس في طوابير طويلة وأحيانا غضبهم” . تقول الصحيفة: كل شيء في مصر يبدأ من الزراعة ففي بلد 40% من السكان يعيشون على أقل من 2 دولار في اليوم يعتبر الخبز المدعوم حق أساسي من حقوق الإنسان، وتشير إلى أن أي محاولة لرفع الدعم عن الخبز دائما ما تثير أعمال شغب، على حد تعبير الصحيفة، وأشارت إلى محاولة أنور السادات عام 1977 والتي اضطر بعدها إلى العدول عن قراره. وأشارت إلى أهمية الخبز في حياة المصريين للدرجة التي جعلته من المطالب الرئيسة في الثورة التي أطاحت بحسني مبارك ووضع المصريون الخبز جنبا إلى جنب مع الحرية والعدالة الاجتماعية، مؤكدة على أن ” اشتداد الضائقة الاقتصادية منذ الإطاحة بمبارك يزيد من احتمال العنف وتزايد عدم الاستقرار الاجتماعي” ونقلت “واشنطن بوست” عن محمد برغش، رئيس جمعية السلام للزراعة قوله إن: “كل شيء يبدأ من الزراعة وإذا كانت الدولة غير قادرة على توفير ما يكفي من الغذاء فلاتستحق أن نسميها دولة” وألقت الصحيفة باللوم على مبارك في انعدام الأمن الغذائي، والذي يقبع اثنين من وزرائه حاليا في السجن باتهامات من بينها بيع الأراضي الزراعية بأقل من قيمتها في السوق، واستخدام مبيدات فاسدة. كما نقلت الصحيفة عن محمد جودة الخبير الاقتصادي قوله إن: “حسني مبارك قضى على الزراعة في مصر ” وتقول ” واشنطن بوست ” أنه وفقا للمزارعين المصريين فشلت الحكومة في توفير شبكات الري والكهرباء التي تعتبر ضرورية لإنتاج محاصيل تحتاج إلى مياه كثيرة، لاسيما في بلد صحراوي معدل نمو سكانها يزيد بشدة. ونقلت الصحيفة عن شخص رفض ذكر اسمه – خوفا من عدم إصدار تراخيص يحتاجها إذا كشف عن هويته- أنه يملك عدة آلاف من الأفدنة شمال شرق القاهرة “وقال إن عائلته تمكنت من الاتصال بشبكة الكهرباء قبل عامين بعد اعتماده لسنين طويلة على مولدات كهربائية عالية التكلفة، موضحا: لقد فعلنا كل شيء تقريبا بأنفسنا، بما في ذلك التمويل، وأضاف أن الحكومة ليست لديها خطة بشأن الزراعة في مصر”. واعتبرت “واشنطن بوست” أن رفع الضوابط التنظيمية كانت سمة مميزة للإصلاحات الاقتصادية التي دعمها مبارك، ولكن كان لها تأثير سلبي على زراعة القمح في مصر، وكذلك اتفاقيات التجارة الحرة في 1990 فتحت أسواق جديدة للبضائع المصرية، وتضيف الصحيفة أنه تم التخلي عن دعم مزارعي المحاصيل ذات الربح الضئيل لصالح محاصيله ذات ثمن أعلى مثل الفواكه والزهور، في ذات الوقت ارتفعت أسعار العقارات فتم بيع كثير من الأراضي الزراعية، في تحدي لقوانين تقسيم المناطق ” ونقلت الصحيفة عن وائل زيادة رئيس قسم الأبحاث في بنك الاستثمار “المجموعة المالية هرمس” قوله ” أنه كان هناك الكثير من البناء غير القانوني للمنازل على بعض الأراضي الزراعية” وأضاف: “لايمكن أن نلقي اللوم على المزارع نظرا لعدم وجود حوافز ليحتفظ بأرضه”. وتحدثت “واشنطن بوست” عن الدور الأمريكي فيما يخص الزراعة المصرية، معتبرة أن واشنطن وصندوق البنك الدولي شاركوا بقوة لتحرير اقتصاد مصر وتوسيع حصتها من التجارة الإقليمية، فقدمت واشنطن لمصر مساعدات سخية في إطار معاهدة السلام مع إسرائيل 1979 لدعم الاقتصاد المدني المصري، وتدير معظم تلك المساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الذراع السياسي للمساعدات الإنسانية التي تقدمها واشنطن. وخصصت وكالة التنمية الدولية أكثر من مليار دولار للريف المصري معظمها في شكل دورات تدريبية وبرامج لإدارة المياه، بينما يعاني العديد من المزارعين من انخفاض مساحة الأراضي الزراعية، كما أن المصريين مستاءون من تدهور الزراعة في مصر وأن أمريكا هي أكبر موردي القمح للمصريين. وأضاف برغش أنه: “إذا كانت الولاياتالمتحدة هي أم الديمقراطية فينبغي عليها أن تساعد الشعوب أن تطعم نفسها، لكننا لانزال حتى الآن نستورد معظم قمحنا من أمريكا.