عرف الشيخ سيد محمد النقشبندي ب«أستاذ المداحين»، وارتبط ذكره بشهر رمضان، ويعد من أشهر المبتهلين في تاريخ الإنشاد الديني، وكان يتمتع بصوت عذب، جعل الناس يرددون ابتهالاته في خشوع، ولقب ب«الصوت الخاشع» و«الكروان»، وكلمة «نقشبندي» تعني في اللغة العربية نقش حب الله على القلب، وقال المسيقيون عنه: إنه أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات. ولد «النقشبندي» في حارة الشقيقة بقرية دميرة، محافظة الدقهلية عام 1920، ثم انتقل بعد ذلك مع أسرته إلى طهطا في جنوب الصعيد، وحفظ القرآن على يد الشيخ أحمد خليل، في الثامنة من عمره، وعرف الإنشاد الديني في حلقات الذكر التي كانت تقام بطهطا لمريدي الطريقة النقشبندية، وجده هو الشيخ محمد بهاء الدين النقشبندي الذى جاء من ولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر الشريف، ووالده أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية، وكان يتردد على مولد أبو الحجاج الأقصري وعبد الرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي، وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض. عالم الشهرة ولم يستقر طويلًا في طهطا، فانتقل النقشبندي إلى مدينة طنطا عام 1955 ليدخل عالم الشهرة، حيث ذاع صيته واشتهر على مستوى محافظات مصر والدول العربية، وكان يسافر إلى حلب وحماة ودمشق لإحياء الليالي الدينية، كما زار عددًا من البلدان العربية والدول الإفريقية والآسيوية. صدفة الإذاعة كان الشيخ النقشبندي يجلس في إحدى المرات بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة، والتقى بالإذاعي أحمد فراج عن طريق الصدفة، وسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج «في رحاب الله» عام 1966، ليكون البرنامج بمثابة الانطلاقة في الإذاعة؛ فسجل بعد ذلك العديد من الأدعية الدينية لبرنامج «دعاء» الذي كان يذاع يوميًّا عقب آذان المغرب. كما شارك أيضًا في برنامج «نور الأسماء الحسنى» وبرنامج «الباحث عن الحقيقة» الذي كانت تدور قصته حول الصحابي سلمان الفارسي، وعمل بعد ذلك مع أبرز شخصيات هذا الجيل، وهم محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وأحمد صدقي وحلمي أمين، فلحنوا له العديد من الابتهالات الدينية. سجل النقشبندي العديد من الابتهالات، أبرزها: «جل الإله، أقول أُمتي، أي سلوي، أنت في عين قلبي، يارب دموعنا، حشودنا تدعوك، بدر الكبرى، ربنا، ليلة القدر، أيها الساهر، سبحانك يا رب، رسولك المختار، مولاي، يارب إن عظمت ذنوبي، النفس تشكو، ربّ هب لي هدى». قال عنه الدكتور مصطفى محمود في برنامجه «العلم والإيمان»: «إنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد»، وكان يقول خبراء الأصوات على النقشبندي إنه يمتلك صوتًا به ثماني طبقات، وإن صوته يتأرجح ما بين الميترو سوبرانو والسبرانو. وفي 14 فبراير 1976 توفى الشيخ سيد محمد النقشبندي إثر نوبة قلبية، تاركًا من خلفه ثروة من الأناشيد والابتهالات للإذاعة، إلى جانب بعض التلاوات القرآنية.