كتب وسام حسين محمد الحسيني جمال عبد المجيد أحمد الأنصاري: لم يقف أبناء الصعيد مكتوفي الأيدي أمام ارتفاع أسعار فوانيس رمضان هذا العام، التي زاد ثمن الصغير منها عن الأربعين جنيهًا، والكبير وصل لنحو مائة وعشرين، بينما تخطى فانوس الشارع الستمائة جنيه، الأمر الذي دفع عشرات العاملين بمجال التصنيع لاسترجاع صنعتهم، والبدء في تصميم وتصنيع الفوانيس الصفيح والخشب، بعد اختفائها نسبيًّا في آخر عشر سنوات. ورغم ارتفاع المواد الخام لتصنيع الفوانيس، وما تستهلكه من جهد ووقت طويل، إلَّا أن صناعة الفوانيس المصرية ازدهرت مؤخرًا وعادت للحياة، تحت سيطرة أسمائها القديمة «أبو شمعة وأبو عرق وفانوس الحبيبة». ففي محافظة بنى سويف نجد أشهر العاملين بصناعة الفوانيس الرمضانية، الأسطى محمد جودة، الذي يجلس في ورشته الصغيرة بشارع الديري بمدينة بني سويف، التي امتلكها هو وشقيقه حسن، وتعلما مهنة تصنيع الفانوس الصاج أبًّا عن جد منذ سنوات طويلة، مؤكدًا أن قرار الحكومة بمنع استيراد الفوانيس الصيني من الخارج للعام الثاني على التوالي، تسبب في رواج وانتشار الفوانيس المصرية مرة أخرى، ومن هنا بدأت عدة مناطق في العودة للتصنيع. وأكد جودة أنه رغم ظهور الفوانيس البلاستيك، وتنبوء الكثير باندثار مهنته، إلَّا أن الفوانيس المصرية مازالت تحتفظ برونقها، والمواطنون عرفوا وتأكدوا أن الفانوس المستورد غير مجدٍ وسريعًا ما ينكسر، ولا يتم تصليحه بعكس الفانوس المصري، الذي يكون أكثر صلابة ويسهل تصليحه، بالإضافة إلى سهولة وضع الشموع بداخله، وهو أمر محبب للكثيرين. وأكد صانع الفانوس الصاج، أنه يطور من نفسه وصنعته لإغراء المواطنين وإقبالهم عليه، إذ يستخدم بعض المواد مثل الزجاج والصفيح والقصدير، حيث يبدأ عمله بمراحل تقطيع الزجاج وتشريح «القبب» وتجفيفها ودهن الزجاج بالألوان، وقديمًا كانت تلك الأدوات رخيصة جدًّا، وحاليًا الاسعار أصبحت مرتفعة للغاية، فمثلًا لوح الصاج كان ب20 جنيهًا، وحاليًا يتراوح سعره ما بين 80 إلى 120 جنيهًا. واختتم جودة حديثه بأن المهنة ستستمر لأجيال أخرى، والأشكال والأنواع ستختلف بالتأكيد عن الوقت الحالي، مؤكدًا أن تلك الفوانيس تدل على الأصالة والهوية المصرية، ولن تختفي حتى لو اختفت نسبيًّا. وفي محافظة المنيا استحدث عدد من الشباب طرقًا جديدة لفانوس رمضان، لتكون بديلًا لتلك المستوردة، وفي الوقت ذاته أكثر جمالًا وتنفيذًا، إذ ظهر ما يعرف باسم «فانوس الأركت»، ويتم تصميمة بالخشب وبواسطة ماكينات الليزر، يمكن حفر أسماء الأشخاص على كل فانوس، وبداخله مصباح صغير للإنارة. يقول محمود رسمي، أحد العاملين بتصنيع الفانوس الأركت: جاءتني الفكرة بعد تخرجي من الكلية، حيث لا توجد وظائف حكومية حاليًا، فقررت أن استغل موهبتي في التصميم، واشتريت ماكينة صغيرة لتقطيع الأخشاب وزخرفتها، وهي أفضل طريقة لعمل الفوانيس الأركت، وبالفعل لاقت الفكرة استحسان العديد من المواطنين، مضيفًا أن أسعار تلك الفوانيس في متناول الجميع، كما تعد – الفوانيس الأركت – أكثر عملًا، مشيرًا إلى أن أبرز ما يمثلها هو تفريغ اسم الشخص على الفانوس أو اسم محبوبته، مما يدفع الكثير من المواطنين وخاصة الشباب في الإقبال عليها. واختتم صانع الفوانيس الأركت حديثه بأن أسعار تلك الفوانيس في متناول الجميع، وتبدأ من 30 جنيهًا تقريبًا، ويزيد السعر كلما كبر حجم الفانوس حسب إمكانيات كل مواطن، واشتهرت مناطق سكة تلة وشارع الحسيني التجاري وأسواق سمالوط وملوي، ببيع الفوانيس الخشبية في محاولة لتخفيض الأسعار وملاءمتها للجميع. وبالانتقال إلى محافظة سوهاج نجد رواج الفوانيس القماش بشكل كبير، إذ يتم تصنيع هيكلها من جريد النخيل، ووضعها في كسوة من القماش الملون المزخرف بعبارات رمضانية، ولاقت الفكرة استحسان الكثيرين؛ لارتفاع أسعار الفوانيس الأخرى، وتعد تلك الفوانيس والأخرى المصنوعة من الصاج أكثر الأنواع انتشارًا بمدن ومراكز محافظة سوهاج؛ بسبب انخفاض سعرها النسبي. وشهدت أسواق فوانيس رمضان في سوهاج هذا العام إقبالًا محدودًا من المواطنين، خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة لدى غالبية المواطنين، وتراوحت أسعار الفوانيس الصاج من 50 حتى 300 جنيه تدريجيًّا حسب الحجم، وحسب طلب الزبون، إذ تنتشر غالبية محال بيع الفوانيس بمناطق القيسارية الموجودة في غالبية المراكز والمدن بالمحافظة. وقال عبد العظيم عيسى أشهر بائع فوانيس بطما، إن أسعار الفوانيس هذا العام دفعت المواطنين لعدم شرائها والعزوف عنها، مضيفًا أن فانوس الصاج أسعاره 50 و100 و150 حتى 300 جنيه حد أقصى. كما شهدت منطقة القيسارية بأسيوط، وهي واحدة من أكبر المناطق التي تحتوي على المحال التجارية والورش المخصصة لتصنيع الفوانيس الخشبية التي تمتاز بالزركشات والنحت عليها بالآيات القرآنية، رواجًا كبيرًا، وتراوحت أسعارها بين 40 إلى 200 جنيه، أما الفوانيس الصغيرة على شكل ميدالية بدأت أسعارها من 5 جنيهات إلى 40 جنيهًا، حسب صناعته، والفوانيس الخشب اختلفت أسعارها من 75 إلى 300 جنيه، وفقًا لاختلاف الحجم والشكل والنقوش عليها. وقال يوسف محمد، صاحب محال وصانع فوانيس: زيادة سعر الدولار أدى إلى توقف الاستيراد هذا العام بالنسبة للفوانيس الصينية، ولجأ الكثيرون من أصحاب المحلات للشراء من ورش التصنيع والمصانع الصغيرة التي تعمل على التصنيع المحلي للفوانيس، ومنها فانوس الخيمية، كما انتشرت فوانيس الجندي المصري في عدد من المحلات الأخرى.