كان تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في المملكة العربية السعودية مجرد مسألة وقت. كان هذا "الصبي" الذي سيحتفل بعيد ميلاده الثاني والثلاثين في أغسطس، هو القائد الفعلي للبلاد خلال الفترة الماضية. هو بالفعل يتولي اتخاذ قرارات السياسة الخارجية. ويتوقع الكثيرون أنه في المستقبل غير البعيد، الملك سلمان، المثقل بالمرض، سوف يتنحى ويسلم العرش إلى ابنه. وقد كان صعود محمد بن سلمان كوليا للعهد خبرا سعيدا لإسرائيل والولاياتالمتحدة، حيث أن مواقفه المناهضة لإيران تجعله شريكا مهما ليس فقط في الكفاح ضد إيران، ولكن ابن سلمان يتفق مع الولاياتالمتحدة على ضرورة إحباط النفوذ الروسي في المنطقة؛ وعلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا والتصرف بحزم ضد التنظيمات الراديكالية، بدءا من جماعة الإخوان المسلمين وصولا إلى حزب الله وداعش. وخلال العامين الماضيين، ذكرت عدة مواقع أن ابن سلمان التقى أيضا مع كبار المسؤولين الإسرائيليين. ووفقا لهذه التقارير، تم عقد أحد هذه الاجتماعات في إيلات في عام 2015؛ وآخر على هامش القمة العربية في الأردن في مارس المقبل، وهناك اجتماعات منتظمة بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين في إطار غرفة العمليات العسكرية المشتركة حيث تنسق الأردن والسعودية والولاياتالمتحدة. وما هو غير معروف حتى الآن هو إلى أي مدى يستطيع ابن سلمان دفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وفقا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعما إذا كان يستطيع أن يحدث تغييرا محوريا في العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية أم لا؟ وقد تم تدريب ابن سلمان على مهام الحكم منذ تنصيب والده سلمان قبل عامين ونصف، سواء من خلال البعثات الأجنبية التي ذهب إليها نيابة عن والده، وأيضا من خلال قرار الحرب في اليمن الذي خطط لها ونفذها بصفته وزيرا للدفاع. رغم أنها لم تحقق نجاحا ملحوظا. قبل مجيء ولي العهد الجديد، كان ابن عمه ولي العهد السابق محمد بن نايف مسؤولا عن العلاقات مع واشنطن، وخاصة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. في وقت قصير، تم إبعاد ابن نايف وفهم الأمريكيون بالضبط من هو الرجل القوي في المملكة. أصبح ابن سلمان قناة الاتصال ليس فقط بين المملكة وواشنطن، ولكن أيضا مع روسيا، حيث التقى الوريث الجديد مع الرئيس فلاديمير بوتين عدة مرات لتنسيق السياسة بشأن سورياوإيران. وفي سلسلة من التغريدات هذا الأسبوع، كشف المدون السعودي المعروف باسم "مجتهد" عن "مؤامرة" بين ولي العهد الأمير ابن سلمان وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، لتنظيم انقلاب في قطر. وقد كتب مجتهد – الذي أثبتت العديد من تغريداته صحتها، والذي يعتمد على ما يبدو على تسريبات من البلاط الملكي السعودي – من بين أشياء أخرى، أن ابن زايد وابن سلمان كانا يعتزمان إرسال مرتزقة من شركة بلاك وواتر سيئة السمعة إلى قطر، جنبا إلى جنب مع قوات من الإمارات العربية المتحدة، للاستيلاء على الحكم. بعد ذلك، كان سيتم تعيين شخص من عائلة آل ثاني الحاكمة مواليا لهما. وهكذا، وفقا لما نشره مجتهد، هذه كانت وسيلة الاثنان لإنهاء الأزمة الخليجية وإجبار قطر على الرضوخ لإرادة السعودية. واستنادا إلى هذه التغريدات، كانت الولاياتالمتحدة هي التي ضغطت بشكل غير مباشر من أجل نسف هذا المخطط. وجدير بالذكر أنه لم يتم التحقق من هذه المعلومات، وليس هناك يقين أن هذه التغريدات تعتمد على حقائق فعلية. ولكن ما لا يرقى إليه الشك هو عمق العلاقات بين ابن زايد وابن سلمان، وهي العلاقة التي خلقت تحالفا بين شابين واثقين من قدرتهما على تولي المهمة العالمية – أو على الأقل العربية –، وواثقين أنها ليس هناك غيرهما أنسب لقيادة الشرق الأوسط. هذا الجيل الجديد الذي يضم حاكم قطر تميم بن حمد آل ثاني البالغ من العمر 37 عاما، هو جيل جاء متأخرا إلى دول الخليج، بعد أن سبقه قادة شبان آخرون في المغرب والأردنوسوريا. وقد لمس زعماء عرب مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الطريقة الخشنة للسياسات الخارجية السعودية. وقد تعرض كلاهما لتداعيات هذه الطريقة. وقفت السعودية إمدادات النفط لمصر قبل ستة أشهر بسبب دعم القاهرة للاقتراح الروسي بشأن سوريا، وبسبب قلق الرياض من تراجع السيسي عن تسليم جزيرتي تيران وصنافير. كما علقت السعودية المساعدات إلى الأردن حتى وقت قريب لأنها رفضت السماح لقوات خليجية بالعمل من أراضيها ضد القوات السورية. لكن الضربة الأقسى عانت منها قطر التي قطعت الدول الخليجية ومصر واليمن والأردن العلاقات معها، وفرضت حصارا بريا وجويا تحول إلى حصار اقتصادي.وكان ولي العهد الجديد هو المخطط وراء كل هذه القرارات، التي لا تتطلب أكثر من مجرد حصوله على موافقة شكلية من والده. إن التعيين الجديد الذي مر دون معارضة حتى الآن وبدعم ساحق من هيئة البيعة السعودية (التي بموجب الدستور لها سلطة الموافقة على تعيين ورثة العرش) لا يتوقع أن يسبب أي هزات في المملكة. وقد تم استدعاء المعارضين المحتملين لإجراء محادثات في البلاط الملكي. ووزير الداخلية الجديد عبد العزيز بن سعود بن نايف، هو شاب آخر يبلغ من العمر 34 عاما وقريب جدا من محمد بن سلمان. ومن الآن فصاعدا، سيكون هو المسؤول عن إدارة الكفاح ضد الإرهاب الداخلي. وسيكون أيضا شريك ولي العهد في قمع أي محاولات للمعارضة. ولإرضاء الرعية قبل هذا التغيير، أعلن الملك سلمان تمديد أجازة عيد الفطر أسبوع آخر. وأعاد أيضا جميع المكافآت المالية التي تم سحبها مؤخرا من مسؤولين في الحكومة والجيش. إن رفع الأجور هو أفضل وسيلة مرموقة للحفاظ على الهدوء في المملكة العربية السعودية. المقال من المصدر: اضغط هنا