انطلقت اليوم محادثات جنيف 6 بين الحكومة السورية والمعارضة، والتي تستمر لأربعة أيام فقط، وهذه المرة منع المبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، المؤتمرات الصحفية على الوفود المشاركة، وأبدت دمشق استعدادها بحسب نائب المبعوث الخاص، للتعاون البناء وفق القرار 2254، كما جددت الهيئة العليا للمعارضة موقفها المطالب ببدء عملية الانتقال السياسي. جنيف 6 جولة قصيرة من المحادثات "السورية-السورية" انطلقت في جنيف استنادًا إلى ما تم الاتفاق عليه في الجولتين الماضيتين، ولا سيما النقاش حول السلات الأربع بالتوازي والتساوي، والغوص بتفاصيل بعض ملفاتها، والتي تشمل تشكيل حكومة وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات في سوريا بإشراف أممي، وأخيرًا التركيز على محاربة الإرهاب، وأصر دي ميستورا على تنظيم هذه الجولة قبل بدء شهر رمضان المبارك ولو بأيام قليلة، وذلك للاستفادة من زخم التفاهمات التي تمت في آستانة، وإمكانية ترجمة إيجابياتها في المسار السياسي. وحول هذه النقطة قال المبعوث الأممي "هذا الاجتماع كان مُلحّا على ضوء تفاهمات آستانة، نحن وآستانة نعمل بالتوازي، وما تحقق هناك حظي بموافقة ثلاثة أطراف أساسية، وبما أننا نريد تراجعًا لأعمال العنف، نريد أن يسير مسارا جنيف وآستانة بالتوازي. إن أي تراجع لأعمال العنف لا يمكن أن يستمر أو يصمد إلا إذا كان هناك أفق سياسي، وهذا ما نسعى إليه"، وهنا كلام دي ميستورا بالربط بين جنيف وآستانة استفز بعض أطراف المعارضة، حيث قال عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية، جورج صبرا، إن تفاهمات آستانة غير كافية بالمرة لتكون انطلاقًا لمحادثات جنيف. من جهته نقل نائب المبعوث الأممي، رمزي عز الدين رمزي، عن المسؤولين الذين التقاهم في العاصمة السورية، استعداد دمشق للتعامل بشكل كامل مع المساعي الأممية استنادًا للقرار 2254، وقال "ما سمعته في دمشق أنهم سيتعاملون بشكل بناء مع أي من الاقتراحات التي نطرحها عليهم، هم ملتزمون بمسار جنيف، وقالوا إنهم يريدون أن يعملوا معنا عليه بموجب قرار مجلس الأمن، وهذا كان واضحًا للغاية في اجتماعاتي". شكل جديد للمفاوضات المبعوث الأممي وضع مسارًا مختلفًا لهذه الجولة من المحادثات، فاللقاءات ستكون في قاعات صغيرة لرفع مستوى الفاعلية، ومن دون مؤتمرات صحفية لا للأمم المتحدة ولا للوفود المشاركة، حيث يحاول دي مستورا تحويل محادثات جنيف إلى لقاءات مغلقة بعيدة عن الإعلام، حيث يعتقد أن إقفال العدسات أمام المتحاورين قد يساهم في تخفيف حدة المواقف. ويرى البعض أن هذا الترتيب البروتوكولي هو من العوامل المساعدة، وقد يكون شرطًا لازمًا، لكنه غير كافٍ، فالتقدم السياسي في المفاوضات يرتبط بالعديد من المحاور الأخرى، كمواقف الدول الإقليمية والعالمية. الميدان السوري.. ووفد الحكومة تشير التطورات الميدانية في سوريا، ولا سيما في دمشق، إلى مكاسب ميدانية للحكومة السورية، يراها باحثون بأنها ستترجم سياسيًّا في اتفاق جنيف. كما أن موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الداعي لوقف إطلاق النار للوصول إلى حل سياسي، من شأنه أن يؤسس إلى مرحلة جديدة، خاصة بعد تحرير القابون والتقدم في مختلف مناطق سوريا. فالقابون أصبح في عهدة الجيش السوري بعد 6 سنوات من الحرب الدامية في سوريا، وتبدو الحكومة السورية في موقف سياسي وعسكري مريح جدًّا عشية انعقاد الجولة السادسة من مباحثات جنيف، ولا سيما أن جنودها يتقدمون أيضًا في بادية الشام وريفي حماة وحمص. هذه التطورات تنبئ بإمكانية توسيع المناطق التي يشملها اتفاق آستانة بخصوص مناطق "تخفيض التوتر"، وهو ما تحدث عنه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خاصة أن دمشق ليست مشمولة في هذه المناطق، أو ربما يكون التوجه نحو إعادة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار، الأمر الذي لمح به الرئيس الروسي، الذي أكد أن التوصل لحل الأزمة السورية غير ممكن دون تثبيت نظام وقف إطلاق النار. موقف المعارضة السورية التطورات الميدانية في سوريا استدعت تحركًا من قبل هيئة التفاوض السورية التابعة لمنصة الرياض، فقد أعلنت تحفظها على اتفاقية مناطق تخفيض التوتر، داعية إلى وقف فوري شامل لإطلاق النار تنفيذًا لقرارات الأممالمتحدة. وتعاني وفود المعارضة من مجموعة من المعضلات، فمجموعة الرياض لديها استراتيجية تعطيل كما كان في الجولات السابقة، وهي تعاني من أزمات عديدة، فهناك أزمة هامة، وهي أننا أمام طبقة سياسية تتحدث عن الديمقراطية والحكم المدني، وفي نفس الوقت نحن أمام طبقة عسكرية مرتبطة بها، وهي طبقة تكفيرية تكفر الدولة الديمقراطية والمدنية وإلى ما هنالك، وبالتالي إذا سار سياسيو وفد المعارضة في المسار السياسي، فإن ذلك يعني بالضرورة تصادمًا مع أجنحتهم العسكرية، والمصنف بعضها على قوائم الإرهاب، وهذا ما لا تريد المعارضة الوصول إليه، وبالتالي يتبعون سياسة الهروب إلى الأمام بوضع شروط تعجيزية في مفاوضات جنيف، لا تتناسب حتى مع تمثيلهم الحقيقي على أرض الميدان السوري. من جهته زعم القيادي في جبهة جيش الإسلام، محمد علوش أن "ما جرى في القابون وبرزة هو غدر وخيانة من قبل النظام السوري، ويخالف الاتفاقية التي وقعتها الدول في آستانة"، وهنا يجب التنويه بأن دمشق خارج اتفاق مناطق تخفيض التوتر التي تقع فيها كل من القابون وبرزة. ويبدو أن التطورات الأخيرة ستنعكس على طاولة المحادثات في جنيف، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن خبراء غربيين في الملف السوري قولهم إن فصائل المعارضة لن تعد بديلًا سياسيًّا أو عسكريًّا عن الحكومة السورية، والتي لم تعد مهددة على الإطلاق، وليست بحاجة إلى تقديم أي تنازلات.