اختار تنظيم داعش الإرهابي للمرة الأول منذ نشأته الجمهورية الإيرانية لتنفيذ تفجيرين في العاصمة طهران، الأول استهدف مجلس الشورى الإيراني، حيث قام 3 مسلحين باقتحام مجمع مجلس الشورى من مدخله الشمالي، وأطلقوا النار من رشاشات ومسدس على رجال الأمن في أحد أروقة المجلس، وذلك على هامش الجلسة العلنية لمجلس الشورى المنعقدة، اليوم الأربعاء، لتتدخل القوات الأمنية الإيرانية الخاصة وتقتحم البرلمان. تضاربت الأنباء حول ما إذا كانت السلطات الأمنية الإيرانية قد تمكنت من إنهاء الموقف والسيطرة على الأوضاع هناك من عدمه، كما تضاربت الأنباء حول عدد القتلى أيضًا، وقالت بعض التقارير إن إطلاق النار لا يزال مستمرا داخل أروقة المجلس، فيما ذكرت أخرى أن الأمن تمكن من تطويق مباني المجلس وأنهى هذه الحالة العبثية، لتذكر ثالثة أن مطلقي النار مطوقون لكن لم يتم توقيفهم بعد. في الوقت نفسه قالت وكالة "تسنيم"، إن ما يزيد عن 9 أشخاص قتلوا حتى الآن في الهجوم على البرلمان وأصيب 33 آخرين، وهناك أنباء تفيد بأن الإرهابيين يحتجزون 4 أشخاص كرهائن في أحد طوابق مبنى البرلمان، ولم تؤكد مصادر أمنية ورسمية هذه الحصيلة حتى الآن، وحسب تقارير إعلامية أخرى فقد تمت محاصرة المسلحين في مكاتب ديوان البرلمان، لكن أحدهم تمكن من الفرار من المبنى وبدأ بإطلاق النار في أحد الشوارع المجاورة. على وقع تفجير مجلس الشورى، وعلى مسافة لا تزيد عن 20 كيلومترًا من البرلمان، استهدف تفجير آخر ضريح زعيم الثورة الإيرانية، آية الله الخميني، وقال رئيس العلاقات العامة في الموقع علي خليلي، إن مسلحًا دخل من الباب الغربي للضريح وفتح النار على الزائرين بالداخل، قبل أن يفجر السترة الناسفة التي كان يرتديها، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 5 آخرين، فيما أبطلت قوات الأمن مفعول قنبلة أخرى تواجدت داخل الضريح، وقال حاكم طهران، إن امرأة هي التي نفذت التفجير الانتحاري، فيما قتل مهاجم آخر برصاص الأمن وتم اعتقال مهاجمين آخرين، وأضاف أن الهجوم أسفر عن مقتل عامل كان يعمل في الحديقة المحيطة بالمرقد، بالإضافة إلى إصابة عدد من الزائرين الآخرين. في الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، عن بدء التحقيق في حادثي إطلاق النار في مدخل مجلس الشورى ومرقد الإمام الخميني، خرج تنظيم "داعش" الإرهابي ليتبنى التفجيرات رسميًا عبر وكالته "أعماق"، حيث أعلن المسؤولية عن الهجمات في طهران. تهديدات سابقة تأتي هذه الهجمات المفاجئة والأولى من نوعها، بعد ما يقرب من 3 أشهر من توجيه تنظيم "داعش" أول تهديد بمهاجمة إيران عبر شريط فيديو باللغة الفارسية، في منتصف مارس الماضي، معلنًا تشكيل قوة عسكرية مكلفة باستهداف المؤسسات الإيرانية، حيث بث التنظيم مقطع فيديو تصل مدته إلى 36 دقيقة، بعنوان "بلاد فارس بين الماضي والحاضر"، تضمن تهديدات بمهاجمة إيران، متهمًا نظامها بمطاردة واضطهاد المسلمين السنة، كما عرض "داعش" حينها مشاهد لأفراد تلك القوة العسكرية التي تحدث عن تشكيلها وأسماها "كتائب سلمان الفارسي"، أثناء تدريبهم على الرماية في محافظة ديالى شرق العراق، وأعلن التنظيم أن حربه على إيران قد بدأت، وأنها ستعتمد في المقام الأول على عمليات انتحارية، وتحدث في الفيديو 3 عناصر إيرانيين من الجماعة هم "أبو الفاروق الفارسي، أبو مجاهد البلوشي، أبو سعد الأهوازي"، وبعد استعراض لتاريخ بلاد فارس، دعا التنظيم الإيرانيين في طهران وأصفهان وقم وغيرها إلى مهاجمة الحوزات. عقاب داعشي ربط بعض المراقبين بين التفجيرات الإيرانية الأخيرة وعمليات الجيش العراقي والحشد الشعبي في الموصل وعلى الحدود العراقية السورية، حيث قطع الجيش العراقي بمساندة الحشد الشعبي أشواطا طويلة في طريق تحرير الموصل، حتى إن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، أكد أن اليومين المقبلين سيشهدان انتهاء العمليات العسكرية وتحرير كامل منطقة غرب الموصل