على مدى السنوات الخمس الماضية ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في حالة حرب نشطة، حيث كانت الاستعدادات الحربية لمهاجمة سورياوإيران في حالة متقدمة قبل عدة سنوات من بدء الحرب على سوريا في منتصف مارس 2011، وتصنف الدولة الغربيةسوريا بأنها دولة داعمة للإرهاب منذ عام 2003، لتضمها الولاياتالمتحدة وحلف الناتو إلى إيران، وتصبح المحطة والخطوة الأولى لزعزعة الاستقرار وتغيير النظام بالمنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن هناك حربًا موسعة في آسيا الوسطى بالشرق الأوسط، رسمها البنتاجون منذ منتصف التسعينيات، وكجزء من سيناريو الحرب الموسعة خططت الولاياتالمتحدة مع حلف الناتو لشن حملة عسكرية على سوريا تحت عنوان المهمة الإنسانية وبرعاية الأممالمتحدة. التصعيد جزء لا يتجزأ من جدول الأعمال العسكري، حيث استهداف استقرار الدول ذات السيادة من خلال تغيير النظام، بالتنسيق الوثيق مع التخطيط العسكري، فهناك خارطة طريق عسكرية تتميز بسلسلة من مسارح الحرب بقيادة الولاياتالمتحدة والناتو، ومن بينها الاستعدادات الحربية لمواجهة سورياوإيران. يرى البنتاجون أن الحرب على سوريا هي جزء من الحرب الأوسع الموجهة ضد إيران، ففي مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، أكد أن البنتاجون خطط للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية من خلال الهجوم على سوريا، ويرتبط هذا البرنامج العسكري الأوسع، ارتباطًا وثيقًا باحتياطات النفط الاستراتيجية وطرق خطوط الأنابيب. كانت حرب لبنان في يوليو 2006 جزءًا من خريطة الطريق العسكرية والمخطط لها بعناية، حيث فكر المخططون العسكريون الأمريكيون والإسرائيليون في تمديد حرب يوليو من لبنان إلى سوريا، ثم تخلوا عن تلك الفكرة بعد هزيمة القوات البرية الإسرائيلية من قِبَل حزب الله. كان الهدف من حرب يوليو 2006 فرض إسرائيل سيطرتها على ساحل شمال شرق البحر المتوسط، حيث احتياطات النفط والغاز البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية والفلسطينية. الطريق إلى طهران يمر عبر دمشق، كما أن الحرب الجارية في سوريا تهدف إلى زعزعة الاستقرار في لبنان، وفي حال شن أي حملة عسكرية على سوريا، ستشارك بها إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال العمليات المخابراتية. وهناك حاليًا خمسة مسارح حرب متميزة؛ أفغانستان وباكستان والعراق وفلسطين وليبيا، ومن شأن الهجوم على سوريا أن يؤدي إلى دمج مسارح الحرب المنفصلة، مما يقود في نهاية المطاف إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تجتاح المنطقة بأكملها من شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط إلى أفغانستان وباكستان. خرجت الاحتجاجات من مدينة درعا في منتصف مارس 2011، لكنها سرعان ما تحولت إلى احتجاجات مسلحة، حيث جرى تبادل لإطلاق النار بين الشرطة والقوات المسلحة من جهة ومسلحين من جهة أخرى، كما ارتكبت أعمال الحرق العمد الموجهة ضد المباني الحكومية، وفي أواخر يوليو في حماة، أشعلت النيران في المباني العامة بما فيها بيت المحكمة والبنك الزراعي. وفي يونيو 2011 ألمح السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، الذي يعمل في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، إلى إمكانية التدخل العسكري «الإنساني» الموجه ضد سوريا بهدف «إنقاذ حياة المدنيين»، واقترح غراهام أن يكون «الخيار» المطبق على ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1973 متوخيًا في حالة سوريا. وتطور الأمر إلى فرض عقوبات اقتصادية موسعة بدلًا من التدخل العسكري المباشر، وقدم مشروع قانون برعاية السيناتور ليبرمان في مجلس الشيوخ الأمريكي؛ بهدف الإذن بفرض عقوبات اقتصادية شاملة على سوريا، وعلاوة على ذلك، في رسالة موجهة إلى الرئيس أوباما في أوائل أغسطس، دعت مجموعة تضم أكثر من ستين عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي إلى تنفيذ عقوبات إضافية. ومن شأن هذه العقوبات أن تقيد المعاملات المصرفية والمالية، وكذلك إنهاء مشتريات النفط السوري، ووقف