على الرغم من أن الدبلوماسية المصرية شهدت في الآونة الأخيرة مجموعة من التوافقات مع واشنطن، من خلال الزيارة التي قام بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والزيارة المصرية للمملكة السعودية؛ في محاولة لإعادة المياه إلى مجاريها وفقًا للرغبة الأمريكية، إلا أن ذلك لم يمنع واشنطن من تحريك بعض الملفات المصرية التي عمدت إدارة ترامب إلى تجاهلها قبل فترة، ومنها حقوق الإنسان والاقتصاد. الكونجرس والانقلاب على سياسات السيسي بالأمس أعربت وزارة الخارجية المصرية عن أسفها من تنظيم اللجنة الفرعية للاعتمادات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكية جلسة استماع بشأن مصر مؤخرًا، والتي شهدت مطالبات بإعادة النظر في المساعدات الأمريكية لمصر. وعبر بيان الخارجية المصرية عن "الأسف الشديد للمنهاجية والأسلوب الذي تم تنظيم تلك الجلسة به، والذي حاد بشكل فج عن النمط المعتاد لتنظيم مثل تلك الجلسات على مدار سنوات طويلة، الأمر الذي أدى إلى خروجها (الجلسة) بمثل هذا القدر من عدم الحيادية وتعمد القراءة السلبية للأوضاع في مصر". ولفت بيان الخارجية إلى أن الدعوة وجهت إلى ثلاثة مسؤولين سابقين "معروف عنهم توجهاتهم السلبية ضد الحكومة المصرية"، في إشارة إلى إليوت أبرامز، مسؤول سابق بإدارة جورج بوش الابن، وميشيل دون، مسؤولة سابقة بالخارجية الأمريكية، وتوم مالونيسكي، مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان في إدارة أوباما. وكان الكونجرس الأمريكي والذي يضم مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين قد اجتمع يوم الأربعاء الماضي لمناقشة توصيات "لجنة الاستماع" وهي اللجنة التي تتكون من ثلاثة عشر سيناتور انكبوا للاطلاع على تقرير بشأن مصر أعده مجموعة من الخبراء الأمريكيين الذين هم موضع انتقاد الخارجية المصرية. وتتكون لجنة الاستماع برئاسة السيناتور الجمهوري "ليندسي جراهام" من سبعة أعضاء جمهوريين وستة ديموقراطيين، وأدانت جلسة الاستماع الرئيس السيسي، وقالت إن نظام الأخير أسوأ أنظمة الدول النامية على مر التاريخ، حيث تمارس حكومته القمع بكافة أشكاله، ودعت اللجنة إلى وقف المساعدات الأمريكية المقدمة للحكومة المصرية أو خفضها إلى النصف على الأقل. وتعد الآراء الجديدة لجراهام الذي ترأس الجلسة انقلابًا على آرائه السابقة حيال السيسي، فقبل عام قال جراهام إن "السيسي الرجل الأنسب لقيادة مصر"، وبالأمس القريب أكد على أهمية أن تكون مصر ناجحة، لكن ليس معنى ذلك تبني الولاياتالمتحدة للسيسي وسجله المثير للجدل في مجال حقوق الإنسان دون انتقاد، لأن هذا الأمر يمكن أن يجعل من الصعب مساعدة مصر في إصلاح ما تعانيه من علل. التحول في موقف السيناتور الأمريكي من السيسي عزاه مراقبون إلى أن جرهام أصبح الآن من مقرري دفع النقود والمحفظة في جيبه هو وليست في جيب ترامب، وبما أنه أصبح تحت قبة الكونجرس، فهو يدرك أنه سيتحمل بذلك مسؤولية جسيمة أمام شريحة دافعي الضرائب من الشعب الأمريكي، وبالتالي لا مكان للمجاملات حسب توصيفهم. الإشارات الكونجرسية لمصر كان فيها الكثير من الغمز واللمز في قناة تخفيض المعونات الأمريكية لمصر، ويبدو أن هناك حالة من الاطمئنان الأمريكي على أن واشنطن حتى لو أوقفت معوناتها لمصر، فإن ذلك لن يؤثر على العلاقة بين القاهرة وتل أبيب، فهناك من السيناتورات الأعضاء في لجنة الاستماع من قالت إن تعاون السيسي مع إسرائيل لا يعتمد أصلًا على المعونة الأمريكية، في إشارة إلى توقف المعونات الأمريكية لمصر إبان ثورة 30 يونيو من إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما قبل أن يقرر استئنافها فيما بعد. وحول هذه النقطة قال جراهام إنه "بالرغم من أن نظام السيسي يتعاون مع إسرائيل على أعلى مستوى بشأن حصار غزة والتضييق على حماس، فالتقارير التي لدينا تقول بأن التعاون بين مصر وإسرائيل وصل لمرحلة متقدمة جدًّا، حتى إن الطائرات المصرية المقاتلة تخرج من مطارات إسرائيلية لتنفيذ هجمات بسيناء، إلا أن مصر تسير حاليًّا في طريق اللاديموقراطية والفشل والقمع، بما سيهدد اقتصادها ونظامها الحالي". تلويح الكونجرس بتخفيض المعونات واكبه أرضية إعلامية أمريكية تشير إلى نفس النقطة، حيث كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن وجود