* سياسيون أمريكيون يعتقدون أن السلطات المصرية أساءت التقدير ولم تكن تتوقع حجم رد الفعل من الكونجرس * ديفيد ميللر: مصر تعتبر المساعدات الأمريكية مرتبطة باتفاقية كامب ديفيد.. ونولاند: شيء ما يحدث أكبر من مجرد عملية قضائية * مسئولة من معهد كارنيجي: مصر لا تزال في أيدي المنتمين لنظام مبارك الذي قاوم التمويل الأمريكي للمنظمات المؤيدة للديمقراطية ترجمة- نور خالد: اعتبر موقع بلومبرج الاقتصادي أن قرار الحكومة المصرية بتوجيه اتهامات جنائية لأمريكيين مؤيدين للديمقراطية يعملون في منظمات حقوقية يخلق أعمق صدع في العلاقات بين الدولتين منذ أربعة عقود تقريبا، ويسلط الضوء على تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط. ونقل الموقع عن آرون ديفيد ميللر من مركز ويلسون الأمريكي أنه “قد يكون ما يحدث هو التوتر الأكثر خطورة بين مصر والولاياتالمتحدة منذ السبعينات بعد حرب أكتوبر 1973′′. وأضاف الموقع أن الصراع يضع 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الامريكية لمصر في خطر، في حين قد تفقد الولاياتالمتحدة نفوذها مع أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، والتي تنظر إلى المساعدات الأمريكية باعتبارها مرتبطة باتفاق كامب ديفيد عام 1978 مع إسرائيل. ومن جانبه، اعتبر السناتور الجمهوري البارز جون ماكين، خلال اجتماع لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إنه سيثير مسألة المساعدات خلال زيارة وفد من الكونجرس لمصر في بداية الأسبوع المقبل. وعلى الجانب الآخر أعلن كمال الجنزوري، رئيس الوزراء المصري، أن التهديدات بقطع المعونات لن يغير موقف مصر. وأصدرت السلطات القضائية المصرية أمس أكثر من 100 صفحة من الاتهامات الجنائية ضد 43 عاملا في منظمات غير حكومية، بينهم 19 أمريكيا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند إن قاضي التحقيق أحال وثيقة الاتهام إلى النيابة العامة. وأضافت أن السفارة الأميركية في القاهرة ومحامي المتهمين لم يطلعوا على هذه الوثيقة بعد. وأضافت: “طلبنا الاطلاع عليها، ولا نزال في انتظار ذلك.. وبالتالي حتى الآن لم نتمكن من الخروج من المربع الأول.” وقالت نولاند إن 16 أمريكيا من المتهمين، نصفهم تقريبا أصبحوا غير موجودين في مصر الآن. ولم تقدم نولاند أي تفسير لهذا التناقض بين الأرقام الأميركية والمصرية. لكنها قالت إن عددا “لم تحدده” من الأمريكيين لا يزال في مصر، ومنعوا من المغادرة، ولجأوا إلى السفترة الأمريكية ك”ضيوف” للسفيرة آن باترسون. وقالت نولاند إن محاولات حل النزاع “لا تتحرك”، موضحة أن “هناك شيء ما يجري أكثر من مجرد عملية قضائية”. فالسلطات المصرية تمضي قدما في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية على الرغم من الضغوط من مسئولين أمريكيين كبار بينهم الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا. ونقل الموقع عن ميلر، مفاوض السلام في الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إن “النفوذ الأمريكي في المنطقة أقل بكثير منه في أي وقت مضى، كما أن مضي السلطات المصرية قدما في تقديم الأمريكيين للمحاكمة وبينهم نجل مسئول في مجلس الوزراء، يؤكد هذا التراجع”. وأضاف أن الولاياتالمتحدة “لم تعد مرهوبة ولا