في خضم اشتعال الأحداث السياسية في أمريكا، على خلفية إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، واعتراض النخبة السياسية والحزب الديمقراطي على هذا الإجراء والتلويح بمحاكمة الرئيس أمام الكونجرس، رشح ترامب أمس المساعد السابق للمدعي العام كريستوفر راي في منصب رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي، خلفا لكومي. ومن شأن هذا الترشيح، الذي من المنتظر أن يعرض على الكونجرس للموافقة عليه، أن يعيد الجدل حول مسألة إقالة كومي والاتهامات الموجهة لحملة الرئيس ترامب بالتعاون مع روسيا في الانتخابات الرئاسية الامريكية. وعن السيرة الذاتية نقلت صحيفة نيويورك تايمز أن راي «لعب دورًا محوريًّا بعد أحداث الهجمات الإرهابية 11 سبتمبر 2001»، مشيرة إلى أنه «قبل المشاركة في قيادة وزارة العدل كان المدعي العام الفيدرالي لمدينة أتلانتا»، أكبر مدن ولاية جورجيا. وكان يشغل راي منصب مساعد المدعي العام الفيدرالي عام 2005، ومؤخرًا أصبح شريكًا في مؤسسة «كينغ وسبالدينج» للقانون بواشنطن، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز، كما أنه كان مساعد المدعي العام السابق، والمشرف السابق على شعبة جنائية بوزارة العدل الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن. ويعد ترشيح ترامب لكريستوفر راي محاولة لانتزاع الثقة والمصداقية من قبل الرأي العام الأمريكي، في وقت اهتزت فيه صورة البيت الأبيض بعد حالة الجدل العارمة وبدء تحقيقات تتهم ترامب بالتورط في تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، حيث تقول وسائل إعلام كبرى إن الرأي العام يرى راي أنه آمن، وقد يندمج مع أسرة مكتب التحقيقات سريعًا، مع مخاوف عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذين يرون أن ترامب يسعى لإضعاف دورهم، أو تسييسه. وفي الوقت الذي باتت وظيفة رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي محفوفة بالسياسة على خلاف ما كان يجري سابقًا، أوضحت الصحيفة أن "راي ينظر إليه على أنه مقبول في أوساط موظفي مكتب إف بي آي، لأن له خلفية قوية في مجال إنفاذ القانون، وبين عامي 2003 و2005 كان يعمل بوزارة العدل، وأشرف على جهود التعامل مع فضائح الغش الكارثية التي أزعجت عالم الشركات". وخلال عمل راي في وزارة العدل، ساعد في معالجة فضائح احتيال الشركات، حيث كان عضوًا بارزًا في فريق مكافحة احتيال الشركات، وأشرف على تحقيقات كبيرة تتعلق بالنصب والاحتيال، من بينها قضية متعلقة بشركة "إنرون" العملاقة للطاقة، وأقال ترامب كومي من منصبه في ال10 من مايو الماضي، حيث أعلن البيت الأبيض أن «إقالة كومي جاءت بتوصية من المدعي العام، وأن ترامب متفق في الرأي مع وزارة العدل بأن كومي غير قادر على قيادة المكتب بشكل فعال». وكان راي المحامي السابق لحاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي والذي أثار جدلًا واسعًا بسبب فضيحة تورط فيها مقربون له فيما يعرف ب«حادث جسر واشنطن»، الذي أدينوا فيه عام 2013، وترافع راي عن المتهم في هذه القضية المثيرة للجدل، إلا أن ترامب كثيرًا ما يدافع عنه، حيث وصفه قبل ذلك في تغريدة له عبر تويتر، ب«الرجل الذي لا تشوبه شائبة». ويأتي ترشيح راي بعد يوم واحد من إدلاء كومي بشهادته حول «محاولات ترامب لثنيه عن استكمال التحقيقات الجارية في المكتب حول مزاعم تورط مستشار الأمن القومي في اتصالات مع روسيا»، حيث أثارت تصريحات كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) السابق الكثير من الارتباك داخل الإدارة الامريكية، لاسيما مع تأكيد أن ترامب طلب منه إيقاف التحقيق حول مستشاره مايكل فلين وعلاقته بروسيا المتهمة بالتدخل في الانتخابات الرئاسية. وكتب كومي أن الرئيس الأمريكي تحدث عن التحقيق حول مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومي، وقال «آمل أنك ستتمكن من إيجاد طريقة لإيقاف هذا، لترك فلين وشأنه، إنه رجل صالح»، وأضاف في البيان الذي يسبق مثوله أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الخميس "لقد فهمت أن الرئيس يطلب مني إيقاف أي تحقيق حول فلين وعلاقته بالتصريحات الزائفة حول محادثاته مع السفير الروسي في ديسمبر». ويبدو أن الرئيس الأمريكي في موقف محرج جدًّا في الفترة الأخيرة، بعد تسريب هذه المعلومات الحساسة من جانب جيمس كومي، وهو ما دعاه لتعيين مدير مكتب فيدرالي جديد مقبول أمام الرأي في أسرع وقت؛ لتحسين صورة البيت الأبيض.