وثائق حساسة، تفيد برغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تخفيض مساعدات الولاياتالمتحدةالأمريكية للدول الخارجية، تنفيذًا لشعاره "أمريكا تأتي في المقدمة"، وأوضحت الوثيقة أن "مصر سوف يتم خفض المساعدات الموجهة إليها بحوالي 47% من 142 مليون دولار، إلى 75 مليون دولار". وحول مبلغ ال 600 مليون دولار المخصصة للجمعيات الأهلية في مصر، والتي يجمدها الرئيس السيسي لدى الخزانة الأمريكية رافضًا استلامها، قالت سيناتورة حضرت جلسة الاستماع بأن الواجب أن تذهب تلك الأموال للتونسيين أو اليمنيين بدل ذلك. ما دار في الكونجرس الأمريكي يثبت أن جهود النظام المصري لتحسين الصورة ذهبت أدراج الرياح، حيث تعاقدت المخابرات العامة المصرية شهر يناير الماضي مع شركتين أمريكيتين تعملان في مجال العلاقات العامة بهدف تحسين صورة مصر في الولاياتالمتحدة، حسبما أعلنت وزارة العدل الأمريكية، ويبلغ قيمة التعاقد 1.8 مليون دولار سنويًّا، ومن المفترض أن تساعد الشركتان الأمريكيتان الحكومة المصرية في "الترويج للشراكة الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة ولدور مصر في إدارة المخاطر الإقليمية وتسليط الضوء على التطورات الاقتصادية في البلاد وعرض جهودها فيما يخص المجتمع المدني". تدريبات مصرية مع أمريكا في البحر الأحمر أعلنت وزارة الدفاع المصرية، الأحد الماضي، بدء تدريبات مشتركة في البحر الأحمر، تشارك فيها وحدات من القوات البحرية المصرية والأمريكية باسم "تحية النسر 2017″، وبمشاركة ست دول بصفة "مراقب"، وهي: المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وباكستان والكويت وإيطاليا. وتأتي التدريبات المشتركة بعد أيام من اجتماع وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، في مصر بالرئيس السيسي، في أول زيارة يقوم بها للقاهرة منذ توليه المنصب. وأكد السيسي خلال الزيارة حرص مصر على أن تشهد العلاقات مع الولاياتالمتحدة "انطلاقة قوية" في ظل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. ابتهاج إسرائيلي بالتقارب المصري السعودي يوم الأحد الماضي استقبل الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، الرئيس السيسي، لدى وصوله إلى العاصمة الرياض، وتهدف الزيارة التي تمت تحت رعاية ترامب إلى إزالة التوتر في العلاقات بين القاهرةوالرياض، والذي بدأ يطفو إلى السطح في أكتوبر الماضي. ويبدو أن الكيان الصهيوني كان يترقب هذه الزيارة، وهو الأمر الذي انعكس في وسائل الإعلام العبرية، حيث كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن أن هناك فرحة كبيرة في إسرائيل، لتقارب مصر والسعودية مجددًا، بعد فترة من التوتر في علاقات البلدين. وقالت الصحيفة إن "التوتر بين مصر والسعودية جعل إسرائيل أيضًا ممزقة بينهما، لأنها من ناحية تساند الموقف السعودي المتمثل في أن إيران تمثل تهديدًا استراتيجيًّا خطيرًا على المنطقة ككل، ومن ناحية أخرى، ترتبط أيضًا بعلاقات استراتيجية مع مصر تتضمن معاهدة سلام، وعداء مشتركًا لحماس في غزة، وفرع تنظيم داعش في سيناء". ولم تكشف الصحف العبرية ما إذا كان التقارب المصري السعودي سيصب في صالح إسرائيل تجاه ملف جزيرتي تيران وصنافير. توتر مع السودان فصول جديدة من التوتر تضاف إلى مجموعة التوترات مع هذا البلد الشقيق، فبعد مشاكل حلايب وشلاتين وسد النهضة ونظام التأشيرات وتعثر دخول البضائع المصرية للسودان، والاتهامات المتبادلة بين الأجهزة الأمنية لكلا البلدين في تدخل كل بلد في سياسة الآخر، نجد أزمة صحفية جديدة طفت على السطح، حيث استنكر الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بشدة استمرار احتجاز المخابرات المصرية صحفيّين سودانيين في مطار القاهرة، ومنعهم من الدخول إلى مصر، وطالب الاتحاد في بيان له الحكومة السودانية بإعمال مبدأ المعاملة بالمثل بطرد جميع الممثليات الإعلامية والصحفية المصرية الرسمية والخاصة من السودان، ومنع دخول المطبوعات المصرية، وأعلن تبرؤه من تبني أو التوقيع على أي ميثاق شرف مشترك مع الإعلام المصري إلى حين استعادة الطرف الآخر رشده. ويبدو أن زيارة وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، للسودان، والتي جرت الأسبوع الماضي لم تستطع تلطيف الأجواء بين القاهرة والخرطوم.