والإعلان عن تحرير هذه المنطقة بالكامل باستثناء قضاء تلعفر، مشيرًا إلى أن قوات الحشد بانتظار أوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، لاقتحام تلعفر وتحريرها. في الوقت نفسه عملت قوات الحشد الشعبي خلال الفترة الأخيرة على تأمين كامل الحدود العراقية السورية، حيث أكد عسكريين عراقيين أن الحدود السورية العراقية أصبحت مؤمنة بالكامل، فبعضها يخضع لسيطرة الحشد والبعض الآخر يخضع لسيطرة الكرد السوريين، الأمر الذي جعل داعش مُحاصرة داخل العراق بعد أن فقدت منافذ الهروب على الحدود السورية العراقية، فاختارت الدخول إلى إيران من حدودها مع العراق، وتنفيذ تفجيرات إرهابية كمحاولة لمعاقبة طهران لدعمها مكافحة التنظيم الإرهابي في سورياوالعراق منذ سنوات، من خلال حزب الله في الأولى والحشد الشعبي في الثانية، حيث يعتبر تنظيم "داعش" إيران هي المسؤول الأول عن إخفاقاته العسكرية وانهياره في سورياوالعراق. هل بدأت مهام "الناتو العربي الأمريكي"؟ باتت واضحة أهداف زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأخيرة إلى السعودية، والتي يمكن حصرها وبلورتها في الضغط على إيران وتحجيم نفوذها، حتى إن كان ذلك على حساب حلفاء وأشقاء عرب ومسلمين، ويبدو أن ترامب يريد أن يقطف الثمار الأولى لهذه الزيارة سريعًا، حيث دفع ملوك وأمراء الخليج للعمل على تحقيق هذه الأهداف سريعًا ودون تلكؤ، وهو ما ظهر في الحملة الإعلامية المستعرة التي شنتها السعودية والإمارات والبحرين على قطر بعد أيام من مغادرة "ترامب" الأراضي السعودية، وما تبعها من قطع العلاقات البحرينية والسعودية والإماراتية والمصرية والليبية والموريتانية واليمنية بالدوحة، لتظهر بعد ذلك جهود الوساطة الكويتية وتبدأ السعودية والإمارات، في طرح شروطهما لعودة قطر من عزلتها، التي هي في الحقيقة أوامر صهيوأمريكية. بعد أن تلقت قطر نصيبها من العقاب الأمريكي الذي تنفذه الدمى الخليجية، وصفى هذا التحالف حساباته مع الدوحة، جاء الدور لتصفية الحسابات مع حركة حماس، التي تمثل شوكة في حلق الكيان الصهيوني وتقف عقبه في طريق تحقيق طموحاته في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث طالت قطر بعض الإجراءات العقابية أيضًا، والتي ظهرت في الشروط الخليجية التى أملتها السعودية والإمارات على قطر، والمتمثلة في التخلي عن دعم قيادات حركة حماس سياسيًا واقتصاديًا، وهو ما أكدته تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أمس الثلاثاء، حيث هاجم بلهجة لاذعة حركة حماس، قائلًا إن إلحاق الضرر بقطر ليس هدف المملكة العربية السعودية، ولكن عليها أن تتخذ خيارًا وتختار طريقها، كما شدد الوزير السعودى على هامش زيارته إلى العاصمة الفرنسية باريس، على ضرورة أن تتوقف قطر عن دعم جماعات مثل حماس والإخوان، قائلا: "لقد طفح الكيل من السياسات القطرية"، وأضاف الجبير، أنه يعتقد أن تكلفة الإجراءات الاقتصادية التى اتخذت ضد قطر كفيلة بإقناعها باتخاذ الخطوات الصحيحة. قائمة الأوامر الأمريكية الموجودة لدى السعودية لم تنته عند هذا الحد، بل جاء الدور على الفزاعة الإيرانية الكبرى، التي تشكل العدو اللدود للناتو العربي بقيادة السعودية والإمارات، وبدعم ومساندة وضوء أخضر من أمريكا وإسرائيل، حيث ربطت بعض التقارير بين التفجيرات الأخيرة في طهران وتغريدة نشرها وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، صباح اليوم الأربعاء، وقبل ساعات من وقوع التفجيرات الإيرانية، حيث قال: "يجب معاقبة طهران بسبب تدخلها ودعمها للإرهاب في المنطقة"، حيث أرجع البعض هذه التفجيرات إلى تحقيق دعوة الجبير وحلفائه بمعاقبة إيران. كذلك جرى ربط التفجيرات بتصريحات نائب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، التي أطلقها الشهر الماضي مهددًا بنقل المعركة داخل إيران، حيث قال "محمد بن سلمان": لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية.