اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن توسع الدرع الصاروخية الأمريكية يهدد بعودة سباق التسلح، وقال خلال المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ إن تعزيز قدرات بلاده العسكرية في الشرق الأقصى ومناطق أخرى سببه اقتراب الناتو من حدودها، مؤكدًا استعداد بلاده لتزويد تركيا بصواريخ إس-400. المنتدى الاقتصادي والرسائل السياسية منتدى سان بطرسبرغ الذي انطلقت فعالياته بحضور أكثر من 8 آلاف مشارك يعد من أكبر المؤتمرات الاقتصادية الدولية، كما أنه يجمع سياسيين بارزين من دول عديدة ما يمكنهم من بحث ملفات إقليمية ودولية مختلفة. الرئيس فلاديمير بوتين وخلال اجتماعه مع رؤساء وكالات الأخبار العالمية تطرق إلى موضوع نشر الدرع الصاروخية الأمريكية ذاكرًا أنه لم تعد هناك ضرورة لتوسيعها في أوروبا بعد الاتفاق النووي الإيراني وقال بوتين "عندما تحدثنا عن منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا، قالوا لنا إنها لمواجهة تهديد البرنامج النووي الإيراني، الآن وقع اتفاق مع إيران ولم يعد هناك أي تهديد، المجتمع الدولي اتفق على فرض رقابة على إيران، ومع ذلك يجري التسريع في تشييد الدرع، الآن أنا فقط من يتحدث عن ذلك والمجتمع الدولي صامت وكأنه لا يفهم ما يجري مع أنهم يفهمون هذا تمامًا" وأضاف "لماذا الصمت؟ ولماذا يسكت الإعلام عن ذلك؟ الوضع يتدهور، وهذا يدفع بوضوح إلى سباقٍ لتسلح". تفنيدات بوتين تشير بوضوح إلى أن الدرع الصاروخية لم تكن موجهة إلى إيران ولا حتى كوريا الشمالية فحسب، بل إلى موسكو. وهنا نجد أن سباق التسلح يعود مجددًا إلى المشهد السياسي وفق بوتين، لأن على روسيا الرد على التحركات الأمريكية، لا سيما توسيع الدرع الصاروخية شرقًا، وذلك لتأمين حدود روسيا، وفي هذا السياق قال بوتين "لسنا من بادر إلى تعزيز القدرات العسكرية في الشرق الأقصى، وبالتحديد في جزر الكوريل، ولا في مناطق أوروبا الأخرى. إن قواعد الناتو تقترب من حدودنا الغربية وبنيتها التحتية تقترب وعدد عناصرها في ازدياد، هل سنقف مكتوفي الأيدي أمام ذلك؟، لا طبعًا نحن تصرفنا تبعًا لذلك". تحدث بوتين أيضَا عن موضوع الحملة السياسية الغربية ضد بلاده، مؤكدًا أن هدفها قمع روسيا، وأن العقوبات وسيلة لتحقيق ذلك، لكنها غير فعالة. وحول هذه النقطة يرى الكاتب والإعلامي الأمريكي مارتن سمرز، أن الغرب يحاول شيطنة الدولة الروسية والشعب الروسي، وأن استعراض السياسية الروسية في الغرب ذو بعد واحد، "فهم لا يدركون تعددية السياسات الروسية، فروسيا المعاصرة هي مجتمع ديمقراطي يتصف بالتعددية، لكنك لن تعرف ذلك من وسائل الإعلام الغربية إذ تظهر روسيا كشكلٍ من أشكال الديكتاتورية البحتة، ومثل هذه الدعاية بالتأكيد تقوض السلم العالمي". ملفات عديدة حملها المشاركون في منتدى سان بطرسبرغ، ويشير الخبراء إلى أن من أهم إنجازات المنتدى الاقتصادي حتى الآن، حضور سياسيين من أكثر من 60 دولة إلى جانب ممثلين عن 500 شركة أجنبية، وهو الأمر الذي يدل على فشل سياسة عزل روسيا التي تحاول بعض الدول الغربية تحقيقها. درع واشنطن الصاروخية أسئلة كثيرة تطرح حول فعالية الدرع الصاروخية الأمريكية والدور الذي تقوم به فيما يعتبر البعض أن الغرض من هذه المنظومة هو تحقيق أهداف استراتيجية أبعد من المعلن، حيث تواصل الولاياتالمتحدة مشروع نشر منظومتها للدفاع الصاروخي في أوروبا وآسيا، بالرغم من معارضة روسياوالصين لذلك، فموسكو تعتبر أن المنظومة موجهة ضدها، فيما ترى الصين في الصواريخ الأمريكية التي نشرت في كوريا الجنوبية تهديدًا لأمنها، فيما تصر واشنطن على حجتها في أن الهدف من المنظومة هو اعتراض صواريخ يمكن أن تطلق نحوها من إيران أو كوريا الشمالية، وذلك بالرغم من إبرام الاتفاق النووي مع طهران والتي لا تمتلك صواريخ قادرة على استهداف الولاياتالمتحدة وفق المعلن. الدرع الصاروخية الأمريكية تضم منظومات عدة لاعتراض الصواريخ البالستية ضمن أي نقطة في الأراضي الروسية، كما أن المنظومة تستطيع إسقاط الأقمار الصناعية في مداراتها حول الأرض، علاوةً على إمكانية استخدام منصات المنظومة لإطلاق صواريخ هجومية. وأبرز مكونات المنظومة الأمريكية هي المنظومة الأرضية والتي تتمركز في ألاسكا وكاليفورنيا، والمنظومة المضادة للصواريخ والتي تستخدم صواريخ اعتراضية من طراز إس إم3، هذا وتمتلك البحرية الأمريكية وفق مصادر إعلامية ما لا يقل عن 26 سفينة على الأقل مزودة بهذه المنظومة وتنتشر في المحيط الهادئ والبحر المتوسط، كما ونشرت المنظومة في رومانيا، ويجري العمل على نشرها في بولندا. منظومة ثاد وهي منظومة متحركة نشرتها واشنطن مؤخرًا في كوريا الجنوبية، كما تعتزم نشرها في اليابان أيضًا، كما تم نشر المنظومة أيضًا في جزر بالمحيط الهادئ. وبالنسبة لمنظومة باتريوت تنتشر هذه الصواريخ في مناطق عدة منها، ألمانيا وبولندا، كما تعتبر الرادارات جزءا لا يتجزأ من هذه المنظومات وتنتشر في العديد من الدول الأوروبية والمحيط الهادئ أيضًا. منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية وبحسب مراقبين ستكتمل بحلول 2020، وحينها ستتمكن واشنطن من التصدي لأي هجمات صاروخية ضدها، إلا أن ذلك حسب خبراء عسكريين لن يردعها بالمقابل عن استهداف الآخرين بصواريخها، وهو ما يثير حفيظة موسكو وبكين، كونه يهدد الأمن الدولي الذي استند لعقود طويلة على توازن الردع النووي، وقد يدفع بالتالي إلى سباق تسلح جديد عبر تطوير أسلحة وصواريخ قادرة على اختراق الدرع الأمريكية.