الاستثمارات في قطاعي النفط والغاز في سوريا، وفي الوقت ذاته، التقت وزارة الخارجية الأمريكية أيضًا مع أعضاء المعارضة السورية في الخارج، كما تم توجيه الدعم السري إلى جماعات المتمردين المسلحة. وحذر مبعوث موسكو لحلف شمال الأطلسي، ديمتري روجوزين، من مخاطر التصعيد العسكري في أعقاب بيان أصدره رئيس مجلس الأمن في 3 أغسطس ضد سوريا، واستند تحذير ديمتري روجوزين إلى معلومات موثقة في الأوساط العسكرية، حيث تخطيط حلف شمال الأطلسي لشن حملة عسكرية ضد سوريا، وفي هذا الصدد هناك سيناريو للهجوم على سوريا وهو قيد التنفيذ، لكن استهداف سوريا وليبيا وإيران يشكل تهديدًا لدول مثل الصينوروسيا، والتصعيد العسكري سيكلف هذه الدول الكثير للحفاظ على مصالحها. وتشترك كل من أنقرة وتل أبيب في دعم التمرد المسلح في سوريا، ويتم التنسيق بين الحكومتين ووكالات الاستخبارات، لنشر هذا الدعم، وقد أفادت التقارير بأن الموساد الإسرائيلي قدم دعمًا سريًّا للجماعات الإرهابية السلفية المتطرفة، التي بدأت نشاطها في جنوبسوريا في بداية حركة الاحتجاج في درعا في منتصف مارس. وتدعم الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان جماعات المعارضة السورية في الخارج، في حين تدعم أيضًا المتمردين المسلحين من جماعة الإخوان في شمال سوريا، وفي يونيو عبرت القوات التركية الحدود إلى شمال سوريا رسميًّا بحجة إنقاذ اللاجئين السوريين، واتهمت حكومة الرئيس بشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. إسرائيل وتركيا لديهما اتفاق تعاون عسكري يرتبط بشكل مباشر جدًّا بسوريا وكذلك بالساحل الاستراتيجي اللبناني – السوري لشرق المتوسط، بما في ذلك احتياطي الغاز قبالة سواحل لبنان وخطوط الأنابيب. وحدث بالفعل تحالف عسكري ثلاثي بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتركيا، خلال إدارة كلينتون، ويسيطر عليه رؤساء الأركان المشتركة الأمريكية، الذي يدمج وينسق قرارات القيادة العسكرية بين الدول الثلاث المتعلقة بالشرق الأوسط الأوسع، وهي تقوم على علاقات عسكرية وثيقة بين إسرائيل وتركيا على التوالي مع الولاياتالمتحدة، إلى جانب علاقة عسكرية ثنائية قوية بين تل ابيب وأنقرة. كما يقترن التحالف الثلاثي باتفاق تعاون عسكري بين الناتو وإسرائيل في عام 2005، يتضمن العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك؛ مثل مكافحة الإرهاب والمناورات العسكرية المشتركة. ويعتبر الجيش الإسرائيلي علاقات التعاون العسكري مع الناتو وسيلة لتعزيز قدرة الردع الإسرائيلية، فيما يتعلق بالأعداء المحتملين الذين يهددونهم، ولا سيما إيرانوسوريا، وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل عضو بحكم الأمر الواقع في الناتو عقب اتفاق تم توقيعه في 2005. بينما شمل عملية التخطيط العسكري لحلف الناتو الموسع انضمام دول عربية، على رأسها السعودية ودول الخليج، مما يجعلنا الآن في مفترق طرق خطير، حيث الآثار الجيوسياسية بعيدة المدى، سوريا لديها حدود مع الأردن وإسرائيل ولبنانوتركيا والعراق، وهي حليف لإيران وتوجد بها قواعد بحرية روسية في شمال غرب سوريا. سوريا لديها قدرات كبيرة للدفاع الجوي وكذلك القوات البرية، وتقوم دمشق ببناء نظامها للدفاع الجوي مع تسليمها صواريخ بروسير الروسية للدفاع الجوي، وفي عام 2010، سلمت روسيا نظام صاروخ ياخونت إلى سوريا، ومقرها الآن في قاعدة طرطوس البحرية الروسية. إن هيكل التحالفات العسكرية على التوالي بين الجانبين الأمريكي والناتو وسورياوإيران، فضلًا عن التدخل العسكري لإسرائيل، والعلاقة المعقدة بين سورياولبنان، والضغوط التي تمارسها تركيا على الحدود الشمالية لسوريا، تشير بشكل لا يمكن تصوره إلى عملية تصعيد خطيرة. أي شكل من أشكال التدخل العسكري الذي ترعاه الولاياتالمتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي ضد سوريا من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها، مما يؤدي إلى تصعيد في منطقة جغرافية واسعة تمتد من شرق المتوسط إلى الحدود الأفغانية الباكستانية مع طاجيكستان والصين. المقال من المصدر: اضغط هنا