يبدو أن العلاقات بين الولاياتالمتحدةالأمريكية مع الصين تتجه إلى المزيد من التوتر والتعقيد، رغم التنسيق الأخيرة بينهما فيما يخص الأزمة الكورية، حيث ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الخطوات الاستفزازية من جانب كلا الطرفين، خاصة واشنطن التي يبدو أنها تتعمد استفزاز بكين، بعد أن أحبطت آخر آمالها في الضغط على كوريا الشمالية لإيقاف أنشطتها النووية والباليستية، وفشلت في جر بكين إلى مواجهة مع بيونج يانج تحقق من خلالها أمريكا أهدافها في المنطقة. أعلنت الخارجية الأمريكية، أمس الخميس، موافقتها على بيع معدات عسكرية لتايوان تقدر قيمتها بنحو 1.4 مليار دولار، وهي الموافقة الأولى في عهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وجاءت الموافقة في شكل إخطار إلى الكونجرس بسبع صفقات دفاعية مقترحة، وقال مسؤول في الحكومة الأمريكية، إن المعدات تشمل دعمًا فنيًّا للإنذار المبكر عبر المراقبة بالرادار وصواريخ وطوربيدات، وتمثل المبيعات تحديثات جديّة للأسلحة التايوانيةالأمريكية الصنع، بما في ذلك المعدات اللازمة لتحويل الأنظمة الدفاعية الحالية من تماثلية إلى رقمية، وأوضح المسؤول أن مبيعات الأسلحة الأمريكيةلتايوان تتفق مع قانون العلاقات مع تايوان وتستند إلى تقييم احتياجات تايوان الدفاعية. من جانبها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيزر نويرت: هناك استمرارية، الولاياتالمتحدة تقوم بمبيعات دفاعية إلى تايوان منذ نحو 50 عامًا، ولم يتغير شيء، فيما قال المتحدث باسم الحكومة التايوانية، سيدني لين، إن تلك المبيعات تزيد من قدرات بلاده في الدفاع عن نفسها، وثقتها وقدرتها في الحفاظ على الوضع الراهن للسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان. تلك الصفقات العسكرية بين أمريكاوتايوان كثيرًا ما أثارت أزمات بين واشنطنوبكين، حيث كانت آخر صفقة أسلحة أمريكية إلى تايوان، وقيمتها 1.83 مليار دولار أمريكي، قد وافقت عليها إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، في ديسمبر من عام 2015، وهو ما أثار حينها غضب بكين حيث تعترض الأخيرة على محاولات أمريكا تسليح تايوان ودعم حركة استقلالها عن بكين التي تعتبرها جزءًا من الأراضي الصينية استنادًا لمبدأ «الصين الواحدة»، فيما تصر واشنطن على تسليح تايوان كورقة ضغط على الصين التي تتجه نحو تنمية علاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع روسيا الخصم اللدود لأمريكا، وتستند واشنطن في صفقات التسليح هذه إلى قانون العلاقات مع تايوان لعام 1979، والذي ينص على أن تضمن الولاياتالمتحدة قدرة تايوان على الاحتفاظ بقدرات كافية للدفاع عن النفس، على اعتبار أن أمريكا هي المورد الوحيد للأسلحة لتايوان. الموافقة الأمريكية على رزمة الصفقات العسكرية لتايوان، جاءت في الوقت الذي أعادت فيه وزارة الخارجية الأمريكية، تصنيف الصين ضمن «أسوأ الدول في الاتجار بالبشر» في العالم، وذلك بعد مرور 4 سنوات على إزاحتها من هذا التصنيف، حيث أدرج تقرير بعنوان «الاتجار بالبشر 2017» صدر عن الخارجية الأمريكية، أمس الخميس، الصين في المرتبة الثالثة وهي أدنى مستوى في التصنيف، بعد أن كانت في المرتبة الثانية عام 2014، كما أدرجت واشنطن 23 دولة أخرى مع الصين في هذا العام، منها كوريا الشمالية وإيران والكونغو وسوريا والسودان وغينيا وفنزويلا وأوزبكستان، وهو الإجراء الذي قد يوقف المعونات الإنسانية كافة والدعم المالي المقدم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويمكن أن يحرم هذه الدول أيضًا من المشاركة في برامج التعليم والتبادل الثقافي. تزامنت تلك الإجراءات الأمريكية مع إعلان وزارة الخارجية الصينية، أمس الخميس، أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يعتزم عقد لقاء مع رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، خلال الزيارة إلى روسيا المقررة يومي 3 و4 يوليو المقبلين، وقال مساعد وزير الخارجية الصيني، لي هواي لاي، إن الشركات الروسية والصينية خلال زيارة الرئيس الصينيلروسيا ستوقع على اتفاقيات بقيمة تزيد على 10 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يبلغ حجم التبادل التجاري بين روسياوالصين خلال العام الجاري نحو 80 مليار دولار. في إطار الاستفزازات غير المباشرة المتبادلة بين الطرفين، ذكرت صحيفة ذا جارديان البريطانية، اليوم الجمعة، أن العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالصين دخلت فى مرحلة جديدة من التوتر، بعد أن عكرت واشنطن صفو احتفالات بكين بعودة حكم هونج كونج إليها، وذلك عقب فرض الولاياتالمتحدة عقوبات على أحد البنوك الصينية؛ لاتهامه بالتعامل مع كوريا الشمالية، بالإضافة إلى شخصيتين صينيتين والتوصل إلى إتفاق بشأن صفقة أسلحة مع تايوان. وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة فرضت بالتزامن مع احتفالات بكين وزيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى هونج كونج عقوبات أيضًا على شخصيتين صينيتين لاتهامهما بتسهيل عمليات غسيل أموال لصالح كوريا الشمالية، وقال وزير الخزانة الأمريكي، ستيف مونتشين، إن بنك أوف داندونج الصيني ومقره بمدينة داندونج الصينية الحدودية مع كوريا الشمالية، يعتبر مصدر قلق رئيسي من ناحية غسيل وتبييض الأموال لصالح بيونج يانج، واتهم الوزير الأمريكي البنك الصينى بتسهيل دخول كوريا الشمالية للأنظمة المالية الأمريكية والعالمية وتسهيل إتمام عمليات بمليارات الدولارات لشركات متورطة في البرنامج النووي الكوري الشمالي ونظام الصواريخ الباليستية، وبموجب العقوبات لم يعد يحق للبنك الصيني التعامل مع المنظومة المالية الأمريكية. وأشارت «ذا جارديان» إلى أن العقوبات الأمريكية وصفقة الأسلحة إلى تايوان من المرجح أن تثير غضب الصين، فيما يقول خبراء، إن الخطوات الأمريكية الأخيرة تجاه بكين تمثل رد فعل متعمد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوضح مدى غضبه ونفاد صبره تجاه بكين.