مازال الشيخ سيد النقشبندي إحدى العلامات المميزة لشهر رمضان، فمنذ انتشار إذاعة القرآن الكريم ستينيات القرن الماضي وصوته يأتي عذبًا رقيقًا مؤنسًا في ليالي الشهر الكريم، يحنو على الروح ويهدهد الوجدان ويذكر المسلمين بتاريخهم الوضيء عبر مساحات إبداعية من الإنشاد والابتهال. اتسم الشيخ سيد النقشبندي بقدرته العالية على تحقيق صفات الحروف التي تعد وحدها نغما يضاف إلى نغم حنجرته الصافية التي تنثر عطر الإيمان في قلوب مستمعية وآذانهم، ما جعل البعض يصفه بالكرون والصوت الخاشع. ولد الشيخ سيد النقشبندي بقرية دميرة بمركز طلخا محافظة الدقهلية، عام 1920م، لم يمكث في قريته (دميرة) طويلاً، حيث انتقلت أسرته إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره. وفي طهطا حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ أحمد خليل، وكان يتردد على مولد أبو الحجاج الأقصري وعبدالرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي، وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض. استقر بمدينة طنطا عام 1955 وذاعت شهرته في محافظات مصر والدول العربية، فسافر إلى حلب وحماة ودمشق لإحياء الليالي الدينية هناك، كما زار أبوظبي والأردن واليمن وإندونسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الإفريقية والآسيوية، وأدى فريضة الحج خمس أثناء خلال زيارته للسعودية. ويعد عام 1966 عاما فارقا في مسيرة الشيخ وتقديمه للجماهير عبر تسجيلات إذاعية حفظت صوته وإبداعة على مدى مر العصور، ففي هذا العام 1966 التقى الشيخ مصادفة بالإذاعي أحمد فراج بمسجد الإمام الحسين فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج في رحاب الله ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء" الذي كان يذاع يوميا عقب أذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التليفزيوني في نور الأسماء الحسنى وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة والذي يحكي قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الابتهالات الدينية التي لحنها محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وأحمد صدقي وحلمي أمين. وصفه الدكتور مصطفى محمود رحمه الله في برنامج العالم والإيمان الذي كان يقدمه في ثمانينات القرن العشرين بقوله (إنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد) وقد أجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ الجليل من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني فصوته مكون من ثماني طبقات، وكان يقول الجواب وجواب الجواب وجواب جواب الجواب، وصوته يتأرجح ما بين الميترو سوبرانو والسبرانو. توفي الشيخ يوم 14 فبراير عام 1976م، بعدما ترك للإذاعة ثروة من الأناشيد والابتهالات، إلى جانب بعض التلاوات القرآنية المميزة.