تنال الاحترام ولا الإعجاب كما كانت في الماضي” في هذه المنطقة من العالم. وكي يقرر الكونجرس الأمريكي الإفراج عن المساعدات الأمريكية لمصر هذا العام، على وزيرة الخارجية أن تؤكد أن حكام مصر العسكريين يبذلون جهودا ناجحة في التحول نحو الديمقراطية. وفي مصر تم الربط بين تلك المساعدات وبين اتفاقية كامب ديفيد، وتعهد من الرئيس السابق جورج بوش في يوليو 2007 بتقديم 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنويا لمدة عشر سنوات. إلا أنه وفقا لسيناتور كاليفورنيا الديمقراطي هوارد بيرمان، فمحاكمة العاملين بالمنظمات المؤيدة للديمقراطية “مناقض للتحول نحو الديمقراطية”، و”يعرض تلك المساعدات للخطر”. ومن جانبه، اعتبر دان بورتون النائب الجمهوري عن ولاية انديانا، والعضو البارز في لجنة الشئون الخارجية، أنه ينبغي للإدارة أن تعمل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحديد ما إذا كان قطع المساعدات عن مصر من شأنه أن يضر السلام. وأضاف “اعتقد مساعداتنا الخارجية ينبغي أن تحددها مصلحة الولاياتالمتحدة وحليفتنا إسرائيل”. وحسب ميلر، فالمشكلة هي أن قادة مصر لا يبدون قلقا حيال المساعدات. وقال “إنهم على استعداد للاستغناء عنها، ومستعدون لخداعنا” وأضاف: “إنهم يعتقدون، عن حق أو باطل، أن العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر تعنينا أكثر مما تعنيهم”. أما جيفري مارتيني، الشريك في أحد مشروعات مؤسسة راند، وهي مجموعة سياسية في ولاية فرجينيا، فيوافق على أن “المصريين يعتقدون أن لديهم النفوذ”. ونقل “بلومبرج” عن وثيقة مصرية بعنوان “طلب للحصول على مساعدة عسكرية” في السنة المالية 2010، طرقا تحقق مكاسب للولايات المتحدة من هذه العلاقة، شملت الاستفادة بآلاف الرحلات الجوية الإضافية للبعثات في أفغانستان والعراق، ودعم العمليات الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك حرب الخليج (1990-1991) والبحرية والتعجيل بالعبور عبر قناة السويس. وقال مارتيني إن “المصريين لا يرون المساعدة كهدية”، وأضاف السياسي الأمريكي الذي عاد مؤخرا من مصر: “إنهم يقولون إن الولاياتالمتحدة كسبت كثيرا، وفي السنوات الأخيرة حصلت على المزيد من المكاسب”. وعبر عن اعتقاده في أن المصريين “أخطأوا في حساباتهم ولم يتوقعوا مثل هذا الضغط من الكونجرس”. وقالت مارينا أوتاواي المشاركة البارزة في برنامج الشرق الأوسط في معهد كارنيجي، إن هذه الاتهامات من الواضح أنها مدعومة من المجلس العسكري الحاكم في البلاد. وأضافت أنه “سواء كان المجلس العسكري طرفا في اتخاذ القرار أم لا، إلا أنه لا شك في تأييده لهذا القرار في النهاية”. وأشارت إلى أن مصر لا تزال في أيدي تنتمي بشكل كبير إلى نظام حسني مبارك القديم، الذي قاوم تمويل الولاياتالمتحدة للجماعات الديمقراطية لسنوات. وأضاف الموقع أنه: قد تكون للمحاكمات حيلة لصرف الرأي العام عن اقتصاد مصر المترنح، فيما تسعى الدولة للحصول على قرضا من صندوق النقد الدولي قدره 3.2 مليار دولار وآخر قدره مليار دولار من البنك الدولي. واعتبر ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، أن “هذه أزمة مفتعلة، ففي مرحلة ما بعد مبارك يلعب السياسيون في مصر على المشاعر الشعبية المعادية للولايات المتحدة”.