تشهد محافظة أسيوط اليوم 18 أبريل اليعد القومي لها؛ تخليدًا لذكرى ثورة أهالي قرية بني عدي، التي تقع على طرف الصحراء الغربية لمركز منفلوط على الطريق المؤدي إلى الوادي الجديد. في 18 أبريل 1799 اندلعت ثورة أهالي بني عدي ضد الفرنسيين تحت قيادة الشيخ حسن الخطيب، وكان أهلها يرسلون جماعات منهم إلى النيل لمهاجمة السفن الفرنسية، فقد اجتمع فيها ما يزيد على ثلاثة آلاف من الأهالي تحت زعامة الشيخ حسن الخطيب، والشيخ محمد المغربي والشيخ أبو العدوي، وانضم إليهم 450 من الأعراب المصريين، و300 من المماليك، وقد سار إليهم الجنرال دافو بجنوده قاصدًا بني عدي للاستيلاء عليها، فلما وصل إليها وجد الأهالي جميعًا يحملون السلاح. وتلقى الأهالي هجمات الجيش الفرنسي، واشتبك الفريقان في معركة حامية دارت رحاها في طرقات بني عدي، وفي بيوتها التي حصنها الأهالي، وجعلوا منها شبه قلاع، وانتهت المعركة بعجز الفرنسيين عن الاستيلاء على القرية بسبب مقاومة الأهالي، فلجأ الفرنسيون إلى وسيلة الحريق فأضرموا النار في بيوت القرية، فأصبحت البلده شعلة من النار، وبهذه الوسيلة نجح الفرنسيون في الدخول إلى بني عدي بعد أن أصبحت رمادًا، واحتل الجنود الفرنسيون ما بقي من بيوت القرية، وسلبوا ونهبوا كل ما وصلت إليه أيديهم من أموال وكنوز. وتعد قرية بني عدي، التابعة لمركز منفلوط، الشاهد على تلك الأحداث؛ لما تحويه من أضرحة ومقابر لشهداء المعركة وساحة القتال التى عرفت باسم «القارة» والتى مازالت متواجدة بها بعض بقايا المعركة. ويقول محمد حسن، حفيد الشيخ أحمد حُمان خطيب المقاومة: قرأت وحكوا لي أنه في الثامن عشر من أبريل 1799 جاء الفرنسيون ليحتلوا بني عدي ونهب ثرواتها وأموالها عن طريق النيل، فتصدى لهم أبناء القرية بالأسلحة البدائية البسيطة «عصي وشوم وأغطية الأواني وسكاكين»، ولما انهزم الفرنسيون أمام صمود وبسالة العدو، لجأوا إلى حيلة وهي الدوران خلف بني عدي عن طريق الجبل، واستوطنوا تبة عالية تسمى «السبع بنات»، وهي أعلى مكان خارج البلدة ويكشف القرية بمنازلها، وكانت بيوتنا وقتها بسيطة ومبنية بالطوب اللبن وعبارة عن دور واحد فقط، ونصبوا فوقها مدافعهم، وأخذوا في ضربنا بالنيران، حتى احترقت معظم القرية واستشهد حوالي 3 آلاف شهيد بها، وتم نهب ثرواتها. وذكر الشيخ محمد على مخلوف، في كتابة «تاريخ بني عدي»: يدور على ألسنة الناس ببني عدي إلى اليوم أن منارة مسجد العياط ببني عدي الهجرية أصيبت بقذيفة، وكذلك قبه ضريح الشيخ العياط، وأن مسجد الشيخ علي أبو صالح ببني عدي القبلية قد احترق وسقطت منارته في أثناء المعركة، وقتل المؤذن محمد عبد الخالق العدوي وهو فوقها، والمقبرة المجاورة لضريح الشيخ عبد النبي ببني عدي الوسطائية من الناحية القبلية تضم عددًا كبيرًا من شهداء الثورة، معظمهم من العلماء ومنهم العلامة الشيخ أحمد حماد العدوي والعلامة الشيخ حسن طايع العدوي. وتحدث المؤرخ على باشا مبارك عن عراقة أهل بني عدي: في زمن انتشار الفرنسيين في البلاد القبلية من مصر، وضربهم الأموال والكلف على أهالي تلك البلاد، امتنع اهالي بني عدي عن دفع المال، ورأوا في انفسهم الكثرة والقوة فحضرت إليهم حملة من عساكر الفرنسيين وضربوهم، فخرجوا عليهم وقاتلوهم، فركب عليهم الفرنسيون تلًّا عاليًا، وضربوا عليهم بالمدافع فاتلفوهم وأحرقوا جرونهم، ثم هجموا عليهم وأسرفوا في قتلهم ونهبوا وأخذوا شيئًا كثيرًا وأموالًا عظيمة وودائع كثيرة كانت عندهم، ولقد كان جهاد أبناء بني عدي كبيرًا وعظيمًا؛ لانها من القري التي انتشرت فيها الحركة الصوفية. وأكد الدكتور محمد عبد الحميد الحناوي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب، أن أول عيد قومي لأسيوط أقيم في عام 1966، حيث إن أهالي قرية بني عدي دافعوا عن البلاد بمختلف الطرق وبكل بسالة وقوة؛ مما اضطر الفرنسيين إلى استخدام أسلحتهم، وحرق الكثير من البيوت والمزروعات؛ مما نتج عنه سقوط الكثير من الشهداء، إلَّا أنهم لم يستسلموا لذلك الاستعمار الطاغي المستبد، ولم يهدأوا أو يستسلموا إلَّا بعد خروج الاحتلال الفرنسي من أسيوط. جدير بالذكر أن محافظة أسيوط ألغت احتفالات العيد القومي هذا العام؛ بسبب أحداث تفجيرات كنيستي طنطا والإسكندرية، حسب تصريحات المهندس ياسر الدسوقي، محافظ أسيوط.