مفاوضات ماراثونية ومباحثات عدة خاضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ أشهر مع أعضاء حزبه في الكونجرس الأمريكي بمجلسي النواب والشيوخ، في محاولة لتوحيد صفوف الحزب وراء إلغاء النظام الصحي "أوباما كير" واستبدال النظام الجديد الذي شرعه ترامب مكانه، وعلى الرغم من هذه المفاوضات والمحاولات، إلا أن الفشل ظل يلاحق الرئيس الأمريكي، ليتلقى مؤخرًا صفعة سياسية جديدة من الكونجرس بإسقاط نظامه الصحي واستمرار "أوباما كير". صفعة جديدة لأحد أبرز الوعود الانتخابية للرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، حيث فشلت أمس الثلاثاء جهوده في إلغاء أو تعديل نظام "أفوردابل كير آكت" أو قانون الرعاية بأسعار معقولة، وهو الاسم الرسمي لتشريع صدر عام 2010 ووقعه الرئيس الديمقراطي السابق "باراك أوباما" ليصبح قانونًا نافذًا، وذلك بعد أن انضم سناتوران جمهوريان للأصوات الديمقراطية الرافضة لإسقاط قانون "أوباما كير" وإقرار القانون الجديد الذي يدعمه "ترامب"، حيث رفضه التكتل الديمقراطي في مجلس الشيوخ المكون من 46 عضوًا، إضافة إلى اثنين من المستقلين اليساريين، وثلاثة من الجمهوريين القانون الجديد نهائيًّا. في ذات الإطار، رأى السناتوران الجمهوريان المعارضان لمشروع القانون الترامبي "مايك لي" و"جيري موران"، أنه "يجب ألا نوافق على سياسة سيّئة"، مؤكدين على أن "مشروع القانون الجديد لا يلغي نظام الرعاية الصحية القائم ولا التصدي لارتفاع أسعار الرعاية الصحية، وبالإضافة إلى ذلك فإنه لا يلبي الحاجة إلى تخفيف الأقساط عن عائلات الطبقة الوسطى، كما أنه لا يزيل التشريعات الأكثر تكلفة في نظام أوباماكير"، وكان سيناتوران آخران هما "سوزان كولينز" و"راند بول" قد أعلنا الأسبوع الماضي عن معارضتهما للمشروع أيضًا، الأمر الذي يعني أن المشروع لن ينال الخمسين صوتًا المطلوبة من أصوات أعضاء مجلس الشيوخ المائة لتمرير المشروع. تخلي الجمهوريون عن ترامب شكل صفعة جديدة للرئيس الأمريكي، الذي عبر عن ضيقه بتعطيل إصلاح نظام الرعاية الصحية من أعضاء في مجلس الشيوخ من حزبه، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": أشعر بخيبة أمل بسبب عجز مجلس الشيوخ عن إتخاذ إجراء للرعاية الصحية. وتابع: لقد تخلى عنا جميع الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، كانت غالبية الجمهوريين مخلصة وممتازة، وبذلت جهدًا كبيرًا، سنعاود الكرة. في ذات الإطار، ندد ترامب بتعطيل الديمقراطيين لمشروع القانون، رغم أن أعضاء حزبه هم من أحبطوه، رافضًا تحمل المسؤولية عن نظام التأمين الصحي الأمريكي الحالي "أوباما كير"، وقال: إنه يتعين على أنصاره من الجمهوريين المحافظين فى الكونجرس أن يتركوا نظام أوباما كير يفشل، مشيرًا إلى أنهم لن يتحملوا اللوم السياسى، مضيفًا: لن أتحمل المسؤولية عنه، أقول لكم هذا، الجمهوريون لن يتحملوا المسؤولية عنه، مؤكدًا: "عندما ينهار أوباما كير، سيتعين على الجميع أن يتحدوا ويصلحوه ويضعوا خطة جديدة، وهذا أمر جيد حقًّا للمواطنين بأقساط وتكاليف أقل بكثير، وحماية أفضل بكثير". إسقاط نظام "أوباما كير" كان يمثل بالنسبة للإدارة الأمريكية رمزًا لاستعادة الحزب الجمهوري السلطة من الديمقراطيين، حيث راهن ترامب على تبنيه سريعًا مطلع العام الجاري، لكن الآراء انقسمت حول هذا المشروع وأهميته، فقد رأى بعض الجمهوريين أن "أوباما كير" أدى إلى ارتفاع التكاليف وانخفاض عدد مقدمي التأمين المشاركين في البرنامج في أجزاء كثيرة من البلاد، فيما رأى الديمقراطيون أن هذا النظام الصحي وفر التغطية إلى الملايين من المقيمين في الولاياتالمتحدة غير المؤمن عليهم، وحذروا من أن عشرات الملايين من الأشخاص قد يفقدون التغطية التأمينية إذا تم سن مقترحات الجمهوريين. وعلى الرغم من الانقسام الأمريكي حول هذا القانون، إلا أن ترامب نجح في اجتياز المرحلة الأولى من إقرار القانون، حيث وافق عليه مجلس النواب الأمريكي في مايو الماضي، بتأييد 217 نائبًا مقابل معارضة 213، ليحصل الجمهوريون على ما يكفي من الأصوات لتمرير التشريع الجديد عبر مجلس النواب وإحالته لمجلس الشيوخ للنظر فيه، وهو ما عده البعض نصرًا لترامب، فيما ظل القانون قيد البحث والدراسة في مجلس الشيوخ لأسابيع، ليخرج أمس الثلاثاء، ويقطع الطريق على أي حديث يدور مجددًا بشأن إلغاء "أوباما كير"، خاصة بعد أن أقر زعيم الجمهوريين "ميتش ماكونيل" بفشل محاولات إقناع اثنين على الأقل من الرافضين للمشروع الجديد بتغيير موقفهما والموافقة عليه، قائلًا: آسف لأن جهود الإلغاء والاستبدال المباشر لقانون أوباما كير الفاشل لن تكون ناجحة.