"صانع السعادة" البالغ الستين من عمره لا يزال في ورشته الصغيرة بشارع الديري بمحافظة بني سويف، يشكل ويلون الفانوس "أبو شمعة وأبو عرق".. عم حسن الفوانسجي، الذي يعمل بصناعة فوانيس رمضان، التي توارثها من أجداده، ما زال حريصًا على ممارستها، رغم انحصار بيعها خلال شهر واحد في السنة. "الفوانيس بتعبر عن التراث التاريخي لمصر، وتعلمت المهنة عن طريق والدي وجدي".. بهذه الكلمات بدأ عم حسن كمال جودة حديثه ل "البديل"، والذي اشتهر، إضافة إلى تميزه فى صناعة الفوانيس، بحبه للأطفال، مضيفًا أن "الاستمرار في ممارسة الحرفة يحتاج إلى صبر، على الرغم من الصعوبات التي تواجهنا من ضيق الرزق"، مشيرًا إلى أن الفوانيس البلاستيك كادت أن تقضي على المهنة، إلا أن فطنة المستهلك المصري فاضلت بين الأنواع المختلفة للفوانيس وفقًا للخامات المصنعه منها، وأيقنت أن الفانوس المستورد "بيتكسر"، ولا يتم تصليحه بعكس المصرى، وأننا "خسرنا كثيرًا عندما كان الاستيراد مفتوحًا، وحاليًّا نحن نعمل بصورة أحسن، بعد قرار منع الاستيراد من الخارج، ومصر أصل صناعة الفوانيس، وفي السنوات الماضية كانت هناك بركة عن الوقت الحالي في الأسعار، وما نعاني منه هو غلاء الأسعار". وعن مواد تصنيع الفانوس المحلي قال عم حسن إنها لا تخرج عن الزجاج والصفيح والقصدير، الذي يستخدم في اللحام، لافتًا إلى أن موسم صناعة الفوانيس يبدأ من المولد النبوى الشريف، وينتهي بحلول عيد الفطر المبارك، وأن عملية التصنيع تبدأ بتقطيع الزجاج، ثم تشريح "القبب" وتجفيفها ودهن الزجاج بالألوان. وقديمًا كانت تلك الأدوات رخيصة جدًّا، أما الآن فالأسعار أصبحت مرتفعة للغاية، فمثلًا لوح الصاج كان ب 3 جنيهات، وحاليًّا يتراوح سعره ما بين 65 و75 جنيهًا. وشدد صانع السعادة على أنه يجب على الدولة أن تهتم بصناعة الفوانيس كإحدى الصناعات التراثية ودعمها، كما حدث مع والده، عندما تم تعيينه بقصر ثقافة بني سويف، بعد تصنيعه فانوسًا مميزًا؛ ما أعطاه دعمًا ماديًّا ومعنويًّا واستقرارًا ودفعة قوية للاستمرار في المهنة. مؤكدًا أنه إذا تم تعميم ذلك بشكل أو بآخر، فسنضمن الحفاظ على التراث المصري من الاندثار، والمهنة ستستمر لأجيال وأجيال أخرى، وستختلف الأشكال والأنواع بالتأكيد عن الوقت الحالي.